بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ النجش/ حکم النجش تکلیفا

قال کاشف الغطاء(رحمه الله): «تحريم القسم الثاني من المعنى الثاني[1] لا يخلو من بعد».[2]

و قال الشيخ المامقانيّ(رحمه الله): «هذا [3] هو الحقّ الذي لا محيص عنه؛ فالوجه هو الحكم بالجواز».[4]

دليل الجواز: الأصل‌[5]

أقول: الأصل دلیل حیث لا دلیل.

القول الثاني: الحرمة[6] [7]

أقول: هو الحق؛ للأدلّة السابقة، إلّا إذا فرض کون المدح خارجاً عن الکذب و الإغراء بالجهل و الإضرار بالغیر و أمثالهما. و هذا فرض خارج عن النجش أو نادر جدّاً. و حکم الشارع لسدّ أبواب الحرام و ما ینجرّ إلی الحرام غالباً؛ مثل الخلوة مع الأجنبیّة التي تنجرّ غالباً إلی الحرام.

قال الشيخ النجفيّ(رحمه الله): «حرمة الثاني[8] لا يخلو من قوة».[9]

دليل الحرمة

قال الشيخ النجفيّ(رحمه الله): «حرمة الثاني[10] لا يخلو من قوة؛ لكونه خدعاً و إغراءً و إضراراً و خيانةً للمسلم». [11]

و قال النجفيّ التبریزيّ(رحمه الله): «أمّا ملاك التحريم إذا كان من باب مدح المبيع مع خلّوه عن ذلك المدح، فلأنّه يكون كذباً و غشّاً و إضراراً و إن كان بعنوان المبالغة أو التورية؛ للغشّ و الإغراء».[12]

إشکال في القول الثاني

قال الشیخ الأنصاريّ(رحمه الله): «حرمته بالتفسير الثاني[13] _ خصوصاً لا مع المواطاة_ يحتاج إلى دليل».[14]

أقول: حرمته بالأدلّة السابقة.

دفع الإشکال

قال الموسويّ القزوینيّ(رحمه الله): «كأنّه نزّله على كون المدح بما يستحقّها السلعة لاتّصافها بالصفة الممدوحة و إلّا فلا ينبغي التأمّل في القبح و الحرمة لكونه كذباً و إغراءً و تغريراً و إضراراً، بل ربّما يندرج في غشّ البائع إذا كان مع المواطاة».[15]

و قال السيّد اللاريّ(رحمه الله): «دليل حرمته بالمعنى الثاني هو دليل حرمته بالمعنى الأوّل من العقل و النقل؛ لعدم الفرق بين المعنيين من حيث الإضرار و الغشّ و الخدعة و الإغراء و من حيث إطلاق قوله(ص): ﴿الناجش و المنجوش ملعون﴾، و عموم: «و لا تناجشوا» بل ذكر اللغويّون المعنى الثاني أوّلاً في التعداد، فالقول بالتفصيل لا وجه له سوى اختصاص معقد الإجماع المنقول بالمعنى الأوّل. و لعلّه وجه التفصيل بين المعنيين»، (إنتهی ملخّصاً). [16]

و قال المحقّق الإيروانيّ(رحمه الله): «الدليل عليه[17] هو الدليل على حرمته بالتفسير الأوّل و هو النبويّان المنجبران بالإجماع مع تحقّق عنوان الغشّ و التدليس و الإضرار فإن نهضت تلك الأدلّة لإثبات التحريم له بالمعنى الأوّل، نهضت لإثباته بالمعنى الثاني». [18]

القول الثالث: التفصيل

قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «إن كان المدح بما ليس فيها من الأوصاف، كان حراماً من جهة الكذب و إن كان مدحه للسلعة بما فيها من الأوصاف و لكن بالغ في مدحها مع قيام القرينة على إرادة المبالغة، فلا بأس به، فقد ذكرنا في مبحث حرمة الكذب أنّ المبالغة جائزة في مقام المحاورة و المحادثة ما لم تجر إلى الكذب. و أمّا الروايتان المتقدّمتان أنّهما راجعتان إلى الصورة الأولى؛ إذ لا وجه لحرمة مدح السلعة إلّا إذا انطبق عليه عنوان محرّم من الكذب‌ أو الغشّ أو غيرهما من العناوين المحرّمة، فيكون محرّماً من تلك الجهة، لا من جهة كونه مدحاً للسلعة»، (إنتهی ملخّصاً).[19]

أقول، أوّلاً: إنّ المبالغة_ مع قیام القرینة علی إرادة المبالغة_ توجب خروج البحث عن النجش. و ثانیاً: لا دلیل علی کون الروایتین المتقدّمتین راجعتین إلی الصورة الأولی، بل تشملان صورة المدح إذا کان ملازماً عرفاً لعنوان محرّم من الکذب أو الغشّ أو غیرهما، کما سبق. و الظاهر أنّ تفصیل المحقّق الخوئيّ لیس تفصیلاً حقیقةً، بل توضیح للحرمة و دلائلها؛ فإنّ المدح من حیث إنّه مدح لا دلیل علی حرمته و لیس داخلاً في النجش و هذا خارج عن المتنازع فیه.

و لذا قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «مدح السلعة كذباً أو إيقاع الغير في الضرر من جهة الغشّ و إن كان محرّماً ... . و أمّا إذا كان المدح صدقاً، فلا وجه لحرمته، خصوصاً فيما إذا لم تكن في البين مواطاة، بل لو أغمض عن سند النبوي، فشمول معنى النجش لذلك غير محرز، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف).[20]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «إن اشتمل[21] على كذب، كان حراماً من هذه الجهة. و كذا إذا وقعت المعاملة الضرريّة أو المغشوشة، و إلّا لا دليل على حرمته».[22]

أقول: الظاهر أنّ کلامه (دام‌ظلّه) في عدم الحرمة، مع الخروج عن موضوع النجش.

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «أمّا المدح، فإن كان موافقاً للواقع، فلا وجه للحرمة و إن كان على خلافه مع القرينة على المبالغة، فلا إشكال أيضاً. و في غير هاتين الصورتين حرام للكذب و قد جرت السيرة على مدح المتاع من جانب البائع أو عامله على وجه يجلب المشتري و السيرة حجّة إذا لم يدلّ دليل على خلافها»، (إنتهی ملخّصاً).[23]

أقول: الظاهر أنّ صورة عدم الحرمة خارجة عن موضوع النجش.

 


[1] بأن يمدح السلعة في البيع.
[2] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص86.
[3] القول بالحرمة يحتاج إلى دليل.
[4] غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب، المامقاني، الشيخ محمد حسن، ج1، ص127.
[5] غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب، المامقاني، الشيخ محمد حسن، ج1، ص127.
[6] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص476.
[7] ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام، الموسوي القزويني، السيد علي، ج5، ص363.
[8] المدح.
[9] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص476.
[10] المدح.
[11] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص476.
[12] تحلیل الکلام فی فقه الاسلام، التبریزی، الشیخ راضی، ج1، ص205.
[13] المدح.
[14] كتاب المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج4، ص278.
[15] ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام، الموسوي القزويني، السيد علي، ج5، ص363.
[16] التعلیقة علی المکاسب، اللاری، سید عبدالحسین، ج1، ص266.
[17] حرمة النجش بمعنی المدح.
[18] حاشیه المکاسب، ایروانی نجفی، میرزاعلی، ج1، ص43.
[19] مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص661.
[20] ارشاد الطالب الی تعلیق المکاسب، التبريزي، الميرزا جواد، ج1، ص255.
[21] مدح السلعة.
[22] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص370.
[23] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص746.