45/10/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ حکم الولایة من قبل الجائر
الآیة الثانیة
قال الله تعالی: ﴿لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ﴾.[1]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [2]
الحقّ في الآیة الثانیة
أقول: بیان الاستدلال أنّ الإیمان بالله_تعالی_و الیوم الآخر لا یجتمع مع مودّة المعاند لله و لرسوله و إعانته. و السلطان الجائر معاند لله و أوامره و نواهیه. فمن تولّی من قبل السلطان الجائر فلا یؤمن بالله و الیوم الآخر؛ لأنّ التولّي و الإعانة له و التعاون معه یلازم عرفاً عدم الإیمان الواقعيّ بالله و بالیوم الآخر؛ فیمکن الاستدلال بالآیتین علی أنّ إعانة الجائر و التعاون معه و إطاعة أوامره و نواهیه نوع رکون إلیه و لا یجتمع مع الإیمان بالله و الیوم الآخر. و هذا محرّم مع قطع النظر عن فعل محرّم أو ترك واجب.
الدلیل الثاني: الروایات
فمنها: إبنُ أَبِي عُمَيْرٍ[3] عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ[4] قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع): «لَا تُعِنْهُمْ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ». [5]
إستدلّ بها بعض الفقهاء.[6]
الحقّ في روایة یونس بن یعقوب
أقول: بیان الاستدلال أنّه لو کانت الإعانة لهم علی بناء المسجد منهیّاً عنها فالإعانة علی الأمور المباحة أو المکروهة بالطریق الأولی منهيّ عنها، فکیف بالأمور المحرّمة!
و منها: الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ[7] عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ[8] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ[9] عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ[10] قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى(ع) فَقَالَ لِي: «يَا زِيَادُ إِنَّكَ لَتَعْمَلُ عَمَلَ السُّلْطَانِ؟» قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ لِي: «وَ لِمَ؟» قُلْتُ: أَنَا رَجُلٌ لِي مُرُوءَةٌ[11] وَ عَلَيَّ عِيَالٌ وَ لَيْسَ وَرَاءَ ظَهْرِي شَيْءٌ، فَقَالَ لِي: «يَا زِيَادُ لَأَنْ أَسْقُطَ مِنْ حَالِقٍ[12] فَأَتَقَطَّعَ قِطْعَةً قِطْعَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَوَلَّى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَمَلاً أَوْ أَطَأَ بِسَاطَ أَحَدِهِمْ إِلَّا لِمَا ذَا؟» قُلْتُ: لَا أَدْرِي_ جُعِلْتُ فِدَاكَ_ فَقَالَ: «إِلَّا لِتَفْرِيجِ كُرْبَةٍ عَنْ مُؤْمِنٍ أَوْ فَكِّ أَسْرِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ يَا زِيَادُ إِنَّ أَهْوَنَ مَا يَصْنَعُ اللَّهُ بِمَنْ تَوَلَّى لَهُمْ عَمَلاً أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِ سُرَادِقٌ[13] مِنْ نَارٍ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ اللَّهُ مِنْ حِسَابِ الْخَلَائِقِ يَا زِيَادُ فَإِنْ وُلِّيتَ شيئاً من أَعْمَالِهِمْ فَأَحْسِنْ إِلَى إِخْوَانِكَ فَوَاحِدَةٌ بِوَاحِدَةٍ[14] وَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ يَا زِيَادُ أَيُّمَا رَجُلٍ مِنْكُمْ تَوَلَّى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَمَلاً ثُمَّ سَاوَى بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ فَقُولُوا لَهُ أَنْتَ مُنْتَحِلٌ كَذَّابٌ يَا زِيَادُ إِذَا ذَكَرْتَ مَقْدُرَتَكَ عَلَى النَّاسِ فَاذْكُرْ مَقْدُرَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ غَداً وَ نَفَادَ[15] مَا أَتَيْتَ إِلَيْهِمْ عَنْهُمْ وَ بَقَاءَ مَا أَتَيْتَ إِلَيْهِمْ عَلَيْكَ[16] ». [17]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28]
قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «وجه دلالتها على الحرمة أنّه لو كانت الحرمة لأجل التصرّف في حقّهم، لما كان لقوله(ع): «لئن أسقط من حالق ...» وجه، بل كان له الدخول و الإذن لشيعته في الدخول». [29]
الحقّ في روایة زیاد بن أبي سلمة
أقول: الروایة ضعیفة سنداً و دلالةً حیث تدلّ علی جواز الدخول في تولیة السلطان الجائر لتفریج کربة عن مؤمن أو فكّ أسره أو قضاء دینه. و هکذا الإحسان إلی الإخوان المؤمنین و لا تدلّ علی حرمة الولایة من قبل الجائر مطلقاً فیمکن أن یقال: إنّ هذه الروایة تدلّ علی جواز الولایة للإحسان إلی الإخوان؛ فالأولی عدم ذکر هذه الروایة في مقام الاستدلال فإنّها توجب توجیه قبول الولایة من قبل الجائر لقضاء الدین أو لفكّ أسره أو لتفریج کربة عن مؤمن أو للإحسان إلی الإخوان.