بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/10/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ حکم الولایة من قبل الجائر

و منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى[1] عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ[2] عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَحْمُودٍ[3] عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ[4] ‌ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ(ع)[5] مَا تَقُولُ فِي أَعْمَالِ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ(ع): «إنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلاً فَاتَّقِ‌ أَمْوَالَ‌ الشِّيعَةِ» قَالَ: «فَأَخْبَرَنِي عَلِيٌّ أَنَّهُ كَانَ يَجْبِيهَا مِنَ الشِّيعَةِ عَلَانِيَةً وَ يَرُدُّهَا عَلَيْهِمْ فِي السِّرِّ[6] ». [7]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [8]

الحقّ في روایة عليّ بن یقطین

أقول: الروایة ضعیفة سنداً و لکن تدلّ علی أنّ الولایة من قبل الجائر لا تجوز إلّا أن یکون مجبوراً علی ذلك؛ کما یستفاد من کلمة «لَا بُدَّ فَاعِلاً».

و منها: عَنْهُ[9] عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ[10] عَنِ ابْنِ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ الْكَاهِلِيِّ[11] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: «مَنْ‌ سَوَّدَ اسْمَهُ‌ فِي‌ دِيوَانِ‌ وُلْدِ سَابِعٍ[12] ‌ حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِنْزِيراً». [13]

إستدلّ بها بعض الفقهاء.[14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21]

الحقّ في روایة الکاهلي

أقول: الروایة ضعیفة سنداً و لکنّ الدلالة تامّة ظاهراً بالنسبة إلی ولد عبّاس.

و منها: عَنِ الصَّادِقِ(ع): «أَمَّا وَجْهُ‌ الْحَرَامِ‌ مِنَ‌ الْوِلَايَةِ فَوِلَايَةُ الْوَالِي الْجَائِرِ وَ وِلَايَةُ وُلَاتِهِ الرَّئِيسِ مِنْهُمْ وَ أَتْبَاعِ الْوَالِي فَمَنْ دُونَهُ مِنْ وُلَاةِ الْوُلَاةِ إِلَى أَدْنَاهُمْ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْوِلَايَةِ عَلَى مَنْ هُوَ وَالٍ عَلَيْهِ وَ الْعَمَلُ لَهُمْ وَ الْكَسْبُ مَعَهُمْ بِجِهَةِ الْوِلَايَةِ لَهُمْ حَرَامٌ وَ محرّم مُعَذَّبٌ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى قَلِيلٍ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ كَثِيرٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْ‌ءٍ مِنْ جِهَةِ الْمَعُونَةِ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ وَ ذَلِكَ أَنَّ فِي وِلَايَةِ الْوَالِي الْجَائِرِ دَوْسَ الْحَقِّ كُلِّهِ‌[22] وَ إِحْيَاءَ الْبَاطِلِ كُلِّهِ وَ إِظْهَارَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ وَ الْفَسَادِ وَ إِبْطَالَ الْكُتُبِ وَ قَتْلَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ هَدْمَ الْمَسَاجِدِ وَ تَبْدِيلَ سُنَّةِ اللَّهِ وَ شَرَائِعِهِ؛ فَلِذَلِكَ حَرُمَ الْعَمَلُ مَعَهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ وَ الْكَسْبُ مَعَهُمْ إِلَّا بِجِهَةِ الضَّرُورَةِ، نَظِيرَ الضَّرُورَةِ إِلَى الدَّمِ وَ الْمَيْتَةِ». [23]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30]

الحقّ في روایة تحف العقول

أقول: هذه الروایة ضعیفة سنداً و لکن ذکرها الشیخ الأعظم(رحمه الله) و کثیر من الأعلام اعتماداً علیها، لقوّة المضمون؛ کما صرّح بذلك المحقّق الخوئيّ(رحمه الله) بأنّ التعلیلات صحیحة فلا بأس بالتمسّك بها. و أمّا الدلالة فهي قویّة دالّة علی أنّ الولایة من قبل الجائر من حیث إنّها ولایة عن الجائر محرّمة حیث قال «وَ الْعَمَلُ لَهُمْ وَ الْكَسْبُ مَعَهُمْ بِجِهَةِ الْوِلَايَةِ لَهُمْ حَرَامٌ وَ مُحَرَّمٌ مُعَذَّبٌ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى قَلِيلٍ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ كَثِيرٍ لِأَنَّ كُلَّ شَيْ‌ءٍ مِنْ جِهَةِ الْمَعُونَةِ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِر» و هکذا قوله(ع): «أَنَّ فِي وِلَايَةِ الْوَالِي الْجَائِرِ دَوْسَ الْحَقِّ كُلِّهِ وَ إِحْيَاءَ الْبَاطِلِ كُلِّه‌» فالدلالة تامّة و السند مورد قبول أکثر الأعلام، فلا بأس بالتمسّك بها؛ لأنّ التعلیلات صحیحة جدّاً.

قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «هذه الرواية و إن كانت ضعيفة السند إلّا أنّ تلك التعليلات المذكورة فيها تعليلات صحيحة، فلا بأس بالتمسّك بها»، (إنتهی ملخّصاً). [31]

و قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «إنّ مقتضى إطلاقه حرمة ولاية والي الجائر و إن لم تكن الولاية إلّا في عمل مشروع؛ لاقتضاء طبع ولايته الأمور المذكورة لأجل كونه جائراً، كما هو المفروض». [32]

و منها: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[33] عَنْ أَبِيهِ[34] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[35] عَنْ دَاوُدَ بْنِ زُرْبِيٍّ[36] قَالَ: أَخْبَرَنِي مَوْلىً[37] لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْن (ع) قَالَ: «كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع) الْحِيرَةَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَوْ كَلَّمْتَ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ أَوْ بَعْضَ هَؤُلَاءِ فَأَدْخُلَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْوِلَايَاتِ» فَقَالَ: «مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ»، قَالَ: «فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَتَفَكَّرْتُ فَقُلْتُ مَا أَحْسَبُهُ مَنَعَنِي إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أَجُورَ وَ اللَّهِ لآَتِيَنَّهُ وَ لَأُعْطِيَنَّهُ الطَّلَاقَ وَ الْعَتَاقَ وَ الْأَيْمَانَ الْمُغَلَّظَةَ أَلَّا أَظْلِمَ أَحَداً وَ لَا أَجُورَ وَ لَأَعْدِلَنَّ». قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: «جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي فَكَّرْتُ فِي إِبَائِكَ عَلَيَّ فَظَنَنْتُ أَنَّكَ إِنَّمَا مَنَعْتَنِي وَ كَرِهْتَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ أَجُورَ أَوْ أَظْلِمَ وَ إِنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَ كُلَ‌ مَمْلُوكٍ‌ لِي‌ حُرٌّ عَلَيَّ وَ عَلَيَّ‌ إِنْ ظَلَمْتُ أَحَداً أَوْ جُرْتُ عَلَيْهِ وَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ» قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: «فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْأَيْمَانَ» فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ(ع): «تَنَاوُلُ السَّمَاءِ أَيْسَرُ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ[38] ». [39]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [40] [41] [42]

الحقّ في روایة داود بن زربي

أقول: الروایة ضعیفة سنداً و الدلالة تامّة حیث تدلّ علی أنّ الولایة من قبل الجائر لا تنفكّ عن المحرّمات قطعاً و لو من حیث تأیید الجائر.

قال الشیخ النجفيّ(رحمه الله): «المراد أيسر عليك من إجابتي لك إلى ذلك أو لا يمكنك الوفاء بتلك الأيمان و الدخول في أعمال هؤلاء بغير ظلم؛ كالمحال، فتناول السماء أيسر عليك ممّا عزمت عليه». [43]

 


[1] العطّار: إماميّ ثقة.
[2] عليّ بن أسباط بن سالم: فطحيّ ثقة.
[3] الخراساني: إماميّ ثقة.
[4] إماميّ ثقة.
[5] الإمام موسی بن جعفر الکاظم(ع).
[6] الجباية: إستخراج الأموال من مظانّها.
[7] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص110. (هذه الروایة مرسلة و ضعیفة).
[8] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص378.
[9] محمّد بن أحمد بن یحیی بن عبد الله الأشعري: إماميّ ثقة.
[10] الأنباري: إماميّ ثقة.
[11] مهمل.
[12] عبّاس.
[13] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص329.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود إبن بنت الولید بن صبیح الکاهليّ في سندها و هو مهمل)
[14] الدروس الشرعية في فقه الإمامية‌، الشهيد الأول، ج3، ص174.
[15] كتاب المناهل، الطباطبائي المجاهد، السيد محمد، ج1، ص315.
[16] أنوار الفقاهة (كتاب المكاسب)، كاشف الغطاء، الشيخ حسن، ج1، ص92.
[17] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص157.
[18] مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص668.
[19] ارشاد الطالب الی تعلیق المکاسب، التبريزي، الميرزا جواد، ج1، ص258.
[20] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص381.
[21] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص762.
[22] داس الشي‌ء: وطئه برجله.
[23] تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ج1، ص332.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[24] أنوار الفقاهة (كتاب المكاسب)، كاشف الغطاء، الشيخ حسن، ج1، ص92.
[25] جامع المدارك، الخوانساري، السيد أحمد، ج3، ص58.
[26] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص110.
[27] مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص669.
[28] مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج16، ص169.
[29] تفصيل الشريعة- المكاسب المحرمه، الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد، ج1، ص263.
[30] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص761.
[31] مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص669.
[32] تفصيل الشريعة- المكاسب المحرمه، الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد، ج1، ص263.
[33] عليّ بن إبراهیم بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة.
[34] إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[35] محمّد بن أبي عمیر زیاد: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[36] الخندقي: إماميّ ثقة.
[37] مهمل.
[38] مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، العلامة المجلسي، ج19، ص64. أي: لا يمكنك الوفاء بتلك الأيمان و الدخول في أعمال هؤلاء بغير ارتكاب ظلم محال، فتناول السماء بيدك أيسر ممّا عزمت عليه.
[39] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص108. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود مولی عليّ بن الحسین في سندها و هو مهمل).
[40] أنوار الفقاهة (كتاب المكاسب)، كاشف الغطاء، الشيخ حسن، ج1، ص93.
[41] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص158.
[42] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص377.
[43] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص158.