42/04/12
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات
الإشکالان علی الدلیل الثالث
الإشکال الأوّل
إنّ التقسيم إنّما يفيد كون المقسم مستعملاً في خصوص الأعمّ و مجرّد الاستعمال أعمّ من الحقيقة[1] [2] [3] ؛ لاستعماله في خصوص الصحيحة قطعاً.
و دعوى كون التقسيم ظاهراً في كون المقسم حقيقةً في الأعم، محلّ منع، سيّما إذا اشتهر استعماله في خصوص أحد القسمين. و كذا الحال فيما ذكر من التقييد و صحّة الاستثناء. و لايلزم كون الاستثناء منقطعاً إن قلنا بكونها موضوعةً للصحيحة، لتسليم دلالته على استعمال المستثنى منه في الأعم، إلّا أنّ مجرّد الاستعمال غير كافٍ في المقام.[4] [5]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
دفع الإشکال
إنّ وجود المقسم في الأقسام لابدّ أن يكون واقعاً و حقيقةً؛ لأن الأقسام من أفراد ذات المقسم و يصدق عليها صدق الطبيعيّ على أفراده، فلا وجه لاحتمال كونه أعمّ من الحقيقة، إلّا أن يكون أصل التقسيم مجازيّاً و المفروض في المقام خلافه.[6]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
الإشکال الثاني
إنّه إنّما يشهد على أنّها للأعم لو لمتكن هناك دلالة على كونها موضوعةً للصحيح و قد عرفتها فلابدّ أن يكون التقسيم بملاحظة ما يستعمل فيه اللفظ و لو بالعناية.[7]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
کما قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «إنّ صحّة التقسيم إنّما تستلزم عموم المراد من المقسم في مقام التقسيم و لاتكشف عن عموم المعنى الموضوع له».[8]
أقول: کلامه (حفظه الله) متین.
دفع الإشکال
قال المحقّق الداماد (رحمة الله): «إنّ التقسيم إلى الأمرين لابدّ و أن يكون بلحاظ جامع يعمّهما؛ فإنّ بدونه لايصحّ التقسيم و قد فرض[9] (قدس سره) عدم وجود جامع ذاتيّ بين الأمرين؛ فما ذا وقع مقسماً للقسمين و لحاظ الجامع العرضي، مثل عنوان ما يستعمل فيه اللفظ و لو بالعناية أو عنوان آخر؛ مضافاً إلى أنّه تكلّف بعيد غير صحيح؛ لعدم وجود العلاقة بين الموضوع له و بين هذا العنوان، كما لايخفى؛ فهذا دليل علي أنّ الملحوظ في المقسم هو الجامع بين الصحيح و السقيم و هو قرينة وجود الجامع. و بعد ثبوت أنّ المستعمل فيه ذلك يتمّ الاستدلال بالأصل المذكور، فتأمّل».[10]
أقول: قد سبق الجواب عنه في الملاحظات السابقة؛ فإنّ مجرّد الاستعمال لایدلّ علی الحقیقة؛ فإنّ الاستعمال في مقام التقسیم مع القرینة، حیث یصرّح بإرادة الأعمّ من الصحیح و الفاسد. و مع التصریح یخرج عن محلّ النزاع؛ فإنّ النزاع فیما لو کان الکلام مطلقاً بلا أيّ قرینة.
الدلیل الرابع: استعمال الصلاة و غيرها في غير واحد من الأخبار في الفاسدة [11] [12] [13] [14]
هو ما رواه الكلينيّ (رحمة الله) لأبان بن عثمان عن الفضل بن يسار عن أبي جعفر(ع) قال: «بني الإسلام على خمس: الصلاة و الزكاة و الحجّ و الصوم و الولاية و لميناد أحد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع و تركوا هذه؛ يعني الولاية». [15]
فإنّ الظاهر الواضح أنّ المراد بالأربع هو الأربع من الخمس. و التحقيق أنّ عبادة هؤلاء[16] فاسدة، كما دلّ عليه الأخبار و كلام الأصحاب؛ فالأخذ بالأربع على هذا الوجه لايمكن إلّا مع جعلها أسامي للأعم. و ذلك لاينافي كون المطلوب في نفس الأمر هو الصحيح و الاكتفاء في التسمية بالأعم، كما نشير إليه من أنّ التسمية عرفيّة و إن كان المسمّى شرعيّاً.
و من جملة ما ذكرنا[17] قوله (ع): «دعي الصلاة أيّام أقرائك».[18] فإنّ صيرورة الصلاة صحيحةً إنّما يكون بأن لاتكون في أيّام الحيض و التسمية بالصلاة إنّما كانت قبل هذا النهي و ليس المعنى أنّ الصلاة التي لاتكون في حال الحيض، اُتركيها في حال الحيض، بل المعنى: اُتركي الصلاة في حال الحيض. و ادّعاء أنّ التسمية و إثبات الشرط هنا قد حصلا بجعل واحد، يكذّبه الوجدان السليم؛ لتقدّم التسمية وضعاً و طبعاً.[19]
أقول، أوّلاً: أنّ المراد قطعاً بني الإسلام على الصلاة الصحیحة و هکذا و أخذ الناس بالأربع الصحیحة باعتقادهم.
و ثانیاً: المراد دعي الصلاة أیّام الحیض؛ لأنّها تکون باطلةً بالحیض، لا من جهات أخری و إرشاد إلی عدم القدرة، أي: إرشاد إلی بطلان الصلاة الصحیحة من سائر الجهات بالحیض.
و ثالثاً: لعلّ الأخذ بالأربع من الصحّة، لا القبول و الولایة شرط القبول و في الحیض إرشاد إلی المانعیّة؛ مثل: «لاتصلّ في وبر ما لایؤکل لحمه».
و رابعاً: المراد من النهي- سواء کان إرشادیّاً أو مولویّاً- هو الصحیحة؛ لأنّ الصلاة الصحیحة هي التي لابدّ أن لاتکون في الحیض، لا الصلاة الباطلة. و تکفي في القدرة کونها قبل الخطاب مقدوراً و إن کانت بعد الخطاب غیر مقدور و لما سیأتي من الأجوبة.
و خامساً: أنّ الاستعمال أعمّ من الحقیقة و المجاز.