44/05/09
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو
و قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «الحاصل أنّه لا دليل على حرمة اللهو على وجه الإطلاق». [1]
و قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «المتحصّل أنّه ليس في البين ما يمكن الاعتماد عليه في تحريم مطلق اللهو؛ نعم لا كلام في حرمة اللهو باستعمال الآلات المعدّة له من ضرب الأوتار و غيرها». [2]
و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «الملاحظ لهذه الروايات المثبتة في الأبواب المتفرّقة من الوسائل لا يمكنه الإفتاء إلّا بحرمة قسم خاصّ و هو ينحصر في أمثال الاشتغال بالملاهي و آلات القمار و ما يقربهما»، (إنتهی ملخّصاً). [3]
المؤیّد الذي یمکن أن یؤیّد به هذا القول
قال الشیخ الأنصاريّ (رحمه الله): «إنّ حرمة اللعب بآلات اللهو الظاهر أنّه من حيث اللهو لا من حيث خصوص الآلة. ففي رواية سماعة قال: قال أبو عبد الله(ع): «لَمَّا مَاتَ آدَمُ(ع) وَ شَمِتَ[4] بِهِ إِبْلِيسُ وَ قَابِيلُ، فَاجْتَمَعَا فِي الْأَرْضِ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ وَ قَابِيلُ الْمَعَازِفَ وَ الْمَلَاهِيَ شَمَاتَةً بِآدَمَ (ع) فَكُلُّ مَا كَانَ فِي الْأَرْضِ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ الَّذِي يَتَلَذَّذُ بِهِ النَّاسُ، فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ ذَاكَ»[5] فإنّ فيه إشارة إلى أنّ المناط هو مطلق التلهّي و التلذّذ». [6]
إشکالان في المؤیّد الأوّل
الإشکال الأوّل
قد يمكن أن يقال أنّه على تقدير التسليم لا دلالة في الرواية على حرمة التلذّذ من حيث هو، بل غايته الدلالة على الحرمة من حيث وقوع الشماتة، بل شماتة مثل آدم- على نبيّنا و آله و عليه السلام. [7]
و قال الشهیديّ التبریزيّ (رحمه الله): «يمكن منع دلالتها على الحرمة فيما إذا كان استعمالها مجرّداً عن الشماتة بآدم(ع) إلّا أن يقال إنّ الرواية تدلّ على كونها من عمل الشيطان، فيكون صغرىً لكبرى كليّة مستفادة من قوله- تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾[8] و هي أنّ كلّما هو عمل الشيطان، فهو واجب الاجتناب، فتأمّل». [9]
الإشکال الثاني
إنّ قوله: «من هذا الضرب» إشارة إلى المعازف و الملاهي، فكأنّه ضروب الملاهي و المعازف التي يتلذّذ بها الناس من ذلك و الملاهي جمع الملهاة، فلا تدلّ على حرمة مطلق اللهو و لا الغناء. [10]
و قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «إنّما تدلّ على حرمة قسم خاصّ من اللهو؛ أعني الاشتغال بالملاهي و المعازف و استعمالها و لا نزاع في ذلك، بل حرمة هذا القسم من ضروريّات الدين، بحيث يعدّ منكرها خارجاً عن زمرة المسلمين و إنّما الكلام في حرمة اللهو على وجه الإطلاق و واضح أنّ هذه الأخبار لا تدلّ على ذلك». [11]
أقول: دلالتها و إن کانت تامّةً لکنّها خارجة عن محلّ البحث، یصیر غناءً محرّماً لهويّاً، نعم الغناء اللهويّ محرّم و القمار من اللهو و هو محرّم أیضاً. کلّ هذه صحیح و لکن لا یدلّ علی أنّ «کلّ لهو حرام».