45/04/09
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: جنود العقل و الجهل/ الإیمان/ التوکّل علی الله/ مراتب التوکّل
أيّ شخص لدیه هذا التوکّل فلا يشعر بأيّ ندم على أيّ شيء و لدیه أعصاب قويّة و مريحة للغاية. التوکّلان السابقان جيّدان أيضاً، لكن هذا النوع من التوکّل فوق العادة و لا یستطیع الجمیع علی تحصیل مثل هذا التوکّل.
و طريق الوصول إلى التوکّل هو أن يقوّي الإنسان توحيده. و لذلك فمن كان توحيده أقوى كان توکّله أقوى أیضاً. و معنى التوحيد هو قول الله- تعالی: ﴿قُل هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾[2] ﴿ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ﴾[3] و ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَ إِيَّاكَ نَستَعِينُ﴾[4] و هذا معناه أنّ السؤال من الله فقط و أنّ الله هو المؤثّر في الأمور و لیس لغیره تأثیر فيها، فهذا هو مقام التوحيد. نعم من السهل التکلّم به في اللفظ؛ مثلاً: نقول أنا اعتقد بالله و أؤمن به و أنا موحّد، لكن في مقام العمل ألتمس إلى هذا و ذاك و أستحقر نفسي أمام کلّ أحد، هذا ینافي مع التوحيد. إذا كان شخصمّا موحّداً، فلدیه هذا الالتفات بأنّ الله معنا و أنّ قوّته هي القوّة العليا. الإمام الراحل الذي أوجد هذه الثورة أوجدها بالتوكّل على الله. كان الإمام متوكّلاً على الله و لم يكن فيه أيّ خوف و من يتوكّل على الله فلا يرد أيّ خوف في نفسه و لا يخاف أحداً، کما قال الله- تعالی: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[5] و هذا المقام هو التوحید. إذا آمن الإنسان بالله و اعتقد أنّ الأمور في يده، فيمكنه آنذاك أن یتوکّل علی الله. أمّا إذا لم يكن له التوحيد الكامل و لم تتحقّق له نتيجة التوحيد، فلا يستطيع أن يصل إلى منزلة التوكّل و لو قال ألف مرّة بلسانه ﴿وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[6] فلن يكون لذلك تأثير خاص. و یجب للإنسان أن يؤمن ﴿أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[7] و أنّ جمیع السلطات كلّها بيد الله. و یجب أن يعتقد أنّ قدرته في طول قدرة الله، لا في عرضه. إذا فعل الإنسان شيئاً فهو يملك القدرة و لكن هذه القوّة في طول قدرة الله- تعالی.
قد ورد في الروایة: «جَبرئيلُ (عليهالسلام) لَمّا سألَهُ النّبيُّ (صلّىاللهعليهوآله) عنِ التوكّل علَى اللّه: العِلمُ بأنّ المَخلوقَ لا يَضُرُّ و لا يَنفَعُ، و لا يُعطي و لا يَمنَعُ، و استِعمالُ اليَأسِ مِن الخَلقِ، فإذا كانَ العَبدُ كذلكَ لَم يَعمَلْ لأحَدٍ سِوَى اللّه، و لَم يَرْجُ و لَم يَخَفْ سِوَى اللّه، و لَم يَطمَعْ في أحَدٍ سِوَى اللّه، فهذا هُو التوكّل.[8]
و علی الإنسان أن یستیقن أنّ المخلوقات لا تضرّه و لا تنفعه. و أن یقول فلان فيّ سوءاً أو یفعل کذا و کذا فالله أکبر ممّا نظنّه. لیس المخلوق معطیاً و لا مانعاً، نعم في الظاهر أنت تقول هذا الشخص یمنع من عملي و یوجد المشکل لي و لکنّ الحقیقة لیست کذلك، إذا وصل الإنسان إلی هذا المقام فماذا یمکن للمخلوقات أن یفعلوا.
الآن أيّام الانتخابات، هذا الشخص يتكلّم ضدّ ذلك الشخص و يتكلّم ذلك ضدّ هذا، هذا الشخص يمدح فلاناً و الآخر یکذّب آخر. إذا وصل الإنسان إلی هذا المقام (بأنّ المَخلوقَ لا يَضُرُّ و لا يَنفَعُ، و لا يُعطي و لا يَمنَعُ، و استِعمالُ اليَأسِ مِن الخَلقِ) ستکون أعماله لله خالصةً و یأتي بأعماله متقرّباً إلی الله و سيعتقد أنّ الله وحده هو الذي یغیثني؛ لأنّه لا قیمة عنده إلّا للّه و لا أمل لدیه إلّا باللّه. عندما أمّل الإنسان شخصاً ثمّ لم یتمّ له عمل، ینزعج و یقول لماذا لم يفعل شيئاً من أجلي؟ لا ترجو غير الله و لا تخف غير الله و لا تطمع في غير الله، قف على قدميك و قل إنّ لي إلهاً و السلام، هذا هو التوکّل.