42/05/21
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الصحیح و الاعم
إشکال و جواب
الإشکال
لا مجال للنزاع[1] أيضاً[2] ؛ إذ الصحيحيّ كالأعمّي من حيث التمسّك بالإطلاق؛ فيلغو النزاع مع عدم ترتّب الثمرة المهمّة. [3]
الجواب
قد مرّ مراراً أنّ مثله إنّما يلغو إذا كان الأمر كذلك في الجميع عند الجميع و إلّا فذهاب طائفة في طائفة من ألفاظ المعاملات في بعض الحالات إلى التمسّك بالإطلاق لايقلع مادّة النزاع و الشقاق. [4]
أقول: بناءً علی وضع الأسامي للمسبّبات، لا وجه للنزاع بین الصحیح و الأعمّ و لکن لوجود نوعین للصحیح- الصحیح الشرعيّ و الصحیح العقلائيّ- فهنا مسبّبان، المسبّب العقلائيّ و المسبّب الشرعي. إنّ المسبّب العقلائيّ قابل للاتّصاف بالصحّة الشرعیّة و عدمها، بخلاف المسبّب الشرعي، بل أمره دائر بین الوجود و العدم.
تذنیب: أسماء المعاملات إسم للأسباب أو للمسبّبات [5] أو لمتکن من قبيل الأسباب و المسبّبات؟
هنا أقوال:
القول الأوّل: أسماء المعاملات إسم للأسباب [6] [7] [8] [9]
أقول: یمکن أن یستدلّ علیه بأنّ ألفاظ المعاملات بمعناه المصدريّ الإیجاديّ یکون المراد منه إیجاد أسباب البیع و الصلح و أمثالهما؛ فإنّ التعبیرات مختلفة فقد یعبّر بصیغة الأمر؛ فالمراد به إیجاد أسبابها و قد یعبّر بصیغة الماضي (مثلاً) یقال «باع» فالمراد وقوع المسبّب. و هکذا لو کان المراد من البیع و الصلح و أمثالهما معناه الإسم المصدري؛ فالمراد به المسبّب الحاصل من المصدر. و لا فرق بینهما في جواز التمسّك بالإطلاق في الأدلّة، کما سیأتي مزید بیان لذلك.
القول الثاني: أسماء المعاملات إسم للمسبّبات[10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19]
قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «المطلقات الواردة في الكتاب و السنّة كلّها واردة في مقام إمضاء المسبّبات دون الأسباب، إلّا قوله - تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾[20] فإنّه يحتمل أن يكون وارداً في مقام إمضاء الأسباب العرفيّة و لكنّ التأمّل فيه يقتضي أن يكون هو أيضاً في مقام إمضاء المسبّبات؛ فإنّ لفظ العقود و إن كان ظاهراً في الأسباب إلّا أنّها بقرينة تعلّق وجوب الوفاء بها تكون ظاهرةً في المسبّبات؛ فإنّ الأسباب آنيّة الحصول و غير قابلة للبقاء حتّى تكون متعلّقةً لوجوب الوفاء؛ بل القابل هي المسبّبات التي لها نحو بقاء بعد انعدام أسبابها». [21]
قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «في مقام الإثبات، فالظاهر أنّ ألفاظ المعاملات موضوعة للمسبّبات، لا الأسباب». [22]
و قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «التحقيق في المسألة أنّ ألفاظ المعاملات لمتوضع للأسباب، بل الموضوع له فيها هي المسبّبات».[23]
الدلیلان علی القول الثاني
الدلیل الأوّل
إنّ الشارع لميستعمل هذه الألفاظ إلّا فيما يستعملها العرف فيها. و بعبارة أخرى: لفظ البيع أو الإجارة أو الرهن أو القرض أو الصلح أو الطلاق أو النكاح أو غير ذلك من العناوين التي نسمّيها بالمعاملات كلّها عناوين موجودة عند العرف و العقلاء؛ إذ عليها تدور معايش العباد و الشارع أمضى هذه العناوين بما لها من المعنى العرفي.
نعم، ربّما ينهى عن بعض أصنافها تخطئةً أو تخصيصاً. و لا شكّ في أنّ معاني هذه الألفاظ عند العرف عبارة عن نفس المسبّبات، فلايريد العرف من قوله: «بعت داري بكذا» أو «باع فلان داره بكذا» إلّا وقوع المبادلة بين داره و كذا من المال و هكذا لايفهم العرف من قوله: «صالحت الشيء الفلاني بكذا» إلّا وقوع المسالمة على مبادلة الشيء الفلاني بكذا و هكذا الحال في سائر العناوين.[24]
أقول: قد سبق أنّ التعبیرات مختلفة، فإذا عبّرنا بصیغة الماضي، فظاهر في المسبّبات، بخلاف ما إذا عبّرنا بصیغة الأمر. و هکذا ظهور المصدر في المعنی الإیجاديّ للأسباب، بخلاف إسم المصدر.