بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ حکم الولایة من قبل الجائر

و منها: صحیحة محمّد بن مسلم[1] [2]

إستدلّ بها بعض الفقهاء.[3]

أقول: الروایة صحیحة و تدلّ علی أنّ تأیید الوالي الظالم یوجب دخول النار.

و منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى[4] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ[5] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ[6] عَنْ يَحْيَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ[7] قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ؟ع؟ فُلَانٌ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَقَالَ: «وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ» قُلْتُ: يَسْأَلُونَكَ الدُّعَاءَ فَقَالَ: «وَ مَا لَهُمْ؟» قُلْتُ: حَبَسَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ[8] فَقَالَ: «وَ مَا لَهُمْ وَ مَا لَهُ؟» قُلْتُ: اسْتَعْمَلَهُمْ فَحَبَسَهُمْ فَقَالَ: «وَ مَا لَهُمْ وَ مَا لَهُ أَ لَمْ أَنْهَهُمْ أَ لَمْ أَنْهَهُمْ أَ لَمْ أَنْهَهُمْ هُمُ النَّارُ هُمُ النَّارُ هُمُ النَّارُ!» قَالَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اخْدَعْ عَنْهُمْ سُلْطَانَهُمْ‌[9] » قَالَ: «فَانْصَرَفْتُ مِنْ مَكَّةَ فَسَأَلْتُ عَنْهُمْ فَإِذَا هُمْ قَدْ أُخْرِجُوا بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ». [10]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [11]

قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «لعلّ هذه الرواية ظاهرة في الحرمة الذاتيّة». [12]

أقول: الروایة ضعیفة سنداً و تدلّ علی النهي الأکید عن الارتباط مع الظالمین «هُمُ النّارُ هُمُ النّارُ هُمُ النّارُ» و ظاهرها الحرمة الذاتیّة.

و منها: روایة تحف العقول (أَمَّا وَجْهُ‌ الْحَرَامِ‌ مِنَ‌ الْوِلَايَةِ فَوِلَايَةُ الْوَالِي الْجَائِرِ وَ ...) [13] . [14]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [15] [16] [17]

أقول: قد سبق البحث عن هذه الروایة و أنّها تدلّ علی الحرمة الذاتیّة.

و لقد أجاد الإمام الخمینيّ(رحمه الله) حیث قال: «لا يخفى أنّها ظاهرة الدلالة على الحرمة ذاتاً. و ما ذكر فيها من العلل، علل للتشريع، فكأنّه قال: لمّا كانت المفاسد العظيمة مترتّبةً على الولاية من قبل الجائر و أنّ الحكومات الجائرة الباطلة منشأ كلّ مفسدة، حرّمها اللّه_تعالى_و حرّم الدخول فيها في أعمالهم و الولاية من قبلهم و إلّا فالمفاسد المذكورة لم تترتّب على كلّ ولاية؛ ضرورة أنّ في عصر بني أميّة و بني العبّاس_ لعنهم اللّه_ لم يكن نبي؛ لكنّ المنظور بيان علّة التشريع كلّيّاً، فدلالتها على الحرمة الذاتيّة غير خفيّة». [18]

قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «دلالتها على الحرمة الذاتيّة واضحة». [19]

و منها: روایة زِيَادِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ[20] . [21]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [22] [23]

قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «دلالتها على الحرمة الذاتيّة لأجل أنّ أبا الحسن(ع) مع كونه وليّ الأمر و صاحب الحق، قال ما قال و علّله بما ذكر و استثنى ما استثنى، فلو كانت الحرمة للتصرّف في حقّهم فقط، لما كان لذلك كلّه وجه». [24]

و منها: روایة مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ[25] . [26]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [27]

و لقد أجاد الإمام الخمینيّ(رحمه الله) حیث قال: «الظاهر من استثناء التقيّة أنّ المراد بالموالاة ليس المحبّة و الوداد، بل التولّي للأمور و التصدّي لأعمالهم أو الأعمّ منه و من الموالاة ظاهراً بإظهار المحبّة و الوداد، سيّما مع أنّ الظاهر من صدرها أنّ نفي التشيّع عن الجماعة ليس لخصوص الموالاة، بل الظاهر أنّ من عمل لهم و دخل في أعمالهم ليس من الشيعة و يكون منهم و معلوم أنّ هذا النفي و الإثبات بوجه من التأويل و ذلك لاشتراكهم حكماً. و دلالتها على الحرمة الذاتيّة واضحة». [28]

و منها: عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ[29] قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرضا(ع): مَا تَقُولُ فِي أَعْمَالِ السُّلْطَانِ؟ فَقَالَ(ع): «يَا سُلَيْمَانُ‌ الدُّخُولُ‌ فِي‌ أَعْمَالِهِمْ‌ وَ الْعَوْنُ لَهُمْ وَ السَّعْيُ فِي‌ حَوَائِجِهِمْ عَدِيلُ الْكُفْرِ وَ النَّظَرُ إِلَيْهِمْ عَلَى الْعَمْدِ مِنَ الْكَبَائِرِ التي يُسْتَحَقُّ بِهَا النَّارُ». [30]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [31] [32]

کلام الإمام الخمینيّ ذیل الروایة

قال(رحمه الله): «الظاهر منها أنّ الثلاثة المذكورة محرّمة بعناوينها و احتمال أن تكون الحرمة في الدخول في أعمالهم لأجل التصرّف في سلطان الغير بعيد». [33]

و منها: روایة الکاهلي[34] . [35]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [36]

و لقد أجاد الإمام الخمینيّ(رحمه الله) حیث قال: «المراد الدخول في ديوانهم و التقلّد لأعمالهم أعمّ من التولية و غيرها. و الظاهر منها أنّ الدخول و التقلّد محرّم بذاته، لا أنّ الحرمة لانطباق عنوان محرّم عليه؛ كالتصرّف في سلطان الغير أو لأمر خارج؛ كالابتلاء بالمحرّمات فيها». [37]

قال السیّد المجاهد(رحمه الله): «إنّه صرّح[38] بأنّ المستفاد من النصوص هو تحريم الولاية من قبل الجائر لذاتها». [39]

الدلیل الثالث: العقل [40] [41]

أقول: هذا الدلیل هو العمدة و سائر الأدلّة من الآیات و الروایات إرشادات إلیه؛ فإنّ العقل یحکم بأنّ نفس قبول الولایة من قبل الجائر ظلم و تحکیم لحکومة الجائر و من مصادیق الظلم.

قال کاشف الغطاء(رحمه الله): «(تحرم) في ذاتها (من الجائر) مسلماً أو كافراً، مؤمناً أو مخالفاً، عقلاً». [42]

قال النجفيّ التبریزي(رحمه الله): «إنّ نفس قبول الولاية و لو لم يفعل شيئاً ظلم و تحكيم لحكومة الجائر».[43]

قال السیّد الخوانساريّ(رحمه الله): «هل الولاية تكون حرمتها نفسيّةً مع قطع النظر عن ترتّب محرّم أو تكون الحرمة من جهة ترتّب المحرّمات؟ لا يبعد ظهور الروايات‌ ‌في الحرمة النفسيّة. و يؤيّد هذا أنّ مقدّمة الحرام ما لم توجب سلب الاختيار عن المكلّف_ كالأفعال التوليديّة لا وجه لحرمتها». [44]


[1] کما مرّ في أدلّة الحرمة.
[2] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص107.. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی)
[3] تحليل الكلام في فقه الإسلام، التبریزی، الشیخ راضی، ج1، ص: 210.
[4] العطّار: إماميّ ثقة.
[5] أحمد بن محمّد بن عیسی الأشعري: إماميّ ثقة.
[6] الزاهريّ الخُزاعي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً.
[7] مهمل.
[8] يعني الدوانيقي.
[9] مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، العلامة المجلسي، ج19، ص64. کان الخدع كنايةً عن تحويل قلبه عن ضررهم أو اشتغاله بما يصير سبباً لغفلته عنهم و ربما يقرأ_ بالجيم و الدال المهملة_ بمعنى الحبس و القطع.
[10] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص107.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود یحیی بن إبراهیم بن مهاجر في سندها و هو مهمل)
[11] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص114.
[12] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص765.
[13] کما مرّ في أدلّة الحرمة.
[14] تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ج1، ص332.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[15] كتاب المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج4، ص292.
[16] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص110.
[17] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص761.
[18] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص110.
[19] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص761.
[20] کما مرّ في أدلّة الحرمة.
[21] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص109.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود محمّد بن خالد و زیاد بن أبي سلمة في سندها و هما مهملان)
[22] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص111.
[23] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص761.
[24] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص111.
[25] کما مرّ في أدلّة الحرمة.
[26] تفسير القمي، القمي، علي بن ابراهيم، ج1، ص176. (هذه الروایة مسندة، موثّقة ظاهراً).
[27] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص111.
[28] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص111.
[29] سلیمان بن جعفر بن إبراهیم الجعفري: إماميّ ثقة.
[30] تفسير العيّاشي، العياشي، محمد بن مسعود، ج1، ص238.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[31] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص112.
[32] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص762.
[33] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص112.
[34] کما مرّ في أدلّة الحرمة.
[35] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص329.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود إبن بنت الولید بن صبیح الکاهليّ في سندها و هو مهمل)
[36] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص112.
[37] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص112.
[38] بحر العلوم(رحمه الله).
[39] كتاب المناهل، الطباطبائي المجاهد، السيد محمد، ج1، ص316.
[40] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص97.
[41] جامع المدارك، الخوانساري، السيد أحمد، ج3، ص58.
[42] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص97.
[43] تحليل الكلام في فقه الإسلام، التبریزی، الشیخ راضی، ج1، ص: 209.
[44] جامع المدارك، الخوانساري، السيد أحمد، ج3، ص58.