45/10/13
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ حکم الولایة من قبل الجائر
و منها: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[1] عَنْ أَبِيهِ[2] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[3] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ[4] عَنْ أَبِي بَصِير[5] قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ(ع)[6] عَنْ أَعْمَالِهِمْ؟ فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَا وَ لَا مَدَّةَ قَلَمٍ[7] إِنَّ أَحَدَهُمْ لَا يُصِيبُ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئاً إِلَّا أَصَابُوا مِنْ دِينِهِ مِثْلَهُ أَوْ قَالَ حَتَّى يُصِيبُوا مِنْ دِينِهِ مِثْلَهُ». [8]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [9] [10] [11] [12]
الحقّ في روایة أبي بصیر
أقول: الروایة تامّة سنداً و دلالةً حیث تدلّ علی أنّ أصغر خدمة لهم مثل غمس القلم في الدواة مرّةً یوجب الخسران في الدین و أنّ الدنیا الحاصلة منهم توجب فوات الدین.
و منها: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ[13] قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ[14] عَنِ العبّاس بْنِ مَعْرُوفٍ[15] عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ[16] عَنِ السَّكُونِيِّ[17] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) عَنْ أَبِيهِ(ع) قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ(ص): «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ الظَّلَمَةُ وَ أَعْوَانُهُمْ وَ مَنْ لاط [لَاقَ] لَهُمْ دَوَاةً وَ رَبَطَ كِيساً أَوْ مَدَّ لَهُمْ مرّة [مَدَّةَ] [18] قَلَمٍ، فَاحْشُرُوهُمْ مَعَهُمْ». [19]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [20]
الحقّ في روایة السکوني
أقول: الروایة قویّة سنداً و الدلالة تامّة حیث تدلّ علی أنّ فعل الأمور المباحة لهم یوجب الحشر معهم، مع قطع النظر عن کون الفعل حراماً.
و منها: بِهَذَا الْإِسْنَادِ[21] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(ص): «إِيَّاكُمْ وَ أَبْوَابَ السُّلْطَانِ وَ حَوَاشِيَهَا، فَإِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنْ أَبْوَابِ السُّلْطَانِ وَ حَوَاشِيهَا أَبْعَدُكُمْ مِنَ اللَّهِ_ تَعَالَى_وَ مَنْ آثَرَ السُّلْطَانَ عَلَى اللَّهِ_تَعَالَى[22] أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَرَعَ وَ جَعَلَهُ حَيْرَانَ».[23]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [24]
الحقّ في الروایة الثانیة للسکوني
أقول: الروایة موثّقة و دلالتها تامّة حیث تدلّ علی أنّ القرب إلی السلطان یوجب البعد من الله_تعالی_مع قطع النظر عن فعل محرّم أو ترك واجب.
و منها: [25] ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ[26] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ[27] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ[28] قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ[29] (ع) عَلَى بَابِ دَارِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَنَظَرَ(ع) إِلَى النَّاسِ يَمُرُّونَ أَفْوَاجاً، فَقَالَ(ع) لِبَعْضِ مَنْ عِنْدَهُ: حَدَثَ بِالْمَدِينَةِ أَمْرٌ؟ فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وُلِّيَ الْمَدِينَةَ وَالٍ، فَغَدَا النَّاسُ يُهَنِّئُونَهُ، فَقَالَ(ع): «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْدَى عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ تَهَنَّأَ بِهِ وَ إِنَّهُ لَبَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ».[30]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [31]
الحقّ في روایة محمّد بن مسلم
أقول: الروایة صحیحة سنداً و دلالةً حیث تدلّ علی أنّ الدخول في أبواب السلاطین دخول في أبواب النار.
و منها: حَدَّثَنِي أَبِي[32] قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُسْلِمٍ[33] عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ[34] قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(ع) عَنْ قَوْمٍ مِنَ الشِّيعَةِ يَدْخُلُونَ فِي أَعْمَالِ السُّلْطَانِ وَ يَعْمَلُونَ لَهُمْ وَ يُحِبُّونَهُمْ وَ يُوَالُونَهُمْ، قَالَ: «لَيْسَ هُمْ مِنَ الشِّيعَةِ وَ لكنّهمْ مِنْ أُولَئِكَ، ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع) هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لُعِنَ الذينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [35] إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ﴾[36] قَالَ: الْخَنَازِيرُ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَ الْقِرَدَةُ عَلَى لِسَانِ عِيسَى وَ قَولُهُ: ﴿كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾[37] قَالَ: كَانُوا يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ يَشْرَبُونَ الْخَمرَ وَ يَأْتُونَ النِّسَاءَ أَيَّامَ حَيْضِهِنَّ ثُمَّ احْتَجَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْمُوَالِينَ لِلْكُفَّارِ ﴿تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الذينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾[38] إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَ لكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ﴾[39] فَنَهَى اللَّهُ(عزوجل) أَنْ يُوَالِيَ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ إِلَّا عِنْدَ التقيّة». [40]
إستدلّ بها بعض الفقهاء.[41]
الحقّ في روایة مسعدة بن صدقة
أقول: الروایة موثّقة و لکنّ الدلالة مورد المناقشة، حیث إنّ المنهيّ عنه هو العمل لهم و محبّتهم مع أنّهم یأکلون لحم الخنزیر و یشربون الخمر و یأتون النساء أیّام حیضهنّ ... فنهی الله_عزّوجلّ_عن أن یوالي المؤمن الکافر إلّا عند التقیّة فالنهي تعلّق بالمحبّة لهم، فیمکن أن یقال: إنّه لو کان البغض لهم مع الدخول في بابهم فلا إشکال في ذلك و لا تدلّ علی حرمة ذلك.
فالحاصل من الروایات الصحیحة و الموثّقة حرمة قبول الولایة من قبل الجائر من حیث إنّه جائر مع قطع النظر عن فعل حرام أو ترك واجب. و يمكن أن یستدلّ في المقام بأدلّة النهي عن المنکر و الأمر بالمعروف فلا بدّ من النهي عن الظالم و ظلمه. و هذا لا یتحقّق مع قبول الولایة من قبله الملازم للتأیید.