بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو

و منها: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعْبَةَ[1] فِي تُحَفِ الْعُقُولِ عَنِ الصَّادِقِ(ع): «... أَمَّا وُجُوهُ الْحَرَامِ مِنَ الْبَيْعِ وَ الشِّرَاءِ، فَكُلُّ أَمْرٍ يَكُونُ فِيهِ‌ الْفَسَادُ مِمَّا هُوَ مَنْهِيٌ‌ عَنْهُ‌ مِنْ‌ جِهَةِ أَكْلِهِ‌ وَ شُرْبِهِ أَوْ كَسْبِهِ أَوْ نِكَاحِهِ أَوْ مِلْكِهِ أَوْ إِمْسَاكِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ عَارِيَّتِهِ أَوْ شَيْ‌ءٍ يَكُونُ فِيهِ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ نَظِيرُ الْبَيْعِ بِالرِّبَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ أَوِ الْبَيْعِ لِلْمَيْتَةِ أَوِ الدَّمِ أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ لُحُومِ السِّبَاعِ مِنْ صُنُوفِ سِبَاعِ الْوَحْشِ أَوِ الطَّيْرِ أَوْ جُلُودِهَا أَوِ الْخَمْرِ أَوْ شَيْ‌ءٍ مِنْ وُجُوهِ النَّجِسِ فَهَذَا كُلُّهُ حَرَامٌ وَ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ أَكْلِهِ وَ شُرْبِهِ وَ لُبْسِهِ وَ مِلْكِهِ وَ إِمْسَاكِهِ وَ التَّقَلُّبِ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ، فَجَمِيعُ تَقَلُّبِهِ فِي ذَلِكَ حَرَام‌ وَ كَذَلِكَ كُلُّ بَيْعٍ مَلْهُوٍّ بِهِ وَ كُلُ‌ مَنْهِيٍ‌ عَنْهُ‌ مِمَّا يُتَقَرَّبُ‌ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ يَقْوَى بِهِ الْكُفْرُ وَ الشِّرْكُ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِ الْمَعَاصِي أَوْ بَابٌ مِنَ الْأَبْوَابِ يَقْوَى بِهِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الضَّلَالَةِ أَوْ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْبَاطِلِ أَوْ بَابٌ يُوهَنُ بِهِ الْحَقُّ، فَهُوَ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ حَرَامٌ بَيْعُهُ وَ شِرَاؤُهُ وَ إِمْسَاكُهُ وَ مِلْكُهُ وَ هِبَتُهُ وَ عَارِيَّتُهُ وَ جَمِيعُ التَّقَلُّبِ فِيهِ إِلَّا فِي حَالٍ تَدْعُو الضَّرُورَةُ فِيهِ إِلَى ذَلِكَ ...». [2]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [3]

أقول: الروایة ضعیفة سنداً و دلالةً؛ حیث تقیّد الحرمة بالعلّة لما فیه الفساد و هذا مفروغ عنه بعد ثبوت الفساد من غیر ناحیة هذه الآلات.

التأیید: الروایتان

الروایة الأولی

نَرْوِي‌ أَنَّهُ‌ «مَن ‌أَنَّهُ مَنْ أَبْقَى فِي بَيْتِهِ طُنْبُوراً أَوْ عُوداً أَوْ شَيْئاً مِنَ الْمَلَاهِي مِنَ الْمِعْزَفَةِ[4] وَ الشِّطْرَنْجِ وَ أَشْبَاهِهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ، فَإِنْ مَاتَ فِي أَرْبَعِينَ مَاتَ فَاجِراً فَاسِقاً مَأْوَاهُ النَّارُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ». [5]

ذکرها بعض الفقهاء بعنوان التأیید. [6]

أقول: الروایة ضعیفة سنداً و دلالةً، حیث قیّد بالأربعین. و یعلم من ذلك کون شغله ذلك و معلوم أنّ من کان شغله کذا یجئ منه الفساد. و هذا بخلاف من لم یکن کذلك.

الروایة الثانیة

عَنْ أَبِي الْجَارُودِ[7] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ[8] (ع) ‌ فِي قَوْلِهِ- تَعَالَى‌: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ، فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‌﴾[9] قَالَ: «... أَمَّا الْمَيْسِرُ فَالنَّرْدُ وَ الشِّطْرَنْجُ وَ كُلُّ قِمَارٍ مَيْسِرٌ وَ أَمَّا الْأَنْصَابُ، فَالْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ تَعْبُدُهَا الْمُشْرِكُونَ وَ أَمَّا الْأَزْلَامُ‌ فَالْأَقْدَاحُ ‌الَّتِي كَانَتْ تَسْتَقْسِمُ بِهَا الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِكُلُّ هَذَا بَيْعُهُ وَ شِرَاؤُهُ وَ الِانْتِفَاعُ بِشَيْ‌ءٍ مِنْ هَذَا حَرَامٌ مِنَ اللَّهِ مُحَرَّم ...». [10]

ذکرها بعض الفقهاء. [11]

أقول: الروایة ضعیفة سنداً و دلالةً؛ حیث لیس فیها استعمال آلات اللهو؛ فعدم ذکرها أولی.

الدلیل الثاني: الإجماع [12] [13] [14]

قال کاشف الغطاء (رحمه الله): «لا يجوز عمله و لا استعماله و لا الانتفاع به و لا إبقائه و لا الاكتساب به بجميع وجوهه لظاهر الإجماع»، (إنتهی ملخّصاً). [15]

أقول: الإجماع لو کان، فهو مدرکي؛ للاستدلال بالروایات، فلا یصحّ الاستدلال به.

و قال السیّد العامليّ (رحمه الله): «هو الذي يعطيه الإجماع المستفاد من المنتهى[16] إن لم يحمل على الغالب»، (إنتهی ملخّصاً). [17]

و قال المحقّق النراقيّ (رحمه الله): «الظاهر [تعمّ الحرمة جميع أنواع الاستعمالات][18] بل كأنّه لا خلاف فيه أيضاً». [19]

الدلیل الثالث

قال السیّد العامليّ(رحمه الله): «إنّه يحرم فعلها و إن كان لغير اللهو؛ لأنّه يقصد به الحرام غالباً». [20]

القول الثاني: جواز الاستعمال و الانتفاع في موارد خاصّة [21] [22] [23]

أقول: هو الحق؛ للأدلّة السابقة و اللاحقة و لعدم حرمة مطلق اللهو و قد سبق.

قال کاشف الغطاء (رحمه الله): «إنّه يجوز استعمال آلات اللهو و اللعب و الغناء و الأمور المشجّعة للناس إذا توقّف عليها نظم الجنود و قطع دابر المعاندين إخوان الشياطين». [24]

و قال السیّد اللاريّ (رحمه الله): «الجهة المحلّلة التي للهيئة فيها دخل مثل ضرب الدفّ و المزمار و العود لأجل إعلام الغافل و النائم لا لأجل الطرب و الجهة المحلّلة التي لا دخل للهيئة المحرّمة فيها جعل الأمثلة المذكورة ظرفاً أو اتّخاذها زينةً». [25]

القول الثالث: عدم الجواز علی الأحوط الوجوبي [26] [27]

قال الإمام الخمینيّ (رحمه الله): «استعمال آلات مختصّ به لهو در غير لهو بنا بر احتياط واجب جايز نيست». [28] [29]

المبحث الخامس: هل یکون استعمال آلات اللهو من الکبائر أم لا؟

هنا قولان:

القول الأوّل: کونه من الکبائر[30] [31] [32] [33] [34]

أقول: هو الحق؛ للأدلّة الآتیة بعد تحقّق شرائط الحرمة.

قال المحقّق النراقيّ (رحمه الله): «ظاهر كلمات أكثر[35] [36] [37] [38] من حكي عنه التحريم: الأوّل[39] حيث أطلقوا ردّ الشهادة له و حصول الفسق به». [40]


[1] الحرّاني: إماميّ لم تثبت وثاقته.
[2] .تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ج1، ص333. وَ رَوَاهُ الْمُرْتَضَى فِي رِسَالَةِ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِه‌ (عليّ بن الحسين المرتضى [إماميّ ثقة] في رسالة المحكم و المتشابه نقلاً من تفسير النعمانيّ [محمّد بن إبراهیم: إماميّ ثقة] عن أحمد بن سعيد بن عقدة [زیديّ جاروديّ ثقة] قال: حدّثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي [مهمل] عن إسماعيل بن مهران [إماميّ ثقة] عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة [البطائني: من رؤساء الواقفة ضعیف] عن أبيه [عليّ بن أبي حمزة البطائني: من رؤساء الواقفة؛ لکنّ الظاهر أخذ المشایخ عنه قبل وقفه و هو إماميّ ثقة] عن إسماعيل بن جابر [الکوفي: إماميّ ثقة] قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق(ع) يقول عن آبائه(علیهم السلام)عن أمير المؤمنين(ع). (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود أحمد بن یوسف بن یعقوب الجعفيّ في سندها و هو مهمل و لوجود حسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائنيّ في سندها و هو ضعیف).
[3] .مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج18، ص167.
[4] أي: المعْزَفَة مفرد المَعَازِف.
[5] .الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ج1، ص282.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[6] مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج18، ص161.
[7] زیاد بن المنذر: زیديّ رأس الجارودیّة لم تثبت وثاقته.
[8] محمّد بن عليّ بن باقر(ع).
[9] .سوره مائده، آيه 90.
[10] .تفسير القمي‌، القمي، علي بن ابراهيم، ج1، ص181.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[11] .مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج18، ص168.
[12] .شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص21.
[13] . مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط-جماعة المدرسين)، الحسيني العاملي، السید جواد، ج12، ص106.
[14] .مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج18، ص167.
[15] .شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص21.
[16] منتهى المطلب في تحقيق المذهب‌، العلامة الحلي، ج15، ص370. یحرم عمل الأصنام و الصلبان و غيرها من هياكل العبادة المبتدعة و آلات اللهو؛ كالعود و الزمر و آلات القمار؛ كالنرد و الشطرنج و الأربعة عشر و غيرها من آلات اللعب، بلا خلاف بين علمائنا في ذلك.
[17] مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط-جماعة المدرسين)، الحسيني العاملي، السید جواد، ج12، ص106.
[18] الزیادة منّا.
[19] .مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج18، ص167.
[20] .مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط-جماعة المدرسين)، الحسيني العاملي، السید جواد، ج12، ص106.
[21] .كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج4، ص380.
[22] .كتاب الشهادات، الأول، الگلپايگاني، السيد محمد رضا، ج1، ص118.
[23] . التعلیقة علی المکاسب، اللاری، عبدالحسین، ج1، ص50.
[24] . كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج4، ص380.
[25] . التعلیقة علی المکاسب، اللاری، عبدالحسین، ج1، ص50.
[26] .رساله توضیح المسایل ( مراجع )، خمینی، روح الله و سایر مراجع، ج2، ص913.
[27] .توضيح المسائل، بهجت، محمد تقي، ج1، ص467.
[28] .رساله توضیح المسایل ( مراجع )، خمینی، روح الله و سایر مراجع، ج2، ص913.
[29] . توضيح المسائل، بهجت، محمد تقي، ج1، ص467.
[30] .مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج18، ص176.
[31] .مهذب الاحکام فی بیان حلال و الحرام، السبزواري، السيد عبد الأعلى، ج8، ص119.
[32] .منهاج الصالحين، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص13.
[33] .منهاج الصالحين، الوحيد الخراساني، الشيخ حسين، ج2، ص5.
[34] .منهاج الصالحين‌، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج1، ص19.
[35] .المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج8، ص224.
[36] .شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام -ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج4، ص117.
[37] .جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج41، ص51.
[38] .مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان، المحقق المقدّس الأردبيلي، ج12، ص340.
[39] کونه من الکبائر.
[40] .مستند الشّيعة، النراقي، المولى احمد، ج18، ص176.