44/05/02
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو
الإشکال الرابع
إنّ الضرورة دلّت على جواز اللهو في الجملة و كونه من الأمور المباحة؛ كاللعب بالسبحة أو اللحية أو الحبل أو الأحجار و نحوها، فلا يمكن العمل بإطلاق هذه الروايات على تقدير صحّتها و عليه، فلا بدّ من حملها على قسم خاصّ من اللهو؛ أعني الغناء و نحوه، كما هو الظاهر أو حملها على وصول الاشتغال بالأمور اللاغية إلى مرتبة يصدّ فاعله عن ذكر اللّه؛ فإنّه حینئذٍ يكون من المحرّمات الإلهيّة، (إنتهی ملخّصاً). [1]
قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «هذا العموم بظاهره لا يمكن الأخذ به؛ فإنّ لازمه حرمة الاشتغال بالأفعال التي لا يكون الإنسان مع الاشتغال بها متذكّراً للّه- تعالى- و حمله على غير ظاهره يحتاج إلى قرينة معيّنة و كذا لا دلالة فيما ورد في أنّ لهو المؤمن من الباطل؛ فإنّه لا ظهور للباطل في الحرمة». [2]
و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «إنّ المراد هو الاشتغال بما يلهي عن ذكر اللّه و يصدّ الإنسان عنه و يوجد حجاباً بين العبد و ربّه و إلّا فالكبرى بظاهرها غير معمول بها». [3]
و منها: حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ[4] ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ[5] ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيُّ[6] ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ[7] وَ كَانَ مُشْتَهِراً بِالسَّمَاعِ[8] وَ بِشُرْبِ النَّبِيذِ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا(ع) عَنِ السَّمَاعِ؟ قَالَ(ع): «لِأَهْلِ الْحِجَازِ رَأْيٌ فِيهِ وَ هُوَ فِي حَيِّزِ الْبَاطِلِ وَ اللَّهْوِ أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ- تَعَالَى- يَقُولُ: ﴿وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً﴾[9] . [10]
إشکال في الاستدلال بالروایة
دلالتها على الحرمة ممنوعة، فضلاً عن أن يكون التحريم بمناط اللهو المطلق، فلعلّ السماع في حيّز مرتبة خاصّة من اللهو و هو اللهو الصادّ عن ذكر اللّه و لذلك حرم، (إنتهی ملخّصاً). [11]
و قال النجفيّ التبریزيّ(رحمه الله): «لا يخفى أنّ السماع عبارة عن الصيّت[12] و الغناء من حيث الإطلاق، فالغناء لهو حرام؛ لأنّه حينئذٍ مصداق الحرام المعلوم و الكلام في مطلق اللهو، مضافاً إلى ما في دلالته». [13]
و قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «لا شكّ أنّه ليس كلّ باطل و لهو حراماً بالاتّفاق، فلا مناص من حمله على المرتبة الخاصّة و هي الصادّ عن الحقّ الموجد للاحتجاب عنه». [14]
أقول: لم تکن هذه الشهرة (جواز الغناء) موجودةً زمن الرضا(ع)، من رغم أنّه وردت هذه الروایة. الظاهر أنّه(ع) قد أراد أن یشیر إلی الآية المبارکة ﴿وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾[15] و أنّ السماع من مصادیقها؛ فلذا قالوا «وَ هُوَ فِي حَيِّزِ الْبَاطِلِ»، لا أنّ هذا لهو و اللهو حرام مطلقاً حتّی نستنتج أنّ اللهو حرام.
و منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى[16] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ[17] عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ[18] عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ[19] عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى[20] قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(ع) عَنِ الْغِنَاءِ وَ قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) رَخَّصَ فِي أَنْ يُقَالَ: جِئْنَاكُمْ جِئْنَاكُمْ حَيُّونَا حَيُّونَا نُحَيِّكُمْ، فَقَالَ(ع): «كَذَبُوا إِنَّ اللَّهَ (عزوجل) يَقُولُ: ﴿وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ﴾[21] ﴿لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ﴾ ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾»[22] . [23]
ذکرها بعض الفقهاء. [24]