41/03/19
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: تعارض احوال اللفظ / وضع
أدلّة ترجیح التخصیص علی المجازالدلیل الأوّلإنّ اللفظ انعقد في التخصيص دليلاً على جميع الأفراد، فإذا خرج البعض بدليل، بقي معتبراً في الباقي من غير افتقار إلى تأمّل و بحث و اجتهاد. و في المجاز انعقد اللفظ على الحقيقة، فإذا خرجت بقرينة احتيج في صرف اللفظ إلى المجاز إلى الاستدلال، فكان التخصيص أبعد عن الاشتباه، فكان أولى. [1]
الدلیل الثانيالظاهر اتّفاق أصحابنا عليه[2] ، كما لايخفى على من تتبّع طريقتهم في مقام الاستدلال و هو حجّة؛ لأنّ أقلّ ما يحصل منه الظنّ بصحّة المتّفق عليه و هو حجّة في نحو هذه المسائل على أنّا ندّعي حصول العلم منه بذلك.[3]
الدلیل الثالثإنّ ذلك[4] ممّا جرت به عادة أهل اللسان؛ كما لايخفى فيجب الأخذ به لظهور اتّفاق علماء الإسلام على اعتبار ما جرت به عادتهم و يؤيّده قوله- تعالى:﴿وَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ...﴾[5] . [6]
الدلیل الرابعإنّ التخصيص أغلب من المجاز، فيجب ترجيحه. [7] [8]
أقول: یناسب ذکر هذا بعنوان المؤیّد، لا الدلیل.
کما قال الاصفهانيّ النجفيّ(رحمه الله): «إنّ التخصيص أكثر من المجاز في الاستعمال حتّى جرى قولهم:«ما من عامّ إلّا و قد خصّ» مجرى الأمثال».[9]
و قال السیّد صدر الدین الصدر(رحمه الله): «إذا دار بين التخصيص و المجاز رجّح التخصيص؛ لكثرته و شيوعه و إن قلنا إنّه منه؛ إذ المراد بالمجاز هنا ما عدى التخصيص بقرينة المقابلة».[10]
الإشکال علی الدلیل الرابعقال المحقّق النراقيّ(رحمه الله):«فيه نظر ظاهر؛ لمنع الأغلبيّة في كلام الشارع، كيف مع أنّ أكثره من الأمر و النهي المستعملين في الندب و الكراهة كثيراً، بحيث جعلهما بعضهم مجازين مشهورين و كثير منهما واردة في صورة الإخبار».[11]
أقول: لا دلیل علی هذا المدّعی، بل هو ادّعاء صرف؛ فإنّ کثرة التخصیص في العمومات الکثیرة في الآیات و الروایات فوق حدّ الإحصاء.
الدلیل الخامس: بناء العقلاء.[12]
الدلیل السادسالأصل في هذا هو التخصيص؛ لكون المجاز وضعاً شخصيّاً جديداً في المعنى المجازيّ و استعمال العامّ في الخاصّ إنّما هو بوضعه الأصليّ و المجازيّة فيه إنّما هي للعدول عن استعماله في الخارج عنه، لا بالنسبة إلى استعماله في الباقي؛ فالمجاز و الاشتراك يشتركان في اشتمالهما على العدول و المجاز ممتاز بخلاف أصل آخر هو الوضع للمعنى المجازيّ بوضع شخصيّ؛ فأصالة عدم وضع ثانويّ مثبت للتخصيص و معاضد لأصالة عدم العدول في العامّ عن إرادة ما هو محتمل الخروج».[13]
أقول: هذا کلّه لو تحقّق الظهورات العرفیّة و إلّا فلا دلیل علی ذلك و لکنّ الغالب تحقّق الظهور.
إشکال و جوابقال السیّد المجاهد(رحمه الله): «لايقال: التخصيص نوع من المجاز فكيف يترجّح على مثله؟ لأنا نقول: لا بعد في ذلك و مجرّد الاشتراك في التسمية لايمنع من الترجيح؛ بل يجب المصير إليه حيث يقوم دليل عليه».[14]
الصورة التاسعة: التعارض بین التخصیص و الإضمار.
المثالكقوله(ع): «لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل».[15] فيقول الخصم: إنّه يتناول بعمومه الفرض و النفل، خصّ فيه التطوّع، لجواز انعقاد نيّته إلى الزوال، فتبقى حجّة في الفرض. فيقول الآخر: بل يجوز التأخير في الفرض إلى قبل الزوال و في النصّ إضمار، فتقديره: لا صيام فاضل. [16]
هنا قولان:القول الأوّل: التخصيص أولى من الإضمار[17] .[18] [19] [20] و هو الحق؛ لوجوه:
منها: أنّ العامّ باقٍ علی عمومه إلّا بمقدار ثبت التخصیص و بقي الباقي. و هذا لیس خروجاً عن المعنی الحقیقي، بخلاف الإضمار؛ فإنّه مجاز و عدم التقدیر أولی من التقدیر و یحتاج إثباته إلی دلیل معتبر و لایکفي مجرّد الاحتمال.
و منها: أنّ التخصیص مطابق للاحتیاط غالباً؛ فإنّ الاحتیاط في المثال السابق یقتضي التخصیص، دون الإضمار.
و منها: غلبة التخصیص بالنسبة إلی الإضمار کثیر.
هذا إذا تحقّق الظهور العرفيّ و إلّا فلا دلیل علیه.
الدلیلان علی القول الأوّلالدلیل الأوّلإنّه[21] خير من المجاز و المجاز و الإضمار يتساويان. [22]
قال المحقّق القمّيّ(رحمه الله): «التخصيص و الإضمار و إن كانا قسمين من المجاز، لكنّه لمّا كان لهما مزيد اختصاص و امتياز أفردوهما من أقسام المجاز و جعلوهما قسيماً له».[23]
الدلیل الثاني: غلبة التخصیص.[24]