45/04/14
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ معونة الظالمین/ حکم معونة الظالمین تکلیفا
إشکال في الاستدلال بالروایة
إنّ الظاهر أو المنصرف منها و لو بمناسبة الحكم و الموضوع العون على ظلمهم، سيّما مع التقييد في بعض [الأخبار][1] . [2]
قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «الظاهر أنّ المراد معونتهم في ظلمهم». [3]
و منها: عِدَّةٌ[4] مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ[5] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ[6] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ[7] عَنْ أَبِيهِ[8] قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع): «يَا عُذَافِرُ إِنَّكَ تُعَامِلُ أَبَا أَيُّوبَ وَ الرَّبِيعَ، فَمَا حَالُكَ إِذَا نُودِيَ بِكَ فِي أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ» قَالَ: فَوَجَمَ[9] أَبِي، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع) لَمَّا رَأَى مَا أَصَابَهُ أَيْ عُذَافِرُ: «إِنَّمَا خَوَّفْتُكَ بِمَا خَوَّفَنِي اللَّهُ(عزوجل) بِهِ» قَالَ مُحَمَّدٌ: فَقَدِمَ أَبِي، فَلَمْ يَزَلْ مَغْمُوماً مَكْرُوباً حَتَّى مَاتَ. [10]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [11]
أقول، أوّلاً: إنّ الظاهر منها أنّ عذافر من مصادیق أعوان الظلمة و أعوان الظلمة حکمها معلومة و لا تدلّ علی مدّعی المستدل. و ثانیاً: ظاهر قوله(ع) «إنّك تعامل» تکرّر المعاملة معهم الموجب لصدق أعوان الظلمة. و ثالثاً: السیرة القطعیّة موجودة علی جواز الإعانة في المباحات؛ مثلاً: حواشي الظالم یأتون إلی الخبّاز فیبیع منهم الخبز. و کذلك صاحب المطعم فیبیع منهم الطعام و ما شابه ذلك. و هذه السیرة لیست جدیدةً، بل مستمرّة إلی زمان المعصومین(علیهم السلام).
إشکالان في الاستدلال بالروایة
الإشکال الأوّل
إنّ أعوان الظلمة إلى آخر الحديث، فهو من باب التنبيه على أنّ القرب إلى الظلمة و المخالطة معهم مرجوح و إلّا فليس من يعمل لهم الأعمال المذكورة في السؤال خصوصاً مرّةً أو مرّتين خصوصاً مع الاضطرار معدوداً من أعوانهم. و كذلك يقال في رواية عذافر مع احتمال أن تكون معاملة عذافر مع أبي أيّوب و أبي الربيع على وجه يكون معدوداً من أعوانهم و عمّالهم. [12]
و قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «إنّ قوله(ع): «يَا عُذَافِرُ إِنَّكَ تُعَامِلُ أَبَا أَيُّوبَ وَ الرَّبِيعَ، فَمَا حَالُكَ إِذَا نُودِيَ بِكَ فِي أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ». ظاهر في أنّ عذافر كان يدأب على المعاملة مع الظلمة، بحيث ألحقه بأعوانهم. و عليه، فمورد الرواية أجنبيّ عن المقام».[13]
ردّ الإشکال
ليس في الرواية ما يوهم الكراهة؛ نعم ظاهرها أنّ الربيع كان معدوداً من أعوانهم؛ لمكان قوله(ع) فما حالك إذا نودي لك في أعوان الظلمة و لمكان قوله(ع) في صدر الرواية «بلغني أنّك تعامل أبا أيّوب و أبا الربيع» الدالّ على تكرّر ذلك منه بما يوجب صدق عنوان الأعوان عليه. [14]
الإشکال الثاني
إنّ الرواية ضعيفة السند. [15] [16]
کلام الشیخ البحرانيّ بعد ذکر هذه الروایات
قال: «هي صريحة في تحريم معونة الظالمين بالأمور المحلّلة على أبلغ وجه و آكده. و بذلك يظهر لك ما في كلام الفاضل المذكور[17] تبعاً للمشهور و الكلّ ناشٍ عن الغفلة عن تتبّع الأخبار و الوقوف عليها من مظانّها». [18]
إشکال في الاستدلال بالروایات علی حرمة معونة الظالمین مطلقاً
قال کاشف الغطاء(رحمه الله): «كثرة الأخبار على نحوٍ يبعد خفائها على الأصحاب مع تركهم العمل بظاهرها ترفعها عن الاعتبار ... و العمل بظاهرها، فلا وجه له بديهةً و كفى بالسيرة القاطعة و العمل المستمرّ خلفاً بعد سلف».[19] [20]
و قال المحقّق الإیروانيّ(رحمه الله): «ظاهر القصر في رواية تحف العقول[21] بالكسب لهم بجهة الولاية منضمّاً إلى إعراض المشهور عنها، بل جريان السيرة على إعانتهم في المباحات». [22]
و قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «السيرة القطعيّة قائمة على جواز إعانة الظالمين بالأمور المباحة في غير جهة ظلمهم، فتكون هذه السيرة قرينةً لحمل الروايات على غير هذه الصورة». [23]
قال السیّد السبزواريّ(رحمه الله): «إنّها مقيّدة بخبر التحف: «... الْكَسْبُ مَعَهُمْ بِجِهَةِ الْوِلَايَةِ لَهُمْ حَرَامٌ وَ مُحَرَّم ...»[24] و ثانياً: إعراض المشهور عنها أسقطها عن العمل بإطلاقها». [25]
کلام السیّد الطباطبائيّ في المقام
قال(رحمه الله): «يستفاد من النصوص حرمة إعانة الظالمين و لو في المباحات و الطاعات، فالأحوط تركها مطلقاً»، (إنتهی ملخّصاً).[26] ثمّ قال(رحمه الله) عن قلیل: «لكنّ الإنصاف أنّ الجواز لا يخلو عن شيء[27] ». [28]