41/07/22
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الصحیح و الأعم
قال الإمام الخمینيّ )رحمة الله): «قد يتراءى من عبائرهم الاختلاف في تحرير عنوان البحث فيه. فيظهر من بعضهم: أنّ النزاع إنّما هو في أنّ هذه الألفاظ موضوعة للمعاني الصحيحة أو الأعم؟ و من آخر: أنّ النزاع في أنّها أسامٍ للصحيحة أو للأعم؟
و يمكن تحريره بنحو ثالث: هو أنّه هل يمكن استفادة أصل أو قاعدة من دأب الشارع و ديدنه؛ بحيث يمكن الاعتماد عليه يقتضي حمل الألفاظ المستعملة في لسانه على الصحيح أو الأعم؟ و باختلاف تلك العناوين في تحرير محلّ النزاع تختلف الأحكام و الآثار». [1]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «وقع النزاع بين الأصوليّين في أنّ أسامي العبادات -كالصلاة و الزكاة و الحجّ و الصوم- هل هي موضوعة- و لو بوضع تخصّصيّ- للمعاني الجامعة للأجزاء و الشرائط الشرعيّة الفاقدة للموانع و القواطع كذلك، بحيث يكون الاستعمال في الناقصة الفاقدة لما يعتبر فيها غلطاً باطلاً أو مجازاً لعناية و علاقة و يكون ما هو الموضوع له هو المأمور به عند الشارع و ما هو المأمور به عنده هو الموضوع له، أو هي موضوعة للأعمّ من التامّة الجامعة لما يعتبر فيها و الناقصة الفاقدة له، فإطلاقها على الناقصة أيضاً استعمال حقيقيّ و إن كان الطلب لميتعلّق إلّا بالكاملة الواجدة لما يعتبر فيها؛ فاختيار الوجه الأوّل قول بالصحيح و القائل به يسمّى صحيحيّاً و اختيار الوجه الثاني قول بالأعمّ و القائل به يسمّى أعمّيّاً». [2]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
تنبیه: في تعيين ما هو الداخل من الأجزاء و الشروط [3] في محلّ النزاع
تحریر محلّ النزاع
هل المقصود من الصحيح هو الجامع للأجزاء فقط، أو هي مع الشرائط الشرعيّة، أو هما مع الشرائط العقليّة؟
أقسام دخل شيء في المأمور به (في أنحاء اعتبار أجزاء الماهيّات و شروطها و أحكامها)
القسم الأوّل: إتّخاذه مقوّماً للماهيّة (الجزئیّة، جزء المأمور به) [4] [5] [6] [7]
قال المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله): «إنّ دخل شيء وجوديّ أو عدميّ في المأمور به تارةً بأن يكون داخلاً فيما يأتلف منه و من غيره و جعل جملته متعلّقاً للأمر، فيكون جزءاً له و داخلاً في قوامه[8] ». [9]
الإشکال علی کلام المحقّق الخراسانيقال المحقّق البروجرديّ (رحمة الله): «دخالة[10] الأمر العدميّ على نحو الجزئيّة أو الشرطيّة فهو ممّا لايعقل أصلاً؛ لأنّ العدم لايؤثّر في الشيء بأيّ نحو من أنحاء التأثير.
نعم، قد يعبّر الأمر العدميّ عند العقل عن شيء لا بلحاظ نفسه بما أنّه عدمي؛ لأنّه لا نفسيّة و لا شيئيّة له، بل بلحاظ آثار نقيضه. و بهذا المعنى يرجع إلى دخالة الأمر الوجوديّ كالموانع، حيث إنّ وجوداتها مخلّ في الشيء، لا أنّ أعدامها مأخوذة فيه». [11]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.
إنّ القسم الأوّل داخل في محلّ النزاع. [12] [13] [14]
أقول: هو الحق، مع توضیح أنّ الأمر العدميّ دخیل في المأمور به. معناه أنّه لو کان وجود شيء مخلّاً بالمأمور به، فعدمه معتبر فیه، فالتأثیر لیس للعدم بما هو عدم، بل للوجود. و لذا عبّر عن الصوم بالکفّ عن أمور لا تروك مخصوصة ؛ فإنّ الکفّ أمر وجوديّ و التفصیل في محلّه في الصوم.
قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «لا إشكال في دخول القسم الأوّل- و هو الأجزاء- عند الصحيحيّ و الأعمّي معاً. و الفرق بينهما أنّ الصحيحيّ يقول بدخول جميع الأجزاء في الماهيّة و الأعمّي يقول بدخالة بعضها». [15]
أقول: کلامه (حفظه الله) متین.
القسم الثاني: إتّخاذ التقيّد به دون نفس القيد دخيلاً (الشرطیّة، شرط المأمور به) [16] [17]
أقول: إنّ تقیّد الصلاة بالطهارة من أوّله إلی آخره شرط للصلاة و داخل فیها و لکنّ الوضوء أو الغسل أو التیمّم خارج عن الصلاة و قید. و لذا یقال: تقیّد جزء و قید خارج. و الشروط الشرعیّة إمّا مسبوق بها أو ملحوق بها أو مقارن لها. و أخذها فی المأمور به من قبل الشارع قیداً و تقیّداً بمعنی تقیّد الصلاة بها؛ مثل: تقیّد الطهارة للصلاة و هکذا الاستقبال. و الشروط العقليّة- مثل نصب السلّم- مأخوذة عقلاً في المأمور به قیداً، لا تقیّداً.
و هذا أحد الفروق بین الشروط العقلیّة و الشرعیّة. هذا في المرکّبات الخارجیّة واضح و أمّا المرکّبات الاعتباریّة- مثل الصلاة و أمثالها- فترتّب الأجزاء بعضها مع بعض یوجب تناسباً حسناً لذلك الماهیّة عند الشارع.