45/10/06
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ حکم الولایة من قبل الجائر
التمهید الثاني: في المراد من الجائر
قال الشیخ البحراني: «[المراد][1] هو سلاطين الجور المدّعين للإمامة من الأمويّة و العبّاسيّة و من حذا حذوهم، كما هو ظاهر من سياقها و مصرّح به في بعضها، لا مطلق الظالم و الفاسق و إن كان الظلم و الفسق محرّماً مطلقاً». [2]
الحقّ في التمهید الثاني
أقول: مرکز البحث هو الولایة من قبل الجائر، لا کلّ عامل؛ فمرکز البحث هو ما کان هناك شخص له منصب خطیر سامٍ من قبل الجائر و لو کان فعله حلالاً، فمن غصب هذا المنصب أصبح سلطاناً جائراً و أصبح جهازه جهاز الجور؛ لغصبه الولایة و غصب الولایة مشکل. المسؤولون العالیة النسق في نظام الحاکم الجائر الذین لهم الولایة و السلطنة في حدودهم فهم ولاة في بعض الجهاز الحکوميّ و هم الغاصبون أیضاً.
و فیها مبحثان:
المبحث الأوّل: في حکم الولایة من قبل الجائر تکلیفاً (الحکم الأوّلي)
أقول: إنّ المراد حکم الولایة من قبل الجائر تکلیفاً مع قطع النظر عن ارتکاب محّرم أو ترك واجب.
إتّفق الفقهاء علی حرمة الولایة من قبل الجائر في الجملة. [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12]
قال إبن برّاج(رحمه الله): «أمّا المحظور على كلّ حال فهو ... تولّى الأمور من جهته[13] ». [14]
و قال إبن إدریس الحلّيّ(رحمه الله): «السلطان الجائر، فلا يجوز لأحد أن يتولّى شيئاً من الأمور مختاراً من قبله إلّا من يعلم أو يغلب على ظنّه، أنّه إذا تولّى ولايةً من جهته، تمكّن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قسمة الأخماس و الصدقات الى مستحقّيها و صلة الإخوان». [15]
و قال الشهید الأوّل(رحمه الله): «يحرم عن الجائر». [16]
و قال السیّد الطباطبائيّ(رحمه الله): « [الولایة][17] عن الجائر محرّمة». [18]
و قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات و المناصب و الأشغال من قبل الجائر و إن كان أصل الشغل مشروعاً مع قطع النظر عن تولّيه من قبله؛ كجباية الخراج و جمع الزكاة و تولّي المناصب الجنديّة و الأمنيّة و حكومة البلاد و نحو ذلك، فضلاً عمّا كان غير مشروع في نفسه؛ كأخذ العشور[19] و المكوس[20] و غير ذلك من أنواع الظلم المبتدعة».[21]
و قال(رحمه الله) في موضع آخر: «الولاية من قبل الجائر محرّمة، كانت على المحرّمات أو المحلّلات أو ما اختلط فيها المحرّم و المحلّل». [22]
قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «الظاهر أنّه لا خلاف بين الأصحاب في حرمة الولاية من قبل الجائر في الجملة».[23]
الدلیل الأوّل: الآیتان
الآیة الأولی: آیة الرکون
قال الله_ تعالی: ﴿وَ لاَ تَرْكَنُوا إِلَى الذينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ﴾. [24]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [25] [26]
إشکال في الاستدلال بالآیة
قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «لا يخفى أنّ التولّي من قبيل ركون الظالم إليه، لا من ركونه إلى الظالم». [27]
الحقّ في آیة الرکون
أقول: إنّ الظاهر من قبول التولیة من قبل الجائر أنّ القبول رکون إلی الظالم و إن کان الرکون من الطرفین لکن أحدهما آمر و الآخر مأمور من قبله.