الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

46/06/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/صفات المؤمن /فضیلة العلم و العالم

 

قیمة العلم و ضرر الجهل:

في مباحث الحديث و الأخلاق، تُعطى للعلم مكانة خاصّة. من مشاكل الإنسان التي يسبّبها الجهل، التعصّب و اللجاج؛ فالشخص الجاهل عادةً تكون لديه تعصّبات تدلّ على جهله. عندما یُتحدَّث معك بمنطق و حجّة، يجب عليك أن يقبل ذلك؛ لأنّ الحوار و الاستدلال هما السبيل لكشف الحقائق. كما يشير القرآن إلى أنّ التعصّبات غير المبرّرة التي منها حميّة الجاهلية، ناشئة من الجهل.

في هذه الأثناء إنّ واحدةً من القضايا الجادّة في مجتمعنا هي المشاكل الاقتصاديّة. و السؤال هنا أنّه لماذا أصبحت المشاكل الاقتصاديّة بهذه الحدّة رغم وجود المنابع الطبيعيّة و ثروات البلد؟ لدراسة هذا الموضوع، قامت جامعة المدرّسين بدعوة بعض الأشخاص للتوضيح و شرح هذه المشاكل. قد قُرّر لهذه الأشخاص أن يوضّحوا لنا الحقائق حتّى نتمكّن من العثور على أُسسِ المشاكل.

طریقة دراسة المشاکل الاقتصادیّة:

ثمّ وقع البحث في جامعة المدرّسين حول دعوة هؤلاء الأشخاص بشكل منفصل أو في إطار مناظرة جماعيّة. كان هناك آراء متباينة؛ حيث رأى البعض أنّه من الأفضل دعوة الأفراد بشكل منفصل لتحليل القضايا من دون إثارة أيّ توتّر، بينما كان البعض الآخر قد اعتقد أنّ المناظرة الجماعيّة قد یوجب وضوح نقاط الخلاف و وضوح الحقائق. و في النهاية قد قُرّرت دعوة الأفراد بشكل منفصل.

في هذا المستوی فالشخص الأوّل الذي سيحضر الجلسة في هذا الأسبوع هو السيّد حسيني، رئيس اللجنة الاقتصاديّة في البرلمان و یجب علیه أن يوضّح علّة مواجهة البلد مثل هذه المشاكل الاقتصاديّة رغم وجود المنابع الوفيرة. كما سيُدعى أشخاص آخرون في الأسابيع القادمة لتقديم آرائهم.

أهمیّة العلم و العمل:

یؤکّد القرآن و الأحاديث على أهميّة العلم و أنّ الجهل هو العامل الرئيسيّ للتعصّب و اللجاج. من الآيات التي تشير إلى هذا الموضوع قوله- تعالى: ﴿إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ مَا هذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ﴾[1] . عندما قال النبيّ إبراهيم (عليه السلام) لقومه: لماذا تعبدون هذه الأصنام؟ أجابوا: ﴿قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ﴾[2] ؛ أي کان آباؤنا يعبدون هذه التماثیل فنحن أیضاً لها عاکفون.

هذا النوع من التقليد يُسمّى بالتقليد العشوائي. ليس التقلید العشوائيّ صحيحاً. كما قال الإمام عليّ (عليه السلام): «الجاهِلُ صَغيرٌ و إن كانَ شَيخاً و العالِمُ كَبيرٌ و إن كان حَدَثاً»[3] ؛ أي إنّ الجهل و إن كان في شخص مسنّ فهو علامة على صغر قدره، بينما العلم إن كان في شاب، يرفع من قدره و يجعله عظيماً.

ورد أیضاً في روایة أخری: «العُلَماءُ غُرَباءُ لِكَثرَةِ الجُهّالِ بَينَهُـم»[4] . عندما زادت الجهّال فإنّهم لا یقبلون کلام العالم فسیؤدّي هذا إلی صیرورة العالم غریباً بینهم. کذلك ورد في روایة أخری: «لَيْسَ الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ إِنَّمَا هُوَ نُورٌ يَقَعُ فِي قَلْبِ مَنْ يُرِيدُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَهُ فَإِنْ أَرَدْتَ الْعِلْمَ فَاطْلُبْ أَوَّلاً فِي نَفْسِكَ حَقِيقَةَ الْعُبُودِيَّةِ وَ اطْلُبِ الْعِلْمَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَ اسْتَفْهِمِ اللَّهَ يُفْهِمْك»[5] أي: لا یحصل العلم بالدراسة فقط، بل العلم ذو قیمة لکن إذا عُمل به. العلم الواقعيّ هو نور قد جعله الله في القلوب الطاهرة و قد اغتنم من العلم من عمل به. ورد في لسان الروایات أنّ العلم المطبوع و العلم المسموع سیکون ذا قیمة إذا ظهر في سلوك الشخص و عمله. العلم هو الذي یقرّب الإنسان إلی الحقیقة و یبعّده عن التقلید العشوائي.

بناءاً علی هذا فمن الواجب لأجل حلّ المشاکل و لأجل تطوّر المجتمع، الالتفات الواقعيّ إلی العلم و العمل و التجنّب عن التعصّبات و الجهالة.

 


[1] السورة انبیاء، الأية 52.
[2] السورة انبیاء، الأية 53.
[3] كنزالفوائد، الكراجكي، أبو الفتح، ج1، ص147.
[4] بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء، العلامة المجلسي، ج78، ص81.
[5] بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء، العلامة المجلسي، ج1، ص225.