بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ النجش/ حکم النجش تکلیفا

الدلیل الرابع

[النجش حرام][1] لأنه غشّ. [2] [3] [4] [5]

قال العلاّمة الحلّيّ(رحمه الله): «[النجش حرام][6] لأنّه غشّ و قد نهى النبيّ(ص)، روى ابن بابويه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(ص): لِزَيْنَبَ الْعَطَّارَةِ الْحَوْلَاءِ: «إِذَا بِعْتِ فَأَحْسِنِي‌ وَ لَا تَغُشِّي فَإِنَّهُ أَنْقَى وَ أَبْقَى لِلْمَالِ»[7] و قَالَ ‌(ص): «مَنْ غَشَّ الْمُسْلِمِينَ حُشِرَ مَعَ الْيَهُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَغَشُّ النَّاسِ لِلْمُسْلِمِينَ»[8] ».[9]

و قال ابن فهد الحلّيّ: «[النجش حرام] [10] لأنّه غشّ ... و قَالَ(ص): «لَيْسَ‌ مِنَّا مَنْ‌ غَشَ‌ مُسْلِماً[11] ».[12]

و قال الموسويّ القزوینيّ(رحمه الله): «على تقدير كونه من الغشّ المنهيّ عنه، يكفي في إثبات تحريمه كلّ ما دلّ على تحريم الغشّ من المطلقات».[13]

و قال المحقّق الإيروانيّ(رحمه الله): «الغشّ و التلبيس مختصّ بما إذا كان الناجش من أهل الخبرة و كشف زيادته في الثمن عن أنّ السلعة تسوى بذلك و لم يختصّ بما إذا لم يرد الشراء بل و لو مع إرادة الشراء أيضاً قبيح إذا زاد و هو لا يسوى».[14]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «إنّه داخل في عنوان الغشّ الممنوع شرعاً و قد عرفت في محلّه النهي عنه في روايات كثيرة. و مفهومه_ كما عرفت هناك_ هو الخيانة و الخدعة و عدم الخلوص و هو ضدّ النصح، فيشمل المقام أيضاً بلا إشكال. هذا إذا تحقّق البيع معه و إلّا فقد أراد الخيانة و لم تحصل، فلا يحرم إلّا من باب التجرّي».[15]

أقول: کلامه(حفظه الله): متین، لکن قوله «فلا یحرم إلّا من باب التجرّي» مورد الملاحظة؛ حیث إنّ الغشّ في المعاملات یکون غالباً بصورة الکذب أو الخیانة أو الإغراء بالجهل أو الإضرار بالغیر و یوجب الحرمة غالباً بل دائماً و لو بدون تحقّق البیع.

إشکال

قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «فيه: أنّه لا دليل على حرمّة مجرّد التلبيس ما لم يكن غشّاً في المعاملة أو كذباً».[16]

الدليل الرابع

و قال العلاّمة الحلّيّ(رحمه الله): «[یحرم النجش][17] لأنّه خداع و قد نهى النبيّ (ص) [18] عن الخداع[19] ». [20]

و قال(رحمه الله) في موضع آخر: «هو خديعة و ليس من أخلاق أهل الدين».[21]

و قال ابن فهد الحلّيّ(رحمه الله): «[یحرم النجش][22] لأنّه ... خديعة». [23] [24] [25]

أقول: هذا الدلیل یدلّ علی حرمة النجش في الجملة و فیما تحقّقت الخدعة. و أمّا فیما لا تتحقّق، فلا بدّ من التماس أدلّة أخری. و لذا قلنا بأنّ الدلیل علی الحرمة إمّا الخدعة و إمّا الکذب و إمّا الإضرار بالغیر أو الإغراء بالجهل أو مدح ما لا یستحقّ المدح و أمثالها. و لذا لا یشکل بأنّ بعض الأدلّة أخصّ من المدّعی؛ لأنّ المجموع من حیث المجموع دلیل علی المدّعی.

الدليل الخامس: أدلّة حرمة الكذب[26] [27]

قال المحقّق الإيروانيّ(رحمه الله): «التمسّك بأدلّة حرمة الكذب حيث إنّ الزيادة متضمّن للإخبار بأنّه مقدم على الشراء بهذا الثمن أولى»‌.[28]

و قال السيّد السبزواريّ(رحمه الله): «هو كذب يحكم بقبحه العقل».[29]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «نعم، يصحّ الاستدلال على حرمته بأدلّة الكذب؛ لأنّ الازدياد في سلعة متضمّنة لإخباره بأنّه مقدم على البيع جدّاً و أنّه يسوى ذلك عنده، مع أنّهما منتفيان».[30]

 


[1] الزیادة منّا.
[2] منتهى المطلب في تحقيق المذهب‌، العلامة الحلي، ج15، ص316.
[3] رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج8، ص282.
[4] مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط-جماعة المدرسين)، الحسيني العاملي، السید جواد، ج12، ص348.
[5] مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج14، ص44.
[6] الزیادة منّا.
[7] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص272.. (هذه الرواية مرفوعة و ضعيفة)
[8] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص273.. (هذه الرواية مرفوعة و ضعيفة)
[9] منتهى المطلب في تحقيق المذهب‌، العلامة الحلي، ج15، ص316.
[10] الزیادة منّا.
[11] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص273.. (هذه الرواية مرفوعة و ضعيفة)
[12] المهذب البارع في شرح المختصر النافع، ابن فهد الحلي، ج2، ص366.
[13] ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام، الموسوي القزويني، السيد علي، ج5، ص363.
[14] حاشیه المکاسب، ایروانی نجفی، میرزاعلی، ج1، ص43.
[15] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص369.
[16] ارشاد الطالب الی تعلیق المکاسب، التبريزي، الميرزا جواد، ج1، ص254.
[17] الزیادة منّا.
[18] رُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ‌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى‌ عَنِ الْخِلَابَةِ وَ الْخَدِيعَةِ وَ الْغِشِّ وَ قَالَ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا وَ نَهَى عَنِ الْغَدْرِ [نقض العهد] وَ الْخِدَاعِ‌ فِي الْبُيُوعِ.
[19] دعائم الإسلام‌، القاضي النعمان المغربي، ج2، ص27.. (هذه الرواية مرفوعة و ضعيفة)
[20] منتهى المطلب في تحقيق المذهب‌، العلامة الحلي، ج15، ص316.
[21] تذكرة الفقهاء- ط آل البيت، العلامة الحلي، ج12، ص157.
[22] الزیادة منّا.
[23] الدروس الشرعية في فقه الإمامية‌، الشهيد الأول، ج3، ص178.
[24] المهذب البارع في شرح المختصر النافع، ابن فهد الحلي، ج2، ص366.
[25] مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج14، ص44.
[26] حاشیه المکاسب، ایروانی نجفی، میرزاعلی، ج1، ص43.
[27] هداية الطالب الى اسرار المكاسب ط قديم، الشهيدي التبريزي، الميرزا فتاح، ج1، ص109.
[28] حاشیه المکاسب، ایروانی نجفی، میرزاعلی، ج1، ص43.
[29] مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج16، ص167.
[30] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص745.