41/08/20
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مباحث الالفاظ/الوضع/الصحیح و الأعم
قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «قد ذكر لها معانٍ مختلفة، فقال بعض أنّها بمعنى إسقاط الإعادة و القضاء و هذا منسوب إلى الفقهاء. و قال بعض آخر: «أنّها بمعنى موافقة الأمر» و هو منسوب إلى المتكلّمين و لايخفى عدم تماميّة شيء منهما؛ بل كلّ من الفقيه و المتكلّم فسّر الصحّة وفقاً لمسلكه الخاص؛ فالفقيه حيث يبحث عن الإعادة و القضاء في باب العبادات فسّرها بإسقاطها، مع أنّه لايصدق في أبواب المعاملات و المتكلّم حيث إنّه يبحث في علم الكلام عن مسائل المعاد و عن الثواب و العقاب و هما يترتّبان على موافقة الأمر و مخالفته، فقد فسّر الصحّة بالموافقة». [1]
أقول: کلامه (حفظه الله) متین.
القول الثاني: ما يترتّب عليه الأثر [2] [3]
قال المحقّق الرشتيّ (رحمة الله): «إنّ الصحيح يطلق في العرف على معنيين: أحدهما: تامّ الأجزاء و يقابله الفاسد بمعنى الناقص و هذا الإطلاق يختصّ بالمركّبات.
و الثاني: ما يترتّب عليه الأثر و مقابله ما لايترتّب عليه ذلك. و هذا يجري في المركّبات و في البسائط التي كانت إفادتها لآثارها مشروطة بأمور خارجة عن حاقّ المعنى. و ليعلم أنّ إطلاق الصحيح في هذه المسألة مبنيّ على ملاحظة إطلاقه العرفي؛ فلابدّ أن ينزل على أحد المعنيين الأوّلين و الأوفق بكلماتهم و الأنسب بأدلّتهم هو المعنى الثاني؛ فالصحيحيّ يدّعي الوضع (مثلاً) للماهيّة المفيدة للأثر المقصود و لازمه اشتمالها لجميع الأجزاء و الشرائط و الأعمّي وضعها للأعمّ من المفيد و غير المفيد». [4]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین و و لکن قد سبق منّا أنّ الصحیح هو ما یترتّب علیه الأثر أو ما یطابق الواقع و إضافة الثاني لشمول الصحیح للعقائد الصحیحة و الأفکار الصحیحة و التفاسیر الصحیحة و هکذا.
کما قال العلّامة الطباطبائيّ (رحمة الله): «الصحّة هي كون الشيء بحيث يترتّب عليه الآثار المطلوبة منه و الفساد خلاف ذلك، قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ...﴾[5] لآية و لايقال لنقصتا». [6]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
و قال مثله بعض الأصولیّین [7] و أضاف: «بيان ذلك: أنّ المركّبات على قسمين: حقيقة و اعتباريّة، فالمركّب الحقيقيّ ما يكون بين أجزائه ربط خارجيّ حقيقي، كبدن الإنسان و جسم الشجر و المركّب الاعتباريّ ما لايكون كذلك؛ بل اعتبر نحو ربط بين أجزائه المتشتّة في الخارج؛ كالصلاة و العقود. و حيث إنّ مدار البحث في الصحيح و الأعمّ هو المركّبات الاعتباريّة في الغالب، فلابدّ لنا من تعيين معيار الوحدة و سبب الارتباط فيها. و لا إشكال في أنّ عامل الوحدة في المركّبات الاعتباريّة إنّما هو تأثير الأجزاء المختلفة المتشتّة في أثر واحد أو آثار معيّنة.
إذا [إذن] ينبغي لنا أن نأخذ هذا المعنى في تفسير الصحّة حتّى يكون التعريف تعريفاً مطابقاً لما في الواقع و مساعداً للاعتبار و طبيعة الحال. و لذلك نقول: الصحيح ما يترتّب على تركيب أجزائه و انسجامها الأثر المطلوب المترتّب منه فالصلاة المركّبة من الركوع و السجود و التكبير و التسليم مع الطهارة و استقبال القبلة أمر وحدانيّ في نظر الشارع المقدّس يراد منه تحقيق أثر خاصّ عند اجتماعها، سواء كان النهي عن الفحشاء و المنكر أو غيره. و هكذا الصيام و غيره». [8]
أقول: کلامه (حفظه الله) متین، لکن یناسب إضافة «أو ما یطابق الواقع» کما سبق.
القول الثالث
كلمة الصحّة و مشتقّاتها تطلق على ما يقابل كلّاً من العيب و الفساد و البطلان. و الظاهر أنّها بمعنى واحد تقابل كلّ تلك المعاني. [9]
أقول: إنّ الباطل ما لایترتّب علیه الأثر و الفاسد ما لایترتّب علیه الأثر و المعیوب ما لایترتّب علیه الأثر المترقّب منه؛ فلابدّ من کلام جامع للکلّ و هو أنّ الصحیح هو ما یترتّب علیه الأثر المترقّب منه أو ما یطابق الواقع.