بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/02/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/الوضع/ الفاظ العبادات

الأمر الرابع: ما هو حال الوضع و الموضوع له في العبادات‌؟

تحریر محلّ النزاع

إنّ الوضع في ألفاظ العبادات هل هو من قبيل الوضع العامّ و الموضوع له الخاص، أو الوضع العامّ و الموضوع له العام؟

هنا أقوال:

القول الأوّل: الوضع و الموضوع له في العبادات عامّان‌ [1] [2] [3] [4] [5] [6]

أقول: هو الحقّ للتبادر و استعمالها کثیر في المعنی العام؛ مثل: الصلاة قربان کلّ تقيّ و تنهی عن الفحشاء و المنکر و عمود الدین و أمثالها. و لیس هذه الاستعمالات مجازاً قطعاً.

قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «لا ريب في أنّ الوضع في ألفاظ العبادات كغيرها من أسماء الأجناس عامّ و الموضوع له كذلك أيضاً».[7]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «إنّ الظاهر أن يكون الوضع و الموضوع له في ألفاظ العبادات عامّين كأسماء الأجناس إن قلنا بثبوت الحقيقة الشرعيّة، أو يكون سنخ استعمالها من هذا النسخ إن لمنقل بثبوتها».[8]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیلان علی أنّ الوضع و الموضوع له في العبادات عامّان

الدلیل الأوّل

إنّ ما يتبادر إلى الذهن من سماع هذه الألفاظ هو المعنى العام؛ مثل: تبادر المعنى العامّ من لفظ الإنسان (مثلاً).[9]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیل الثاني

إنّ استعمالها في لسان الأدلّة بمعنى العام؛ مثل: ﴿الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر﴾[10] و «عمود الدين»[11] و «الصوم جنّة من النار»[12] و أمثال ذلك. و لا شكّ في أنّ الموضوع له في هذه الألفاظ هو المعنى العامّ و دلالتها على المعاني الكلّيّة غير قابلة للإنكار. و لايحتمل أن يكون استعمالها في هذه الموارد استعمالاً في غير ما وضع له؛ فإنّه بديهيّ البطلان».[13]

و قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «الصلاة (مثلاً) اسم جنس تستعمل في جنس الصلاة، لا في المصاديق- بأن تكون الخصوصيّة جزءاً للمفهوم- فيكون وضعها للمصداق لغواً، فيستنتج أنّ الوضع في ألفاظ العبادات عامّ و الموضوع له أيضاً عام».[14]

أقول: کلامه (دام ظله) متین.

الدلیل علی عدم کون الموضوع له في ألفاظ العبادات خاصّاً

إحتمال كون الموضوع له خاصّاً بعيد جدّاً؛ لاستلزامه كون‌ استعمالها في الجامع في مثل‌ الصلاة تنهى عن الفحشاء و الصوم جنّة من النار مجازاً أو منع استعمالها فيه في مثلها و كلّ منهما بعيد إلى الغاية. [15]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

القول الثاني: الوضع في ألفاظ العبادات عامّ و الموضوع له خاص [16]

قال المحقّق الداماد (رحمة الله): «إنّ الوضع في ألفاظ العبادات عامّ و الموضوع له خاصّ، بأن تصوّر الشارع عنواناً عامّاً يعبّر عنه بالناهي عن الفحشاء و المنكر (مثلاً) و وضع اللفظ لمصاديقه الخاصّة الحقيقيّة أو الخاصّة الإضافيّة؛ أي الأنواع الواقعة تحت هذا العنوان العام». [17]

أقول: إنّ قوله (رحمة الله) : «وضع اللفظ لمصاديقه الخاصّة الحقيقيّة أو الخاصّة الإضافيّة؛ أي الأنواع الواقعة تحت هذا العنوان العامّ». یشعر بأنّ الموضوع له عامّ أیضاً؛ لکنّه خاصّ إضافيّ بالنسبة إلی العام؛ مثل: الصلاة عامّ و صلاة الحاضر و المسافر و المضطرّ و المختار و أمثالها؛ مثل العمومات التي تحت ذلك العام؛ مثل الجنس التي تحته أنواع کثیرة؛ فعلی هذا نسبة القول الثاني إلی المحقّق الداماد (رحمة الله) في غیر محلّه و إن کان في صریح کلام المقرّر.


[1] .كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ج1، ص27.
[2] .تنقيح الأصول‌، التقوي الاشتهاردي، الشيخ حسين، ج1، ص104.
[3] .تهذيب الاصول - ط جماعة المدرسين، السبحاني، الشيخ جعفر؛ تقرير بحث السيد روح الله الخميني، ج1، ص71.
[4] .محاضرات في أصول الفقه، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج1، ص158.
[5] .تهذيب الأصول، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج1، ص28.
[6] .أنوار الأصول‌، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص121.
[7] . تهذيب الأصول، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج1، ص28.
[8] . دراسات في الأصول - تقريرات، السيد صمد علي الموسوي، ج1، ص257.
[9] .دراسات في الأصول - تقريرات، السيد صمد علي الموسوي، ج1، ص257.
[10] عنکبوت/سوره29، آیه45.
[11] المحاسن، البرقي، ابو جعفر، ج1، ص44. و فیه: عَنْهُ [أحمد بن محمّد بن خالد البرقي: إماميّ ثقة] عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ [إماميّ ثقة] عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ [إماميّ ثقة] عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ [الجعفيّ الکوفي: مختلف فیه إمامي، ضعیف عند النجاشيّ و ثقة عند بعض و رأیي فیه التوقّف] عَنْ جَابِرٍ [جابر بن یزید الجعفي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (ع): «الصَّلَاةُ عَمُودُ الدِّينِ مَثَلُهَا كَمَثَل‌ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ إِذَا ثَبَتَ الْعَمُودُ يَثْبُتُ الْأَوْتَادُ وَ الْأَطْنَابُ وَ إِذَا مَالَ الْعَمُودُ وَ انْكَسَرَ لَمْ يَثْبُتْ وَتِدٌ وَ لَا طُنُبٌ».‌ (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود عمرو بن شمر في سندها و هو لم‌تثبت وثاقته).
[12] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ [إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى [الجهني: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ حَرِيزٍ [حریز بن عبد الله السجستاني: إماميّ ثقة] عَنْ زُرَارَةَ [زرارة بن أعین: الشیباني: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ [الإمام الباقر(ع)] قَالَ: ... وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص).. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی)
[13] .دراسات في الأصول - تقريرات، السيد صمد علي الموسوي، ج1، ص257.
[14] .أنوار الأصول‌، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص121.
[15] .كفاية الأصول، الآخوند الخراساني، ج1، ص27.
[16] .المحاضرات - تقريرات، الطاهري الاصفهاني، السيد جلال الدين، ج1، ص78.
[17] .المحاضرات - تقريرات، الطاهري الاصفهاني، السيد جلال الدين، ج1، ص78.