41/03/28
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مباحث الالفاظ/وضع/تعارض الاحوال
الجواب عن الإشکال الأوّلقال المحقّق الرشتي(رحمةالله): «إنّ مدار الترجيح في مسائل الدوران على أحد اُمور على وجه منع الخلوّ إمّا الأصل السليم عن المعارض أو بناء العقلاء أو مجرّد الغلبة. و لا إشكال في صحّة التعويل على الأوّلين و لا خلاف».[1]
أقول: إنّ التعویل علی بناء العقلاء في الظهورات و لا دلیل علی التعویل علی الأصل أو الغلبة، إلّا إذا کانا سببین لانعقاد الظهور العرفي.
الإشکال الثانيقال المحقّق القمّي(رحمةالله): «في كثير منها نظر؛ إذ أكثرها معارض بمثلها». [2]
أقول: لو کان الکلام مجملاً عرفاً، لا دلیل- تعبّداً- لتبعیّة الأصول و المرجّحات أصلاً.
الإشکال الثالثقال المحقّق الخراسانيّ(رحمةالله): «إذا دار الأمر بينها، فالأصوليّون و إن ذكروا لترجيح بعضها على بعض وجوهاً إلّا أنّها استحسانيّة لا اعتبار بها إلّا إذا كانت موجبةً لظهور اللفظ في المعنى». [3] [4]
أقول: کلامه(رحمهالله) متین؛ نعم، لو کانت الوجوه أسباباً لتحقّق الظهور العرفيّ بعد الدقّة و التأمّل في الوجوه، فلا بحث في الحجّیّة.
کما قال السیّد الشاهروديّ(رحمةالله): «ما ذكروه في الأولويّة و الترجيح إن رجع إلى القرينة الموجبة لتعيّن إحدى تلك الأحوال فلا كلام و إلّا ففيه كلام. و حينئذٍ يحكم بالإجمال و عدم تعيّن إحداها. و من هذا الباب قوله- تبارك و تعالى: ﴿فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ﴾[5] و نحو ذلك من الآيات الموهمة للجبر، فإنّه قد ذكر للإضلال معان عديدة، فإن كان لأحدها قرينة توجب ظهور اللفظ فيه فيحمل عليه و إلّا فيصير مجملاً و لايمكن الحمل على أحدها بدون المعيّن». [6]
أقول: کلامه(رحمةالله) متین.
کما قال الإمام الخمیني(رحمةالله): «قد ذكروا في ترجيح بعضها على بعض مرجّحات ظنّيّة لايصحّ التعويل عليها؛ لعدم دليل على اعتبارها؛ نعم، ذكر من بينها ما يصحّ الاتكال عليه و دارت عليه رحى عيش أبناء النوع الإنسانيّ و هو الظهور؛ لأنّه إن كان للفظ ظهور في معنىً يحتجّ المولى على عبده و العبد على مولاه. و هذا في الجملة ممّا لا إشكال فيه».[7]
أقول: کلامه (رحمةالله) متین.
و قال(رحمةالله) في کتابه الآخر: «تطرأ على اللفظ أحوال؛ كالاشتراك و النقل و الإضمار و غيرها؛ فلو دار الأمر بينها فهل يوجد لبعضها مرجِّح على الآخر أو لا؟
فنقول: لا شبهة في أنّه ليس هنا أصل شرعيّ يرجع إليه في تقديم أحدها على الآخر و لا عقلي. إنّه لا ريب في استقرار بناء العقلاء على العمل بالظواهر كلّها، لكن هل هو لأجل أصالة الحقيقة أو أصالة الظهور أو أصالة عدم القرينة أو أصالة العموم أو الإطلاق، أو أنّ المقامات مختلفة، ففي بعضها مبناهم هو أصالة الحقيقة و في بعضها أصالة الظهور أو غيرها؟الظاهر أنّه لأجل أصالة الظهور في جميع الموارد؛ لاطّرادها و جريانها في جميعها، دون غيرها من الأصول اللفظيّة المذكورة». [8]
أقول: کلامه(رحمةالله)متین؛ لکنّ الغالب هو جریان هذه الأصول في مواردها و المتّبع هو الظهورات العرفیّة. و هذه الأصول أسباب لتحقّقها و لو بعد التأمّل التام.
و کما قال المحقّق الخوئيّ(رحمةالله): «التخصيص و التقييد و المجاز و الاشتراك و الإضمار. ذكروا لتقديم كلّ واحد منها على الآخر فيما إذا وقعت المعارضة بينها وجوهاً و لكنّ الصحيح ما ذكره المحقّق صاحب الكفاية - قده - من أنّ تلك الوجوه بأجمعها من الاُمور الاستحسانيّة التي لا اعتداد بها- أصلاً- في باب الألفاظ؛ فإنّ المتّبع في ذلك الباب الظهورات العرفيّة التي قد جرت على متابعتها السيرة العقلائيّة في مسألة الاحتجاج و اللجاج، دون الاستحسانات العقليّة و الاُمور الظنّيّة؛ إذ لم يترتّب عليها أيّ أثر شرعيّ إلّا إذا كانت موجبةً للظهور العرفي؛ فحينئذٍ العمل بالظهور، لا بها، كما لايخفى؛ فلا وجه لإطالة الكلام في ذلك أصلاً». [9]
أقول: کلامه(رحمةالله) في کمال المتانة و لکنّ الغالب تحقّق الظهور العرفيّ و لو بعد التأمّل التام.
و کما قال بعض الأصولیّی(حفظهالله): «البحث عن هذه الوجوه و نقدها إضاعة للعمر و المتّبع لدى أهل المحاورة هو الظهور، فإن تحقّق فهو و إلّا فلا تعتبر؛ لأنّ هذه الوجوه علل فكريّة أشبه باُمور عقليّة بعيدة عن الأذهان العرفيّة؛ فلا يلتفت إليها العرف الدقيق حتّى يثبت بها الظهور للكلام». [10]
یلاحظ علیه: أنّ الظهور العرفيّ قد یکون بعد الدقّة و التأمّل التامّ في ما قبل الکلام و ما بعده و التأمّل في المرجّحات النوعیّة و الشخصیّة؛ فلیس البحث عنها إضاعةً للعمر؛ فإنّ الظهور العرفيّ الدقیق هو المعیار في فهم الآیات و الروایات، لا الظهور البدويّ الزائل بعد الدقّة و التأمّل التام.