45/11/16
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ فی مسوغات الولایة عن الجائر
و منها: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ(رحمه الله)[1] قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ[2] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ[3] عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ[4] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ[5] عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ[6] قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ(ع) يَقُولُ: «مَنْ تَوَلَّى أَمْراً مِنْ أُمُورِ النَّاسِ فَعَدَلَ وَ فَتَحَ بَابَهُ وَ رَفَعَ سِتْرَهُ وَ نَظَرَ فِي أُمُورِ النَّاسِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ؟عز؟أَنْ يُؤْمِنَ رَوْعَتَهُ[7] يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ». [8]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [9]
أقول: الروایة صحیحة سنداً و تامّة دلالةً، حیث إنّ إطلاقها یشمل التولّي عن الجائر و العادل. و الملاك تحقّق عنوان العدل أو تحقّق عنوان الظلم و في مقام التزاحم یقدّم الأهمّ علی المهم.
إشکال في الاستدلال بالروایة
لعلّ المراد من تولّيه بتفويض و توكيل من الناس أو لعلّ المراد تولّيه من قبل السلطان العادل و ليس في مقام الإطلاق ليشمل من تولّاه حراماً و من قبل السلطان الجائر، مع أنّ قوله(ع): «كان حقّاً على اللّه أن يؤمنه روعته» لا يدلّ على حلّيّة تولّيه للولاية، فلعلّ ما صنع يكون كفّارةً لتولّيه، كما يظهر من بعض الأخبار و على فرض تماميّة الدلالة كانت النسبة بينها و بين أخبار حرمة الولاية عموماً من وجه و ليس تقديم إحداهما على الأخرى أولى من العكس و بعد حصول التساقط، فالمرجع أصالة الحل. [10]
أقول: إنّ قول الصادق(ع) «من تولّی أمراً من أمور الناس» شامل للتولّي من قبل السلطان الجائر قطعاً، حیث إنّ حکومة الجور کانت موجودةً بالفعل في زمان الصادق(ع) فلا یناسب حمل کلام الإمام(ع) علی زمان عدم حکومة سلطان الجور المفقود في زمان الأئمّة(علیهم السلام) فالملاك کلّه في العدالة و الظلم، کما سبق.
و منها: الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ[11] عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ[12] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ[13] عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ[14] قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى(ع) فَقَالَ لِي: «يَا زِيَادُ إِنَّكَ لَتَعْمَلُ عَمَلَ السُّلْطَانِ؟» قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ لِي: «وَ لِمَ؟» قُلْتُ: أَنَا رَجُلٌ لِي مُرُوءَةٌ[15] وَ عَلَيَّ عِيَالٌ وَ لَيْسَ وَرَاءَ ظَهْرِي شَيْءٌ، فَقَالَ لِي: «يَا زِيَادُ لَأَنْ أَسْقُطَ مِنْ حَالِقٍ[16] فَأَتَقَطَّعَ قِطْعَةً قِطْعَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَوَلَّى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَمَلاً أَوْ أَطَأَ بِسَاطَ أَحَدِهِمْ إِلَّا لِمَا ذَا؟» قُلْتُ: لَا أَدْرِي_ جُعِلْتُ فِدَاكَ_ فَقَالَ: «إِلَّا لِتَفْرِيجِ كُرْبَةٍ عَنْ مُؤْمِنٍ أَوْ فَكِّ أَسْرِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ». [17]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [18] [19] [20]
أقول: الروایة ضعیفة سنداً و تدلّ علی جواز التولّي لتفریج کربة عن مؤمن أو فكّ أسره أو قضاء دینه. و تدلّ أیضاً علی أنّ التولّي عن الجائر حرمته ذاتیّة و لکن قد یجوز لأجل هذه الغایات. و الظاهر أنّ الاستثناء یرجع إلی کلتا الفقرتین لا الأخیرة فقط، مع أنّ الظاهر أنّ حکم التولّي و إطاء بساط أحدهم واحد و لا فرق بینهما من حیث الحرمة الذاتیّة إلّا لتفریج کربة ... .
قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «هي و إن كانت متعرّضةً لجواز دخوله(ع) لتلك الغايات، لكنّ الظاهر أنّ ذلك لبيان مورد الجواز حتّى يستفيد منه السامع، لا لبيان اختصاص الجواز به. فيكشف منها أيضاً الإذن العامّ و الرضا المطلق للدخول في حقّهم، مضافاً إلى الجواز شرعاً و ذاتاً». [21]
و منها: [22] رَوَى عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ[23] قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ(ع): «إِنَّ لِلَّهِ_ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى_ مَعَ السُّلْطَانِ أَوْلِيَاءَ يَدْفَعُ بِهِمْ عَنْ أَوْلِيَائِهِ[24] ».[25]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32]
تبیین الدلالة
بناءً على أنّ قوله(ع) ذلك لترغيبه في بقائه على شغله. [33]
أقول: الروایة صحیحة سنداً و دلالتها تامّة، حیث تدلّ علی مدح الدخول مع الجائر و کونه أولیاء یدفع بهم عن أولیائه.
إشکال في الاستدلال بالروایة
قال المحقّق النراقيّ(رحمه الله): «إنّ الكون مع السلطان أعمّ من الدخول في عمله و الولاية منه». [34]
أقول: الروایة شاملة لکلیهما، فلا إشکال و لا دلیل علی الاختصاص بمن یدخل في عمله بلا ولایة و إن شمل ذلك أیضاً.
لقد أجاد الإمام الخمینيّ(رحمه الله) حیث قال: «إحتمال كون المذكورين في رواية محمّد بن إسماعيل [35] و نظائرها[36] من غير المتقلّدين لأمرهم، بل من أشراف البلد الذين لهم ذهاب و إياب في أبوابهم، فهو خلاف ظاهر قوله: «و مكّن له في البلاد»، بل خلاف ظاهر قوله: «بأبواب الظالمين» سيّما مع كون الراوي لها؛ مثل محمّد بن إسماعيل و لبعضها عليّ بن يقطين و هما متقلّدان لأعمالهم و لعلّها صادرة لترغيبهم في البقاء على بابهم». [37]