42/02/04
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/وضع/الصحیح و الاعم
الإشکال السادس
إنّ الهدف من الوضع تفهيم ما قام في الذهن في المعنى، فلو كان المعنى غير قابل للتفهيم إلّا بالإشارة إليه بالأثر الخاص، كان الوضع له لغواً و يتعيّن الوضع للأثر. و هذا يجرّنا إلى القول بوجوب كون الجامع أمراً عرفيّاً مخطوراً إلى أذهان العرف. [1]
أقول: إنّ کلامه (حفظه الله) في الوضع التعیینيّ صحیح و أمّا الوضع التعیّني، فمعناه استعمال اللفظ في الأفراد؛ مثل: استعمال الصلاة في الأرکان المخصوصة بالقرینة و بعد کثرة الاستعمال تحذف القرینة. و هذه الطریقة تؤیّدها العرف و الوجدان. و قد یستعمل قلیلاً في مثل صلاة الغرقی و صلاة العاجز و أمثالهما، فیقال الصلاة إسم لما یترتّب علیه الأثر المترقّب منه؛ فکلام المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله) موافق للعرف و لیس مخالفاً لحکمة الوضع أو یقال الصلاة إسم لما یعتبر في الصحّة؛ کقصد القربة.
الإشکال السابع
إنّ الأثر المترتّب على الصلاة مختلف و اختلافه يكشف عن وجود الكثرة في الصلاة؛ فالصلاة كما هي تنهى عن الفحشاء[2] ، فهي عمود الدين [3] و قربان كلّ تقيّ [4] فيلزم أن يكون في الصلاة جوامع كثيرة كلّ مصدر لأثر خاص. [5]
أقول، أوّلاً: لا إشکال في وجود جامع یؤثّر أثر المترقّب منه و لانعلم دقیقاً اسمه هل اسمه النیّة و قصد القربة، کما في صلاة الغرقی أو قصد القربة مع إتیان بعض الأجزاء، مثل صلاة العاجز أو قصد القربة مع إتیان جمیع الأجزاء و الشروط.
و ثانیاً: لا إشکال في تحقّق جمیع الآثار المذکورة لکلّ صلاة صحیحة، مثل صلاة الغرقی و صلاة العاجز و غیرهما.
کلام الشهید الصدر في المقام
قال (رحمة الله): «هذه الصيغة الفنّيّة للاستشكال[6] يمكن أن تذكر في حلّها عدّة وجوه:
الأوّل: و هو الوجه المختار- أنّه لا موجب لافتراض أخذ كلّ الأجزاء و الشرائط المعتبرة في الأفراد الصحيحة جمعاً في الجامع التركيبي، ليستحيل صدقه على الفاقد لبعضها، بل يؤخذ في الجامع التركيبيّ ما يلي:
أوّلاً: القيود المعتبرة في صحّة الفعل مطلقاً و في جميع الحالات- كقصد القربة- فتؤخذ في الجامع التركيبيّ تعييناً.
ثانياً: القيود المعتبرة في الفعل بنفسها أو ببدلها العرضيّ التخييري -كالفاتحة و التسبيحات الأربع في الأخيرتين- فيؤخذ في الجامع التركيبيّ الجامع بينها و بين بدلها العرضي.
ثالثاً: القيود المعتبرة في الفعل بنفسها أو ببدلها العرضيّ التعييني؛ كالوضوء من المحدث بالأصغر و الغسل من المحدث بالأكبر و كالأخيرتين في الرباعيّة من الحاضر و تركهما من المسافر- فيؤخذ الجامع بينها و بين بدلها مع تقييد كلّ منهما بموضوعه، فيكون صادقاً في الحالتين معاً.
و رابعاً: القيود المعتبرة و لها بدل طوليّ- كالجلوس بدلاً عن القيام أو التيمّم بدلاً عن الوضوء و الغسل في حالة الاضطرار- و حاله حال القسم السابق يؤخذ الجامع بين البدلين مع التقييد بحالتي الاختيار و الاضطرار.
و خامساً: القيود المعتبرة في حال الاختيار و نحوه فقط من دون بدل عنها في غير تلك الحال- كما في ترك البسملة تقيّةً (مثلاً)- و الإشكال في كيفيّة أخذ هذا القسم من القيود لعلّه أشدّ منه في الأقسام السابقة؛ إذ لا جامع بين أمرين كي يمكن ان يؤخذ في المركّب مع تقييد كلّ منهما بموضوعه و لكنّ الصحيح مع ذلك إمكان تصوير أخذه في الجامع بأحد نحوين:
1- أن نضيق من دائرة صدق الجامع التركيبيّ من دون أخذ ذلك القيد فيه فيقيّد بما لايكون فاقداً للبسملة من دون تقيّة. و هذا و إن كان يؤدّي إلى عدم دخول الجزء حال الإتيان به في المسمّى، إلّا أنّ ذلك لا ضير في الالتزام به على القول بالصحيح و لا ارتكاز متشرّعيّ ينفيه، بعد ملاحظة أنّ حالات التقيّة و نحوها لايمكن أن تفترض بالنسبة إلى جميع الأجزاء المهمّة للصلاة و إنّما تنعقل[7] في مثل البسملة من الأجزاء.
2- أن يؤخذ الجامع بين ذلك الجزء و تقيّد الأجزاء الأخرى بحال التقيّة و نحوها، كما كان في بعض الأقسام المتقدّمة. و منه يعرف: أنّ ما يجوز تركه لا إلى بدل في حالة الاضطرار إذا كان مستوعباً أو النسيان يمكن أخذه أيضاً في الجامع التركيبيّ بالنحو الأوّل». [8]
أقول: إن کان المراد من الجامع ما یعتبر في صحّة الفعل مطلقاً، کقصد القربة، فهو کلام متین و لایحتاج إلی باقي الفروض. و باقي الفروض داخلة في ما ذکر أوّلاً و تکون فروض أخری غیر مذکورة في کلامه (رحمة الله)؛ مثل: کون صلاة ذا تکبیرة واحدة و بعضها ذا تکبیرات أکثر و بعضها مشروط بالجماعة و بعضها غیر مشروط بها و لابدّ من تصویر جامع یمکن تعلّق الخطاب به و معنی الصلاة هو التوجّه و قصد القربة مطلقاً مع القیود و الشروط بحسب الحالات من الاختیار و الاضطرار و التقیّة و غیرها و القصر و التمام و أنواع الصلاة؛ مثل: صلاة الآیات و صلاة المیّت و غیرها من الأقسام.