45/11/17
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ فی مسوغات الولایة عن الجائر
و منها: قَالَ الصَّادِقُ(ع): «كَفَّارَةُ عَمَلِ السُّلْطَانِ قَضَاءُ حَوَائِجِ الإخوان». [1]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [2] [3] [4] [5] [6]
أقول: سند الروایة ضعیفة إلّا أن یقال بأنّ قول الصدوق(رحمه الله) بأنّه قال الصادق(ع) بصورة الجزم یدلّ علی اعتبار السند، کما هو قول بعض الأعلام و هو غیر بعید، مع ورود مضمون الروایة في بعض الروایات الأخر [7] . و مع ذلك کلّه فالروایة تدلّ علی الحرمة و لکن کفّارتها قضاء حوائج الإخوان.
و منها: سئل أبو عبد الله(ع) عَنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يُحِبُّ آلَ مُحَمَّدٍ وَ هُوَ فِي دِيوَانِ هَؤُلَاءِ فَيُقْتَلُ تَحْتَ رَايَتِهِمْ فَقَالَ: «يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى نِيَّتِهِ». [8] [9]
إستدلّ بها بعض الفقهاء.[10] [11]
قال الشیخ الأنصاريّ(رحمه الله): «ظاهرها إباحة الولاية من حيث هي مع المواساة و الإحسان بالإخوان، فيكون نظير الكذب في الإصلاح[12] ». [13]
أقول: الملاك تحقّق عنوان الظلم في الحرمة الذاتیّة. و إذا ارتفع العنوان إلی عنوان العدل یوجب ارتفاع الحرمة، فإنّ تأیید السلطان الجائر و تحکیمه من حیث هو محرّم قطعاً و مصداق للظلم و لکن قد تعرض الطوارئ بحیث یوجب تبدّل العنوان بعنوان العدل و الإحسان إلی الإخوان و دفع المفاسد و جلب المصالح فیحاسب الأهمّ و المهمّ و إجراء القاعدة.
کلام الشهیديّ التبریزيّ ذیل کلام الشیخ الأنصاري
قال(رحمه الله): «في العبارة تشويش و الظاهر بقرينة قوله فيكون نظير الكذب في الإصلاح أن يقول و ظاهرها حرمة الولاية من حيث هي و إباحتها مع المواساة و الإحسان بالإخوان. و ضمير ظاهرها راجع إمّا إلى ما عدا مرسلة الصدوق عن الصادق(ع) (كفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان) و إمّا إلى الجميع حتّى المرسلة و على الثاني لا بدّ و أن يكون مراده من الإباحة صرف عدم ترتّب العقاب على الفعل لا الإباحة التكليفيّة، فلا ينافيه جعل المرسلة فيما بعد ممّا يظهر منه أنّ الدخول أوّلاً غير جائز».[14]
قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «الظاهر منها أنّ الدخول في ديوانهم و الخروج معهم في غزوهم حرمةً و حلّيّةً تابعان لنيّة الشخص، فإن كان في نيّته الدخول للصلاح يحلّ و إن كان لغيره، فلا. بل لعلّه يمكن استفادة الحلّيّة زائدةً على مورد نيّة القيام بصلاح العباد، سيّما مع ذيل الأولى و إن لا يخلو من إشكال. و كيف كان لا شبهة في دلالتها على أنّ الدخول بنيّة القيام بمصالح العباد أو الإسلام جائز، فهي لا خدشة في دلالتها»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [15]
إشکال في الاستدلال بالروایة
الظاهر أنّ غرض السائل هو أنّ القتل تحت رايتهم هل يوجب خللاً و ضعفاً في إيمانه أو لا؟ فأجابه(ع) بالعدم و أنّه إن كان مؤمناً حشر مؤمناً و لا ينظر إلى عمله. و أمّا أنّ حكم عمله ما ذا فلا تعرّض فيها، فلعلّه كان مجبوراً في عمله. و يحتمل أن يكون المراد من الرواية أنّ القتل تحت رايتهم لا يضرّه إن كان ذلك بقصد الدفاع عن بيضة الإسلام، لا بقصد ازدياد شوكتهم و تقوية سلطانهم. [16]
أقول: دلالة الروایة علی أنّ الدخول بنیّة دفع المفاسد و الإحسان إلی الإخوان جائز بلا إشکال و هذا الاحتمال لا یضرّ بالاستدلال.
کلام الإمام الخمینيّ تحت الروایات المجوّزة متین، حیث قال(رحمه الله): «التحقيق أنّ الروايات الواردة في الجواز_ على كثرتها_ ضعيفة سنداً؛ لكنّ الوثوق و الاطمئنان حاصل بصدور بعضها إجمالاً، فلا بدّ من الأخذ بأخصّها مضموناً. و الظاهر أنّ المتيقّن منها جواز الدخول مع العلم بأنّ في دخوله يدفع عن الشيعة و يحفظ منافعهم بوجه من الوجوه. و لعلّ من مجموع تلك الروايات الكثيرة جدّاً المتقاربة المضمون، يحصل الاطمئنان بجواز الدخول لذلك، مع علمه بتوفيقه».[17]
و لقد أجاد المحقّق الخوئيّ(رحمه الله) حیث قال: «العمدة الأخبار المتظافرة الظاهرة في جواز الولاية من الجائر للوصول إلى قضاء حوائج المؤمنين. و بعضها و إن كان ضعيف السند و لكن في المعتبر منها غنىً و كفايةً. و بهذه الأخبار نقيّد المطلقاًت الظاهرة في حرمة الولاية من قبل الجائر على وجه الإطلاق». [18]