بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات

 

الدلیل الثاني: صحّة السلب عن الفاسدة [1] [2] [3] [4] [5] [6]

قال الشیخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «الثاني: صحّة السلب؛ فإنّه يصحّ سلب كلّ من العبادات عن الفاسدة فيصحّ أن يقال لمن صلّى مع الحدث متعمداً أو بدون القراءة كذلك: إنّه لميصلّ حقيقةً و إنّما وقع منه الصورة. و كذا الحال في غيرها من الوضوء و ... . و صدق تلك العبادات على الفاسدة منها ليس إلّا من جهة المشاكلة. و إلّا فصحّة السلب عنها عند التأمّل في العرف ظاهر. و ذلك دليل على عدم كون الفاسدة من الأفراد الحقيقيّة لها، فلاتكون أسامي لما يعمّها؛ فينحصر الأمر في كونها أسامي لخصوص الصحيحة منها».[7]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکالات علی الدلیل الثاني

الإشکال الأوّل

لعلّ المدّعي لذلك[8] إنّما غفل من جهة الأوامر؛ فإنّ الأمر لايتعلّق بالفاسد. و هذا فاسد؛ لعدم انحصار محلّ النزاع في الأوامر؛ فالأمر قرينة لإرادة الصحيحة و ذلك لايستلزم وضعها لها.[9]

أقول: إنّ الشارع الذي وضع هذه الألفاظ للمعاني الجدیدة، وضعها لما کان تامّ الأجزاء و الشروط و لم‌یوضع لفاقدها؛ فلا معنی لکون الوضع من الشارع شاملاً للفاسد، فاستعمالها في الفاسد مجاز قطعاً. و لایختصّ ذلك بأوامر الشارع، بل ما وقع منها في لسان النبيّ (ص) أو الأئمّة (علیهم السلام)، فلابدّ أن یحمل علی ما وضعه له، لا علی غیره. و کونها واقعةً في لسانه أهمّ قرینة علی حملها علی الصحیحة. و أمّا في العرف المسامحي، فیمکن الاستعمال المجازيّ و لاثمرة له. إنّما المقصود بالبحث الذي له الثمرة العلمیّة و العملیّة هو ما وقع هذه الألفاظ في لسان النبيّ (ص) أو الأئمّة (علیهم السلام).

الإشکال الثاني

[فیه] أوّلاً بأنّ المراد من صحّة السلب إن كان صحّة السلب عن الفاسدة بالنسبة إلى الفرديّة و المطلوبيّة معاً، فهو مم[10] . و إن كان بالنسبة إلى المطلوبيّة فقط، فهو مسلّم و لايجديه نفعاً.

و ثانياً: بأنّ صحّة السلب عن الفاسدة معارضة بعدم صحّة السلب عنها- كما مرّ- فلابدّ من حمل إحدهما على التسامح. و لا ريب في أنّ التسامح في صحّة السلب في أمثال المقامات أكثر من التسامح فى عدم صحّة السلب فيقدّم.

و ثالثاً: سلّمنا التكافؤ، فيرجع إلى الأصل و قد مرّ أنّ الوضع للقدر المشترك بين المعنيين.[11]

یلاحظ علیه: بالملاحظات السابقة.

الإشکال الثالث

إنّه لايكاد يثبت مدّعى الصحيحيّ بمثل صحّة السلب؛ إذ يمكن دعوى أنّ صحّة السلب إطلاقي.[12]

یلاحظ علیه: بالملاحظات السابقة.

الإشکال الرابع

یمکن كون النفي لنفي الكمال و مجرّد صحّة السلب مطلقاً ليس دليل المجاز.[13]

أقول: مجرّد الإمکان لایثبت المدّعی، بل المراد تفهیم و تفهّم کلام الشارع المقدّس و ترتیب الأثر علی کلامه (ع).


[1] الفوائد الحائرية، الوحيد البهبهاني، محمّد باقر، ج1، ص103. (صحّة السلب عن العاري عن الشرائط) .
[2] هداية المسترشدين، الرازي، الشيخ محمد تقي، ج1، ص102.
[3] الفصول الغروية في الأصول الفقهية، الحائري الاصفهاني، محمد حسين، ج1، ص46.
[4] مطارح الأنظار، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج1، ص13.
[5] كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص29.
[6] أنوار الأصول‌، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص129.
[7] هداية المسترشدين، الرازي، الشيخ محمد تقي، ج1، ص102.
[8] صحّة السلب عن الفاسدة.
[9] قوانين الأصول، القمّي، الميرزا أبو القاسم، ج1، ص44.
[10] ممنوع.
[11] ضوابط الاصول، القزوینی، السید ابراهیم، ج1، ص109.
[12] مقالات الأصول، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص154.
[13] بدائع الأصول، الموسوي البهبهاني، السيد علي، ج1، ص98.