44/10/10
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/ حکم المدح و الذم باطلا/ حکم المدح و الذم الباطل تکلیفا
المقام الثاني: في ذمّ من یستحقّ المدح
و فیه مطلبان:
المطلب الأوّل: في المراد من ذمّ من یستحقّ المدح
قال المحقّق الثاني (رحمه الله): «المراد ذمّ من يستحقّ المدح من الوجه الذي يستحقّ به المدح[1] أمّا إعطاء الشخص الواحد حقّه من الذمّ باعتبار مقتضاه، فإنّه يحسن و إنّما ذكر هذا بخصوصه و إن كان نوعاً من الكذب؛ لأنّه أغلظ من غيره و لما في ذمّ من يستحقّ المدح من زيادة إيذائه»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [2]
و قال السیّد العامليّ (رحمه الله): «المراد ذمّه من الوجه الذي يستحقّ به المدح[3] ، فلو ذمّ الجائر من جهة ظلمه و شربه الخمر فلا حظر؛ فإنّ إعطاء الشخص الواحد حقّه من المدح الذمّ باعتبار مقتضاه حسن إذا لم يترتّب عليه فساد. و قد يراد بمن يستحقّ الذمّ من ليس أهلاً للمدح أصلاً و كذلك العكس، كما يشعر به عبارة «الدروس» قال: و الذمّ لغير أهله و المدح في غير محلّه[4] [5] ». [6]
المطلب الثاني: في حکم ذمّ من یستحقّ المدح تکلیفاً
صرّح بعض الفقهاء بحرمة ذمّ من یستحقّ المدح. [7] [8] [9]
أقول: هو الحقّ؛ للدلیل العقلي السابق، مع تحقّق شرائطه، لصدق عنوان الظلم.
قال أبو الصلاح الحلبيّ (رحمه الله): «يحرم ذمّ من يستحقّ المدح بمنظوم أو منثور من الكلام»، (إنتهی ملخّصاً).[10]
و قال العلّامة الحلّيّ (رحمه الله): «یحرم ... ذمّ من يستحقّ المدح». [11]
دلیل الحرمة: عدم الخلاف [12]
قال العلّامة الحلّيّ (رحمه الله): «یحرم ... ذمّ من يستحقّ المدح ... بلا خلاف في ذلك كلّه»، (التصرّف). [13]
کلام الشیخ النجفيّ في المقام
قال (رحمه الله):«[من المحرّم][14] ذمّ الممدوح بما استحقّ المدح عليه على وجه يترتّب عليه فساد و إغراء بالجهل. أمّا ذمّ الممدوح بما فيه من صفات الذمّ على وجه لا يكون غيبةً و نحوها فلا بأس به و إن استحقّ المدح من جهة أخرى؛ فإنّ الذي ينبغي إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، فمن لیس له فیه صفة المدح فلیس له إلّا الذمّ ؛ فذو الجهتين يستحقّ الأمرين و دعوى أنّ مستحقّ المدح يحرم ذمّه، ممنوعة بالسيرة القاطعة و غيرها، فضلاً عن دعوى الإجماع عليها»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف).[15]
إستثناء
قال کاشف الغطاء (رحمه الله): «[ذمّ من یستحقّ المدح حرام][16] إلّا أن يكون لخوف على المذموم من أضداده أو معانديه و حسّاده أو على الذامّ خوفاً من النسبة إلى محبّته، فتدعوهم إلى الجدّ في إضراره و أذيّته. و من نقل الإجماع في المنع على الإطلاق مردود إلّا أن يكون جارياً على هذا المذاق»، (إنتهی ملخّصاً). [17]
نکتة
قال السیّد اللاريّ (رحمه الله): «ذمّ من يستحقّ الذمّ فالأصل جوازه، بل قد يجب بالعرض؛ لعروض مصلحة شرعيّة، كما أنّه قد يحرم لعروض غيبة محرّمة أو خوف تقيّة أو مفسدة. و كذلك مدح من يستحقّ المدح، الأصل أيضاً جوازه بالأصالة و لكن قد يعرضه الوجوب؛ لوجوب شكر المنعم و من لم يشكر الناس لم يشكر اللّٰه، كما قد يعرضه الحرمة؛ لخوف تقيّة و الاستحباب لإدخال السرور و الكراهة لإغراء الغرور، كما في الخبر: «أَحَبُّ إِخْوَانِي إِلَيَ مَنْ أَهْدَى إِلَيَ عُيُوبِي»[18] و «... احْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَاب...»[19] »[20]