بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/11/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ فی مسوغات الولایة عن الجائر

دفع الإشکال

لقد أجاد بعض الفقهاء(حفظه الله) حیث قال: «الإشكال فيه بأنّه من أحكام الشرائع السابقة مدفوع، أوّلاً: باستصحابها كما قيل. و ثانياً: بأنّ ذكرها في القرآن من غير إنكار دليل على جوازها في شرعنا. و أورد عليه أيضاً بأنّ يوسف(ع) كان مستحقّاً للسلطنة و إنّما أخذ حقّه. و فيه: إنّه استدلّ له الإمام الرضا(ع) كما في غير واحد من الروایات_و لم يستند إلى كونه صاحب حق، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ غير واحد منها ناظر إلى مسألة الزهد و الباقي مرسلة، فتأمّل»، (إنتهی ملخّصاً).[1]

الدلیل الثاني: الروایات

فمنها: قَالَ الصَّادِقُ(ع): «كَفَّارَةُ عَمَلِ السُّلْطَانِ قَضَاءُ حَوَائِجِ الإخوان». [2]

إستدلّ بها بعض الفقهاء.[3]

اشکال في الاستدلال بالروایة

أقول: إنّ العمل أعمّ من تصدّي المنصب.

و منها: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى[4] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ[5] أَوْ عَنْ زَيْدٍ[6] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى(ع): إِنَّ قَلْبِي يَضِيقُ مِمَّا أَنَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ السُّلْطَانِ_ وَ كَانَ وَزِيراً لِهَارُونَ_ فَإِنْ أَذِنْتَ لِي_ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ_ هَرَبْتُ مِنْهُ. فَرَجَعَ‌ الْجَوَابُ‌: «لَا آذَنُ لَكَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عَمَلِهِمْ وَ اتَّقِ اللَّهَ» أَوْ كَمَا قَالَ‌. [7]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [8]

أقول: الروایة ضعیفة سنداً و لکنّ الدلالة تامّة.

و منها: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ[9] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْعُبَيْدِيِّ[10] قَالَ: كَتَبَ أَبُو عُمَرَ الْحَذَّاءُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ(ع)[11] وَ قَرَأْتُ الْكِتَابَ وَ الْجَوَابَ بِخَطِّهِ يُعْلِمُهُ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى بَعْضِ قُضَاةِ هَؤُلَاءِ وَ أَنَّهُ صَيَّرَ إِلَيْهِ وُقُوفاً وَ مَوَارِيثَ بَعْضِ وُلْدِ العبّاس أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً وَ أَجْرَى عَلَيْهِ الْأَرْزَاقَ وَ إِنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنَّهُ بَعْدُ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَدْخُلَ لَهُمْ فِي عَمَلٍ وَ عَلَيْهِ مَئُونَةٌ وَ قَدْ تَلِفَ أَكْثَرُ مَا كَانَ فِي يَدِهِ وَ أَخَافُ أَنْ يَنْكَشِفَ عَنْهُمْ مَا لَا يُحِبُّ أَنْ يَنْكَشِفَ مِنَ الْحَالِ[12] فَإِنَّهُ مُنْتَظِرٌ أَمْرَكَ فِي ذَلِكَ فَمَا تَأْمُرُ بِهِ فَكَتَبَ(ع) إِلَيْهِ: «لَا عَلَيْكَ إِنْ دَخَلْتَ مَعَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ نَحْنُ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ». [13]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [14]

أقول: الروایة صحیحة سنداً و تدلّ علی جواز قبول الولایة من قبل الجائر إذا کان یؤدّي الأمانة إلی أهلها و لا یصحّ عدم الدخول مع تلف الأموال.

 


[1] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص385.
[2] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص176.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[3] الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع، الشیخ آل عصفور، حسین، ج‌11، ص51.
[4] محمّد بن عیسی بن عبید الیقطیني (البغدادي): إماميّ ثقة.
[5] إماميّ ثقة.
[6] مهمل.
[7] قرب الإسناد - ط الحديثة، الحميري، أبو العباس، ج1، ص305.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود زید في سندها و هو مهمل)
[8] الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع، الشیخ آل عصفور، حسین، ج‌11، ص51.
[9] إماميّ ثقة.
[10] محمّد بن عیسی بن عبید الیقطیني (البغدادي): إماميّ ثقة.
[11] الإمام الهادي(ع).
[12] أي: یظهر تشیّعه.
[13] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص336.. (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[14] الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع، الشیخ آل عصفور، حسین، ج‌11، ص51.