45/11/04
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ فی مسوغات الولایة عن الجائر
دفع الإشکال
لقد أجاد بعض الفقهاء(حفظه الله) حیث قال: «الإشكال فيه بأنّه من أحكام الشرائع السابقة مدفوع، أوّلاً: باستصحابها كما قيل. و ثانياً: بأنّ ذكرها في القرآن من غير إنكار دليل على جوازها في شرعنا. و أورد عليه أيضاً بأنّ يوسف(ع) كان مستحقّاً للسلطنة و إنّما أخذ حقّه. و فيه: إنّه استدلّ له الإمام الرضا(ع) كما في غير واحد من الروایات_و لم يستند إلى كونه صاحب حق، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ غير واحد منها ناظر إلى مسألة الزهد و الباقي مرسلة، فتأمّل»، (إنتهی ملخّصاً).[1]
الدلیل الثاني: الروایات
فمنها: قَالَ الصَّادِقُ(ع): «كَفَّارَةُ عَمَلِ السُّلْطَانِ قَضَاءُ حَوَائِجِ الإخوان». [2]
إستدلّ بها بعض الفقهاء.[3]
اشکال في الاستدلال بالروایة
أقول: إنّ العمل أعمّ من تصدّي المنصب.
و منها: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى[4] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ[5] أَوْ عَنْ زَيْدٍ[6] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى(ع): إِنَّ قَلْبِي يَضِيقُ مِمَّا أَنَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ السُّلْطَانِ_ وَ كَانَ وَزِيراً لِهَارُونَ_ فَإِنْ أَذِنْتَ لِي_ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ_ هَرَبْتُ مِنْهُ. فَرَجَعَ الْجَوَابُ: «لَا آذَنُ لَكَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عَمَلِهِمْ وَ اتَّقِ اللَّهَ» أَوْ كَمَا قَالَ. [7]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [8]
أقول: الروایة ضعیفة سنداً و لکنّ الدلالة تامّة.
و منها: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ[9] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعُبَيْدِيِّ[10] قَالَ: كَتَبَ أَبُو عُمَرَ الْحَذَّاءُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ(ع)[11] وَ قَرَأْتُ الْكِتَابَ وَ الْجَوَابَ بِخَطِّهِ يُعْلِمُهُ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى بَعْضِ قُضَاةِ هَؤُلَاءِ وَ أَنَّهُ صَيَّرَ إِلَيْهِ وُقُوفاً وَ مَوَارِيثَ بَعْضِ وُلْدِ العبّاس أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً وَ أَجْرَى عَلَيْهِ الْأَرْزَاقَ وَ إِنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنَّهُ بَعْدُ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَدْخُلَ لَهُمْ فِي عَمَلٍ وَ عَلَيْهِ مَئُونَةٌ وَ قَدْ تَلِفَ أَكْثَرُ مَا كَانَ فِي يَدِهِ وَ أَخَافُ أَنْ يَنْكَشِفَ عَنْهُمْ مَا لَا يُحِبُّ أَنْ يَنْكَشِفَ مِنَ الْحَالِ[12] فَإِنَّهُ مُنْتَظِرٌ أَمْرَكَ فِي ذَلِكَ فَمَا تَأْمُرُ بِهِ فَكَتَبَ(ع) إِلَيْهِ: «لَا عَلَيْكَ إِنْ دَخَلْتَ مَعَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ نَحْنُ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ». [13]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [14]
أقول: الروایة صحیحة سنداً و تدلّ علی جواز قبول الولایة من قبل الجائر إذا کان یؤدّي الأمانة إلی أهلها و لا یصحّ عدم الدخول مع تلف الأموال.