42/03/29
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات
قال الوحید البهبهانی (رحمة الله): «كون الأصل في مثل: «لا صلاة إلّا بطهور»[1] الاستعمال في نفي الحقيقة؛ لأنّه المعنى الحقيقي». [2]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
و قال المحقّق الخراسانيّ(رحمة الله): «الدلیل علی الصحیح الأخبار الظاهرة في نفي ماهيّتها و طبائعها؛ مثل: لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب و نحوه ممّا كان ظاهراً في نفي الحقيقة بمجرّد فقد ما يعتبر في الصحّة شطراً أو شرطاً و إرادة نفي الصحّة منها لشيوع استعمال هذا التركيب في نفي مثل الصحّة أو الكمال خلاف الظاهر لايصار إليه مع عدم نصب قرينة عليه و استعمال هذا التركيب في نفي الصفة ممكن المنع حتّى في مثل: «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد»[3] ممّا يعلم أنّ المراد نفي الكمال بدعوى استعماله في نفي الحقيقة في مثله أيضاً بنحو من العناية لا على الحقيقة و إلّا لما دلّ على المبالغة، فافهم». [4]
أقول: إنّ الاستدلال متین.
الإشکالات علی الدلیل الخامس
الإشکال الأوّل
أمّا قوله (ع): «لا صلاة إلّا بطهور» فيتوجّه المنع فيما ادّعوه في خصوص هذا التركيب؛ كما لايخفى على من لاحظ النظائر كقوله(ع): «لا عمل إلّا بنيّة»[5] و «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد»، و غير ذلك؛ فإنّ القدر المسلّم في أصالة الحقيقة إنّما هو في مثل: لا رجل في الدار.
و أمّا مثل هذه الهيئات التركيبيّة التي نفس الذات، موجودة فيها في الجملة جزماً و ليس المراد فيها إلّا نفي صفة من صفاتها؛ فلايمكن دعوى أصل الحقيقة فيها.[6] فإذا أردنا إثبات كون الصلاة اسماً للصحيحة بسبب مقتضى الحقيقة القديمة، فذلك يوجب الدور[7] إلّا أن يكون مراد المستدلّ أنّ أصالة الحقيقة يقتضي ذلك، خرجنا عن مقتضاه في غيرها[8] بالدليل و بقي الباقي.
فبهذا نقول: إنّ مثل قوله (ع): «لا صلاة إلّا بطهور» ممّا كان الفعل المنفيّ عبادة خارج عن سياق النظائر[9] و بأنّ على مقتضى الأصل، فلا ريب أنّ ذلك خلاف الإنصاف. و لذلك لميتمسّك أحد من العلماء الفحول في ذلك المبحث لإثبات نفي الإجمال بأصالة الحقيقة و تمسّكوا بالقول بكونها موضوعةً للصحيحة من العبادات. و الإنصاف أنّ كون هذه منساقة بسياق النظائر من الأدلّة على كون العبادات أسامي للأعم، فهو على ذلك أوّل[10] ممّا أراده المستدل.[11]
أقول، أوّلاً: أنّ الأصل هو إرادة المعنی الحقیقيّ و نفي الجنس و نفي الکمال أو نفي صفة خلاف الأصل لابدّ له من دلیل، کما في النظائر موجود و لمیعلم المراد من قوله (رحمة الله): «أمّا مثل هذه الهيئات التركيبيّة التي نفس الذات، موجودة فيها في الجملة جزماً و ليس المراد فيها إلّا نفي صفة من صفاتها؛ فلايمكن دعوى أصل الحقيقة فيها» و أنّ أصالة الحقیقة جارٍ في المقام و عدم الإمکان غیر مفهوم في المقام.
و ثانیاً: لا دور في المقام؛ فإنّ نفي الجنس یقتضي عدم تحقّق الماهیّة بدون الطهور و أمثاله، فیدلّ علی کون المراد من الصلاة هو الصحیحة و الصلاة الفاسدة لیست بصلاة أصلاً.
و ثالثاً: أنّ التمسّك بسیاق النظائر ضعیف، حیث کما أنّ التخصیص کثیر جدّاً حتّی اشتهر ما من عامّ إلّا و قد خصّ و مع ذلك کلّه لابدّ من حمل العامّ علی العموم إلّا أن یثبت التخصیص بدلیل، فهکذا القول في المقام.
کما قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «فيه- مع الغضّ عن أنّ نظر هذه الألسنة إلى قيود الواجب و ما هو الوظيفة الشرعيّة بأسلوب بليغ أكيد- أنّها معارضة بمثل ما تقدّم عن القائل بالأعمّ من إطلاقات تشهد على العكس. [12]
أقول: إنّ هذا الاستدلال مثل أن یقال الاستعمال الحقیقيّ معارض بالاستعمالات المجازیّة و أنّها أکثر من الحقیقة؛ فإنّ المجازات تعلم بالقرائن و لو لمتکن قرینة و شککنا، فلابدّ من الحمل علی المعنی الحقیقي.
و قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «سلّمنا أنّ نفي الحقيقة قد يكون على وجه الحقيقة و قد يكون على وجه الادّعاء و العناية و أنّ نفي الحقيقة في جملة: «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» يكون على نحو العناية و الادّعاء، إلّا أنّ الكلام في أنّه ما الدليل على أن يكون نفي الحقيقة في جملة: «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب»[13] على نحو الحقيقة؟ و يمكن أن يقال: إنّه أيضاً يكون على نحو العناية.
نعم، يصحّ الاستدلال بهذه الرواية لو أثبتنا من الخارج- مع قطع النظر عن هذه الأخبار- أنّ كلمة الصلاة وضعت لماهيّة الصحيحة و لكنّ المفروض إنّا نستدلّ به بنفس هذه العبارة». [14]
أقول: إنّ الحمل علی الحقیقة لایحتاج إلی الدلیل و لکنّ الحمل علی المعاني المجازیّة یحتاج إلی الدلیل. و لذا کلّ لفظ یحمل علی معناه الحقیقي، إلّا أن یثبت بالدلیل کون المراد معناه المجازي.
کما قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «إنّ هذه التراكيب و إن كانت مستعملةً في نفي الحقيقة حتّى في نوعه: «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» لكن فرق بين نفي الحقيقة حقيقةً و بين نفي الحقيقة مبالغةً و عنايةً. و هذه التراكيب كثيرة الاستعمال في نفي الحقيقة مبالغةً و عنايةً مثل قوله: «لا رضاع بعد فطام».[15] و مع هذه الكثرة فلاتصلح تلك الأخبار للاستدلال، لأنّ كثرة الاستعمال إذا صارت إلى حدّ وافر، تزاحم ظهور اللفظ في نفي الحقيقة حقيقةً كما في قوله: لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب، كما هو أساس الاستدلال و لميفرق المستدلّ بين نفي الحقيقة حقيقةً و نفيها ادّعاءً و مبالغةً». [16]
یلاحظ علیه: بالملاحظة السابقة.
دفعان للإشکال الأوّل
الدفع الأوّل
إنّه لا شكّ في كون مفاد العبارة المذكورة بحسب اللغة، بل العرف أيضاً هو نفي الحقيقة. [17]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.