45/10/05
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ الولایة من قبل الجائر/ المقصود من الولایة
المسألة السابعة و عشرون[1] : الولایة من قبل الجائر[2]
تمهیدان
التمهید الأوّل: المقصود من الولاية في المقام
قال المحقّق الأردبیليّ(رحمه الله): «الظاهر أنّ المراد بالولاية السلطنة و الغلبة على بعض الناس و البلاد أو كونه حاكماً عليهم من قبله أو كونه عاملاً له و وكيلاً له و نائباً عنه». [3]
و قال کاشف الغطاء(رحمه الله): «المنصوبون من أيدي ظلمة سلاطين الشيعة قضاةً أو شيوخ إسلام أو نوّاباً و نحوهم إن فقدوا القابليّة و اعتقدوا التأثير، كانوا عصاةً عاصين في أفعالهم و اعتقاداتهم؛ لكونهم مشرّعين في الدين و من وجد القابليّة و داخله الاعتقاد، كان عاصياً في تشريعه. و أمّا من لم يداخله الاعتقاد الفاسد مع قابليّته، فليس من ولاة الجائرين و عمّالهم؛ لأنّ الولاية لهم من قبل اللّه و إنّما أدخلوا أنفسهم تحت هذا الإسم؛ لينالوا بعض منصبهم و ليستوفوا بعض حقّهم؛ كما يستعان بالظالم لاستنقاذ الحقوق، فمن كانت ولايته من الأئمّة(علیهم السلام) بإذن خاصّة؛ كابني يقطين و النجاشي و بزيغ و نحوهم أو عامّة؛ كعلم الهدى و الخاجا نصير الدين و المحقّق الثاني و البهائيّ و المجلسيّ(رحمهم الله) و نحوهم يدخلون في ولاة إمام العدل»، (إنتهی ملخّصاً).[4]
و قال(رحمه الله): «لو نصب الفقيه المنصوب من الإمام بالإذن العامّ سلطاناً أو حاكماً لأهل الإسلام، لم يكن من حكّام الجور ،كما كان ذلك في بني إسرائيل؛ فإنّ حاكم الشرع و العرف كليهما كانا منصوبان من الشرع».[5]
و قال السيّد العامليّ(رحمه الله): «المراد من الولاية في المقام ما كانت كالقضاء و السياسة و تدبير نظام أو نحوها و ليس المراد منها ما كانت على الغائبين و المجانين و الأيتام». [6]
و قال الشیخ النجفيّ(رحمه الله): «المسألة الرابعة الولاية للقضاء أو النظام و السياسة أو على جباية الخراج أو على القاصرين من الأطفال أو غير ذلك أو على الجميع». [7]
و قال الشیخ الأنصاريّ(رحمه الله): «هي صيرورته والياً على قوم منصوباً من قبله».[8]
و قال المحقّق الإیروانيّ(رحمه الله): «الظاهر أنّ المراد من الولاية من قبل الجائر نفس أخذ المنصب منهم؛ أعني هذا الأمر الاعتباريّ بتسويد الإسم في ديوانهم المرتّب على ذلك القيام بإعمال الولاية محرّمة كانت في ذاتها أو مباحةً، فيكون أخذ المنصب محرّماً و القيام بأعماله محرّماً آخر؛ لكن يشكل استفادة هذا من أدلّة حرمة الولاية، فإنّ منصرف تلك الأدلّة حرمة الولاية بمعنى القيام بأعمالها، لا مجرّد أخذ المنصب.
و يشهد له رواية زياد بن أبي سلمة [9] و التعليل في رواية تحف العقول[10] و يشهد له أيضاً أنّ أخذ النصب لو كان حراماً في ذاته، لما جاز ذلك لأجل غاية مستحبّة؛ مثل القيام بحوائج المؤمنين و الإحسان إليهم و قد ادّعى المصنّف تطابق الأدلّة على جوازه لأجل هذه الغايات؛ نعم إن كان مجرّد أخذ المنصب تقويةً لهم و زيادةً لشوكتهم، حرم بهذا العنوان و إن لم يقم بشيء من أعمال الولاية».[11]
و قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «هي[12] أخذ المنصب منه و تسويد الإسم في ديوانه و إن لم ينضمّ إليها القيام بمعصية عمليّة أخرى من الظلم و قتل النفوس المحترمة و إصابة أموال الناس و أعراضهم و غيرها من شؤون الولاية المحرّمة، فأيّ وال من ولاة الجور ارتكب شيئاً من تلك العناوين المحرّمة يعاقب بعقابين: أحدهما: من جهة الولاية المحرّمة. و ثانيهما: من جهة ما ارتكبه من المعاصي الخارجيّة. و عليه فالنسبة بين عنوان الولاية من قبل الجائر و بين تحقّق هذه الأعمال المحرّمة هي العموم من وجه، فقد يكون أحد والياً من قبل الجائر، و لكنّه لا يعمل شيئاً من الأعمال المحرّمة و إن كانت الولاية من الجائر لا تنفكّ عن المعصية غالباً. و قد يرتكب غير الوالي شيئاً من هذه المظالم الراجعة إلى شؤون الولاة تزلّفاً إليهم و طلباً للمنزلة عندهم. و قد يجتمعان بأن يتصدّى الوالي نفسه لأخذ الأموال و قتل النفوس و ارتكاب المظالم». [13]
و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «لا شكّ في أنّها تعني قبول الأمور السياسيّة المهمّة من الأمارة و شبهها. و أمّا مثل كون الإنسان خادماً للوالي أو سائقاً أو طبّاخاً أو غير ذلك من الأمور العاديّة غير السياسيّة، فلا يعدّ والياً و لا يدخل في رواية تحف العقول و لا غيرها ممّا أخذ فيها عنوان الولاية و لكن قوله(ع): «الْعَمَلُ لَهُمْ وَ الْكَسْبُ مَعَهُم»[14] قد يكون عامّاً. و كذا كلّ ما عبّر فيه عنوان الإعانة لهم أو الدخول في أعمال السلطان و السعي في حوائجهم؛ نعم، الأدلّة العامّة الدالّة على أنّ تصدّي هذه الأمور إنّما تختصّ بالمعصومين(علیهم السلام) و من أذنوا له ممّا يدلّ على الحرمة الذاتيّة لا تدلّ على حرمة الولاية إلّا فيما عرفت من الأمور الهامّة السياسيّة من الأمارة و شبهها»، (إنتهی ملخّصاً). [15]