بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ النجش/ حکم النجش وضعا

الدليل الخامس: العمومات [1]

قال العلاّمة الحلّيّ(رحمه الله): «كان البيع صحيحاً ... لقوله_ تعالى: وَ ﴿أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ﴾ السالم عن معارضة النهي؛ لأنّه لمعنى في غير البيع و إنّما هو الخديعة».[2]

الدليل السادس: الإجماع المنقول [3]

الدليل السابع: عدم كون النهي التكليفيّ موجباً للفساد في المعاملات [4]

أقول: هذا مورد الاختلاف، فالدلیل مبنائي، مع أنّ النهي لم یتعلّق بالمعاملة، بل تعلّق بالناجش؛ لکذبه أو غیره من الأمور.

المبحث الرابع[5] : في حکم الخیار

الفرع الأوّل: في ثبوت الخيار و عدمه

تحریر محلّ النزاع

إختلف الفقهاء في ثبوت الخيار و عدمه في النجش؛ فذهب بعض إلی ثبوت الخیار مطلقاً (مع الغبن و عدمه) إذا نجش بأمر البائع و مواطاته. و ذهب بعض آخر إلی عدم ثبوت الخيار. و ذهب بعض إلی ثبوت الخيار مع الغبن الفاحش مطلقاً (سواء كان النجش من الواسطة أو من البائع). و ذهب بعض آخر إلی ثبوت الخیار مع الغبن مطلقاً (سواء کان الغبن فاحشاً أو غیر فاحش و سواء كان النجش من الواسطة أو من البائع).

القول الأوّل: ثبوت الخیار مطلقاً (مع الغبن و عدمه) إذا نجش بأمر البائع و مواطاته [6] [7]

قال الشيخ الطوسيّ(رحمه الله): «إذا نجش بأمر البائع و مواطاته، للمشتري الخيار». [8]

دليل القول الأوّل

إنّ هذا تدليس و عيب وجب أن يثبت الخيار، مثل سائر العيوب. [9]

إشکال في الدلیل

قال الشيخ النجفيّ(رحمه الله): «أمّا القول بثبوت الخيار مع مؤاطاة البائع و إن لم يكن غبناً، فلا دليل عليه يخرج به عن قاعدة اللزوم. و الإثم في المقدّمات أعمّ من ذلك»، (إنتهی ملخّصاً).[10]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «التحقيق أنّه لم يثبت كون التدليس بما هو تدليس موجباً للخيار. و لذا لم يذكر[11] غير واحد من الفقهاء في عداد الخيارات الخمسة أو السبعة المشهورة؛ نعم، إذا كان سبباً للغبن أو الضرر أو الغفلة عن العيب الموجود، ثبت الخيار لهذه العناوين»، (إنتهی ملخّصاً). [12]

أقول: کلامه(حفظه الله) متین.

القول الثاني: عدم ثبوت الخيار [13] [14] [15] [16]

قال الشيخ الطوسيّ(رحمه الله): «إن كان النجش من غير أمر البائع و مواطاته فلا خيار له و إن كان بأمره و مواطاته اختلف فيه، فمنهم من قال: لا خيار له و منهم من قال: له الخيار و الأوّل أقوى». [17]

و قال(رحمه الله) في موضع آخر: «إن قلنا: أنّه لا خيار له كان قوياً». [18]

دلیلان علی القول الثاني

الدليل الأوّل

قال الشيخ الطوسيّ(رحمه الله): «إنّ العيب ما يكون بالمبيع و هذا ليس كذلك.[19] و للبائع و المشتري حكم نفسه فيما يشتريه دون حكم غيره، فاذا اشترى مضى شراؤه». [20]

إشکال علی الشیخ الطوسي

أقول: إنّه ذهب الشیخ الطوسيّ(رحمه الله) في کتاب واحد و في مسألة واحدة إلی القولین المتناقضین و استدلّ علیهما، کما قال: إذا نجش بأمر البائع و مواطاته ...، يصحّ البيع بلا خلاف و لكن للمشتري الخيار. ... دليلنا: أنّ هذا تدليس و عيب وجب أن يثبت الخيار مثل سائر العيوب. و إن قلنا: أنّه لا خيار له كان قويّاً؛ لأنّ العيب ما يكون بالمبيع. و هذا ليس كذلك و للبائع و المشتري حكم نفسه فيما يشتريه دون حكم غيره، فإذا اشترى مضى شراؤه. [21]

الدليل الثاني

إنّه لا يفسخ عليه البيع بفعل غيره. [22]

و قال الفاضل الآبي(رحمه الله): «الوجه ارتفاعه؛ لأنّ البيع لا ينفسخ بفعل الغير و لأنّ المغالطة ساقطة بالتراضي».[23]

القول الثالث: ثبوت الخیار مع الغبن الفاحش مطلقاً (سواء كان النجش من الواسطة أو من البائع)[24] [25] [26]

أقول: لا دلیل علی التقیید بالفاحش، فإن کان هناك غبن، فله الخیار.

قال العلاّمة الحلّيّ(رحمه الله): «مع الغبن‌ الفاحش يتخيّر المغبون». [27]

و قال(رحمه الله) في موضع آخر: «لا فرق في ثبوت الخيار مع الغبن الفاحش بين أن يكون النجش بمواطأة البائع أو لم يكن».[28]

 


[1] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص87.
[2] تذكرة الفقهاء- ط آل البيت، العلامة الحلي، ج12، ص158.
[3] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص87.
[4] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص370.
[5] هذا المبحث استطراديّ و إلّا محلّه کتاب الخیارات.
[6] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج3، ص171.
[7] مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، الشهيد الثاني، ج3، ص190.
[8] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج3، ص171.
[9] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج3، ص172.
[10] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص477.
[11] الصحیح: لم یذکره.
[12] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص370.
[13] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج2، ص159.
[14] كشف الرّموز، الفاضل الآبي، ج1، ص455.
[15] المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف‌، الشيخ الطبرسي، ج1، ص520.
[16] الجامع للشرايع، الحلي، يحيى بن سعيد، ج1، ص257.
[17] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج2، ص159.
[18] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج3، ص172.
[19] المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف‌، الشيخ الطبرسي، ج1، ص520.
[20] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج3، ص172.
[21] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج3، ص172.
[22] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج2، ص159.
[23] كشف الرّموز، الفاضل الآبي، ج1، ص455.
[24] قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج2، ص10.
[25] التنقيح الرائع لمختصر الشرائع‌، الفاضل مقداد‌، ج2، ص40.
[26] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص87.
[27] قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج2، ص10.
[28] منتهى المطلب في تحقيق المذهب‌، العلامة الحلي، ج15، ص318.