الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

46/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/صفات المؤمن /الغضب

السیطرة علی القوّة الغضبیّة و تأثیرها علی الأخلاق و الإیمان:

إذا لم یتمّ السیطرة علی القوّة الغضبیّة بشکل صحیح فإنّ هذا یمکن أن یسبّب مشاکل عدیدةً للإنسان. الذین یغضبون و لا یقدرون علی ضبط أنفسهم غالباً فهم یقیمون بأعمال و أقوال لا توافق مع شؤونهم و شخصیّاتهم و تؤدّي إلی مشاکل عدیدة. یمکن أن تتلفّظ هذه الأشخاص بأقوال ردیئة أو یرتکبوا أعمالاً قبیحةً ممّا یؤدّي في النهایة إلی الإضرار بالآخرین و یجلب لهم الندم أیضاً.

أهمیّة السیطرة علی الغضب و نتائجها:

إذا غضب الإنسان فکأنّ عقله یتوقّف عن العمل و لا یتمکّن من التفکّر صحیحاً جیّداً. و یمکن حینئذٍ أن یقیم بأعمال و أقوال قبیحة کضرب أحد أو کسر شيء أو التکلّم بکلمات موهنة التي لا تناسب شخصیّته. هذه الحالة کحال السُکر؛ إذ الإنسان یزول اختیاره بسبب الغضب فالــمُغضب یندم غالباً من أفعاله بعد انخفاض غضبه و یقول في نفسه: «لماذا فعلتُ هذا العمل؟ لماذا تکلّمتُ بهذا الکلام؟».

الطرق الفکریّة للسیطرة علی الغضب:

يجب علينا لأجل السيطرة على الغضب أوّلاً أن نجهّز أذهاننا و نعتقد بأنّ الغضب خاصّةً في حالة عدم السيطرة، هو سلوك ضارّ يدمّر سمعتَنا و مكانتنا. الغضب مدمّر مثل شرب الخمر و السُکر. فكما أنّ شرب الخمر يؤدّي إلى افتقاد قدرة عقل الإنسان و سلوك غير لائق بشأنه، فإنّ للغضب أيضاً نفسَ هذا التأثير.

يجب أن نصل إلی هذا الإدراك من أن ّکظم الغیظ لا يمنعنا من القيام بالأعمال و الأقوال القبیحة فحسب، بل يؤدّي أيضاً إلى نموّنا المعنويّ و الاجتماعي. قال الإمام الباقر (علیه السلام): «مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلى إِمْضَائِهِ حَشَا اللهُ قَلْبَهُ أَمْناً وَ إِيمَاناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[1] ؛ هذه الروایة تدلّ علی أنّ تملّك الغضب طریق لتقویة الإیمان؛ کما أنّ الصیام و تملّك الأمیال النفسانیّة یزیدان في إیمان الإنسان فإنّ کظم الغیظ یوجب التعالي المعنويّ للإنسان.

تأثیر السیطرة علی الغضب في الحیاة الاجتماعیّة:

الإنسان الذي یسیطر علی غضبه فهو أکثر توفیقاً في المجتمع و یعیش باحترام أوفر. من ناحیة أخری إنّ الذین لا یملکون القدرة علی تملّك غضبهم فهم یفقدون سمعتهم و یتکلّمون بسبب هذا الغضب في الأبحاث و المناظرات و المواقع المختلفة بکلمات و أفعال مدمّرة لوجاهتهم. السیطرة علی الغضب علامة العقل و الدرایة و الأشخاص المسیطرون علی أنفسهم فهم لا یزالون ناجحین و محترمین أکثر من الآخرین.

الروایات حول کظم الغیظ:

إنّ هناك روایاتٍ متعدّدةً تؤکّد علی أهمیّة السیطرة علی الغضب. علی سبیل المثال قال الصادق (علیه السلام): «مَن كَفَّ غَضَبَه سَتَرَ اللهُ عَورَتَه».[2]

إنّ سلوك الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) أسوة لنا. علی سبیل المثال، قد سبّ رجل من الشام الحسنَ بن علي (علیهما السلام) فأصحاب الإمام قد أرادوا أن یتعرّضوا له و لکن قال الإمام (علیه السلام) لا تتعرّضوا له. ثمّ أقام الإمام (علیه السلام) بضیافته مع المحبّة و تهیّأ له بیتاً و أعطاه محاویجه. سلوك الإمام هکذا مع الکرم فإنّه قد سبّب في أن یخجل الرجل فیهتدي.

الطرق العملیّة للسیطرة علی الغضب:

یجب لأجل السیطرة علی الغضب مضافاً إلی تمهید الذهن، استخدام الأسالیب العملیّة أیضاً:

1 . السکوت: إذا غضبتم فتوقّفوا عن الکلام فإنّ هذا العمل یمنع عن ظهور الأفعال غیر اللائقة بکم.

2 . تغییر الوضعیّة: إذا کنت واقفاً فاجلس و إذا کنت جالساً فقم. تغییر الحالة الجسمیّة یساعد علی الهدوء الروحي.

3 . ترك المحل: إذا غضبت فاخرج من المحلّ و امشِ خطواتٍ حتّی تهدئ.

4 . شرب الماء البارد: شرب الماء البارد یساعد علی الهدوء في الجسم و الذهن.

5 . سجدة الشکر: مع وضع الجبهة علی التراب و الشکر یمکن أن یخفض الغضب.

الانتاج:

السیطرة علی الغضب هي طریق لحفظ السمعة و تقویة الإیمان. هذه المهارة توجب الرقی المعنويّ و توجب أیضاً إرتقاء المکانة الاجتماعیّة. مع تقویة المواقف الفکریّة و استخدام الأسلوب العملیّة یمکن السیطرة علی الغضب و تبدیل المرء إلی شخص أکثر نجاحاً و احتراماً و أقرب من الله- تعالی.


[1] الکافی- ط دار الحدیث، الشيخ الكليني، ج3، ص285.
[2] بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء، العلامة المجلسي، ج73، ص264.