42/04/06
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات
القول الثاني: أنّ ألفاظ العبادات موضوعة للأعمّ من صحیحة منها و الفاسدة [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16]
قال المحقّق القمّيّ (رحمة الله): «إنّ الأظهر عندي هو كونها أسامي للأعمّ بالمعنيين[17] ». [18]
قال الحائريّ الیزديّ (رحمة الله): «إنّ طريق إحراز المعنى و تصديق أحد القائلين ليس إلّا التبادر و صحّة السلب و عدمهما؛ فإن قطعنا بالمعنى بالتبادر القطعىّ فهو و إلّا فمقتضى القاعدة التوقّف. و الوجوه الأخر التي استدلّ بها كلّ من الفريقين لاتخلو عن شيء.
و الإنصاف أنّا لانفهم من الصلاة و نظائرها إلّا الحقيقة التي تنطبق على الصحيح و الفاسد. و نرى أنّ لفظ الصلاة في قولنا: الصلاة إمّا صحيحة أو فاسدة، ليس فيه تجوّز و ملاحظة علاقة صوريّة بين ما أردنا من اللفظ و بين المعنى الحقيقيّ له. و هذا ظاهر عند من راجع وجدانه و أنصف. و كذا نرى من أنفسنا أنّ من صلّى صلاةً فاسدةً لايصحّ سلب معنى لفظ الصلاة عمّا فعله في الخارج و لو قلنا أحياناً بأنّ ما فعله ليس بصلاة؛ فليس نفي الصلاة عن فعله كنفي الصلاة عن الصوم و غيره من موضوع آخر، كالحجر و الإنسان، إذ يصحّ الثاني بلا عناية أصلاً، بخلاف الأوّل». [19]
أقول: الظاهر أنّ الإنصاف الذي ذکره (رحمة الله) خلاف الإنصاف؛ لأنّ الثمرة في بحث الصحیح و الأعمّ هي حمل هذه الألفاظ المخترعة في لسانهم (علیهم السلام) و نقطع بکون مرادهم (علیهم السلام) من هذه الألفاظ، الصحیحة منها؛ إذ یترتّب الأثر علی الصحیح فقط، دون الفاسد. و أمّا إطلاق هذه الألفاظ علی الفاسدة عند عرف العامّ غیر المتشرّعة، فلایفید لنا فائدةً و لا ثمرة فیه.
و قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «إنّ المتعيّن هو القول بالأعمّ بلا حاجة إلى البحث عن الدليل؛ إذ مع عدم إمکان تصوير الجامع على القول بالصحيح لايحتمل صحّته؛ فلا حاجة إلى البحث عن مقتضى الدليل و مقام الإثبات.
هذا، مضافاً إلى وجود الدليل على القول بالأعمّ و هو الصدق في عرف المتشرّعة على الفاسد بلا إعمال عناية. فإنّه كما لو كان زيد يصلّي صلاةً صحيحةً في مكان و قيل: زيد يصلّي، صحّ الإطلاق بلا حاجة إلى عناية، فكذا لو كان عمرو يصلّي صلاةً فاسدةً في ذلك المكان و قيل: عمرو يصلّي، صحّ الإطلاق بلا إعمال عناية، أو قيل: زيد و عمرو يصلّيان، لايكون هناك مجاز في عرف المتشرّعة.
و قد ذكرنا أنّ استعمال المتشرّعة تابع لاستعمال الشارع الواصل إلينا يداً بيد من قبل المتشرّعة، فصدق لفظ الصلاة على الفاسد عند المتشرّعة يكشف عن كونه موضوعاً للأعمّ عند الشارع». [20]
أقول: إن کان المراد إطلاقها عند العرف العامّ غیر المتشرّعة، فکلامه (رحمة الله) علی کمال الصحّة. و إن المراد إطلاقها عند المتشرّعة علی صلاة لمیعلم بصحّتها أو فسادها، فهو صحیح أیضاً من باب حمل فعل المسلم علی الصحیح. و إن کان المراد إطلاقها عند المتشرّعة علی صلاة یعلم بفسادها فهو غیر صحیح، إذ المتشرّعة تطلق هذه الألفاظ علی ما یترتّب علیه الأثر.