44/04/11
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/ العرّاف/ حکم العرّاف
الإشکال الرابع
إنّ الرواية ضعيفة لا صحيحة؛ فإنّ رواة كتاب الحسن بن محبوب لابن إدريس مجهولون لنا، ثانياً: أنّ ظاهرها حرمة تصديق قول الكاهن و التصديق في الأمارات الموهومة أو المعتبرة ظاهره التصديق العملي؛ أي ترتيب الأثر على قوله؛ كاتّهام شخص بالسرقة أو بالقتل و نحوهما. و أمّا نفس إخبار الكاهن، فلا دلالة للرواية على حكمه أصلاً. [1]
أقول، أوّلاً: إنّ الروایة مورد قبول الأعلام و فیها قرائن الصدق. و ثانیاً: لیس معنی تصدیقه ترتیب الآثار الشرعيّة، بل المقصود التصدیق القلبيّ العرفي، لا الحکم بقطع ید السارق بمجرّد قول الکاهن و العرّاف و أمثالهما.
المؤیّدان للقول الثالث
المؤیّد الأوّل
قال الشیخ الأنصاريّ (رحمه الله): «يؤيّدها[2] النهي في النبويّ (ص) المرويّ في الفقيه في حديث المناهي أنّه نهی عن إتيان العرّاف. و قال (ص): «مَنْ أَتَاهُ وَ صَدَّقَهُ، فَقَدْ بَرِئ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ (ص)...»[3] [4] و قد عرفت من النهاية أنّ المخبر عن الغائبات في المستقبل كاهن و يخصّ باسم العرّاف [5] ». [6]
کلام الشیخ المامقانيّ ذیل کلام الشیخ الأنصاري
قال (رحمه الله): «من المعلوم أنّ نفس الخبر النبويّ (ص) لا يفيد جعل المخبر بالشيء بين الساحر و الكاهن و الكذّاب. و إنّما يفيد ذلك في ضمن الحديث المرويّ عن أبى عبد اللّه (ع) بانضمام السؤال. و ذلك لأنّ السائل سأل عن رجل يخبر من يأتيه يسأله عن الشيء يسرق أو شبه ذلك، فأجاب بأنّه قال رسول اللّه (ص): «من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذّاب يصدقه فيما يقول فقد كفر». فيحصل من الجواب بملاحظة السؤال حصر المخبر عن الشيء في الثلاثة؛ لأنّه إن لم يكن ساحراً أو كاهناً، فلا أقلّ من كونه كذّاباً، فيحرم الجميع بحكمه (ع)». [7]
أقول: کلامه (رحمه الله) متین.
إشکال في المؤیّد الأوّل
قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «فیه، أوّلاً: أنّه ضعيف السند. و ثانياً: أنّ إتيان العرّاف كناية عن العمل بقوله و ترتيب الأثر عليه؛ فلا دلالة فيه على حرمة الإخبار عن الأمور المستقبلة بأيّ نحو كان»، (إنتهی ملخّصاً). [8]
أقول، أوّلاً: إنّ الروایة مورد قبول الأعلام و فیها قرائن الصدق. و ثانیاً: إنّ الروایة مطلقة تشمل الإخبار عن الماضية و المستقبلة. و ثالثاً: خصوصيّة السؤال لا توجب خصوصيّة الجواب، بل الجواب مطلق یشمل الماضية و المستقبلة کلتيهما.
المؤیّد الثاني
قال الشیخ الأنصاريّ (رحمه الله): «يؤيّد ذلك[9] ما تقدّم في رواية الاحتجاج من قوله (ع): «... لِئَلَّا يَقَعَ فِي الْأَرْضِ سَبَبٌ يُشَاكِلُ الْوَحْيَ...» فإنّ ظاهر قوله (ع) هذا أنّ ذلك مبغوض للشارع من أيّ سبب كان». [10]
إشکال في المؤیّد الثاني
قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «إنّ الممنوع في الرواية هو الإخبار عن السماء بوساطة الشياطين؛ فإنّهم كانوا يقعدون مقاعد استراق السمع من السماء و يطّلعون على مستقبل الأمور و يحملونها إلى الكهنة و يبثّونها فيهم و قد منعوا عن ذلك بالشهاب الثاقب، لئلّا يقع في الأرض ما يشاكل الوحي. و أمّا مجرّد الإخبار عن الأمور الآتية بأيّ سبب كان، فلا يرتبط بالكهانة». [11]
أقول: تکفينا الروایات المطلقة و قد سبقت و هي تدلّ علی حرمة المشي إلی من یخبر عن الأمور الغيبيّة و بالملازمة العرفيّة یحرم إخباره مطلقاً، الماضية و المستقبلة.
القول الرابع: الحرمة مع الشكّ و جواز الإخبار جزماً بشرط الاطمئنان [12]
قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «قد يكون المخبر عن الحوادث الآتية شاكّاً في وقوعها في مستقبل الزمان و قد يكون جازماً بذلك. أمّا الأوّل، فلا شبهة في حرمته؛ لكونه من الكذب المحرّم و من القول بغير علم. و أمّا الثاني، فلا وجه لحرمته؛ فإنّه خارج عن الكذب و عن القول بغير علم موضوعاً و حكماً. إنّ المناط في جواز الإخبار عن الغائبات في مستقبل الزمان إنّما هو حصول الاطمئنان بوقوع المخبر به»، (إنتهی ملخّصاً). [13]
أقول: إنّ الحرمة لأجل النهي عن الکهانة و هي القضاء بالغیب و هو بصورة الجزم.