بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ النجش/ حکم النجش تکلیفا

الدليل الثالث: دلالة العقل على قبحه [1] [2]

أقول: هذا الدلیل أقوی الأدلّة و باقي الأدلّة من المؤیّدات.

قال کاشف الغطاء(رحمه الله): «النجش حرام لدلالة العقل على قبحه؛ لأنّه خدع و خيانة و تدليس و تلبيس و إغراء بالجهل و ظلم و إضرار»، (التصرّف). [3] [4]

و قال السيّد العامليّ(رحمه الله): «مضافاً إلی أنّه خيانة و تدليس و ظلم و إضرار».[5]

و قال الشيخ الأنصاريّ(رحمه الله): «يدلّ على قبحه العقل؛ لأنّه غِشّ و تلبيس و إضرار». [6]

و قال النجفيّ التبریزيّ(رحمه الله): «إنّه إضرار في صورة زيادة القيمة على ما هو المتعارف من القيمة السوقيّة».[7]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «شمول أدلّة لا ضرر له و هو أيضاً غير بعيد إذا كانت المعاملة بأزيد من ثمن المثل، كما هو ظاهر. و هذا الدليلان[8] يشملان صورة التواطؤ، بل و صورة عدمه على الأحوط و حكم العقل بقبح ذلك و كونه ظلماً. و هو غير بعيد مع التواطؤ بكلا التفسيرين».[9]

إشکالان في الدلیل الثالث

الإشکال الأوّل

قال المحقّق الإيروانيّ(رحمه الله): «أمّا الإضرار فممنوع ... أنّه[10] هو الذي أقدم على الضرر باختياره، مضافاً إلى اختصاص ذلك بما إذا اشتراه. أمّا إذا لم يتحقّق الشراء فلا ضرر إلّا أن يلتزم بكشف عدم الشراء عن عدم حرمة النجش، بل كان مجرّد تجرّ». [11]

و قال المحقّق الخوئي(رحمه الله): «فيه: أنّ المشتري إنّما أقدم على الضرر بإرادته و اختياره و إن كان الدافع له على الإقدام هو الناجش».[12]

و قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «فيه ... أمّا الإضرار، فلا يكون إلّا بشراء المشترى، لا بفعل الناجش؛ نعم، فعله يوجب غفلة المشتري عن قيمة المبيع، فيوقع نفسه في الضرر بشرائه، فيكون فعله غشّاً».[13]

دفع الإشکال الأوّل

قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «القول بأنّ المشتري إنّما أقدم عليها بإرادته، ممنوع، بأنّ المقام من قبيل قوّة السبب بالنسبة إلى المباشر لعلمه و جهل المشتري». [14]

أقول: إنّ کلامه في غایة المتانة.

الإشکال الثاني

قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «إنّ الدليل أخصّ من المدّعى، فإنّ الناجش إنّما يوقع المشتري في الضرر إذا كان الشراء بأزيد من القيمة السوقيّة. و أمّا إذا وقعت المعاملة على السلعة بأقلّ من القيمة السوقيّة أو بما يساويها، فإنّ النجش لا يوجب إضراراً للمشتري إلّا أن يمنع من صدق مفهوم النجشّ على ذلك، كما يظهر من غير واحد من أهل اللغة».[15]

أقول: إنّ الدلیل لو کان الإضرار بالغیر فقط، فیکون الدلیل أخصّ من المدّعی و لکنّ الدلیل_ کما سبق_ الکذب أو الإغراء بالجهل أو الإضرار بالغیر أو الخدعة أو مدح ما یستحقّ الذمّ و أمثالها و کلّها قبیحة عقلاً و محرّمة شرعاً.

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «أمّا الإضرار، ففيه: عدم صدقه؛ لأنّ النجش صار سبباً لعدم تمكّن المشتري من اشتراء العين التي كان يتمكّن من شرائها به لو لا نجش الناجش و هو ليس بضرر، بل عدم النفع. و ما ربّما يقال من استلزام النجش، تضرّر المشتري لأجل اشترائه المتاع بالقيمة الغالية، إنّما يتمّ إذا كان ملازماً لشرائه و هو ليس كذلك، بل ربما لا يشتريه لأجل غلاء القيمة و الكلام في حرمة نفس النجش بما هو هو و لا يصحّ تعليله بشي‌ء ربّما يفارقه».[16]

یلاحظ علیه: بالملاحظة السابقة.

 


[1] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص86.
[2] كتاب المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج4، ص277.
[3] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص86.
[4] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج22، ص476.
[5] مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط-جماعة المدرسين)، الحسيني العاملي، السید جواد، ج12، ص348.
[6] كتاب المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج4، ص277.
[7] تحلیل الکلام فی فقه الاسلام، التبریزی، الشیخ راضی، ج1، ص205.
[8] دليل الغشّ و لا ضرر.
[9] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص369.
[10] المشتري.
[11] حاشیه المکاسب، ایروانی نجفی، میرزاعلی، ج1، ص43.
[12] مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص660.
[13] ارشاد الطالب الی تعلیق المکاسب، التبريزي، الميرزا جواد، ج1، ص254.
[14] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص369.
[15] مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص660.
[16] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص744.