44/03/20
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/ الکهانة/ الکهانة
القول الثاني: حرمة التعلیم و التعلّم مع قصد عملها [1] [2] [3] [4]
أقول: لا دلیل علی التقيّد، فإنّه بعد ثبوت المبغوضيّة الشدیدة المستفادة من الروایات، حیث قال (ع) فقد برء من دین محمّد (ص) و قد کفر بما أنزل الله و أمثال هذه التعبیرات، فالتعلیم و التعلّم حرام قطعاً، حیث یجب الرفع و الدفع و حسم مادّة الفساد.
قال کاشف الغطاء (رحمه الله): «فعلها و تعلّمها و تعليمها و الأجرة عليها مع قصد علمها و عملها و الأجرة عليه حرام. و أمّا مجرّد العلم و التعلّم لا لغرض العمل مع عدم تضمّن العمل، فلا تنصرف إليه أدلّة المنع غير أنّ الظاهر أنّ التعلّم هنا قلّ ما يفارق العلم[5] و المتبادر من لفظ الكاهن و الكهانة العامل و العمل». [6]
و قال ابن کاشف الغطاء (رحمه الله): «يجوز تعليمها و تعلّمها لا بقصد العمل. قيل: و قلّما ينفكّ العلم هنا عن العمل و المنع في الأخبار منصرف إلى العمل أو العلم بقصده، فيبقى مجرّد العلم داخلاً في أصل البراءة و الكهانة - بالكسر». [7]
و قال الشیخ النجفيّ (رحمه الله): «قد يقال بعدم الحرمة في العلم و التعلّم و التعليم لا للعمل للأصل و غيره، بعد انصراف الكهانة و الكاهن للعمل و العامل، اللّهم إلّا أن يقال بعدم انفكاك العلم عن العمل هنا و فيه منع». [8]
أقول: لا دلیل علی أنّ المبغوضيّة للعمل فقط، بل أصل الفکر باطل؛ فإنّه ربّما ینتهي إلی العمل، فإنّ التفکّرات و التعلّمات التي ینتهي غالباً إلی الکفر و الضلالة حرام قطعاً.
کلام السیّد الخوانساريّ في المقام بعد ما جاء بتعریف الکهانة من المغرب [9] و القواعد [10]
قال (رحمه الله): «لا يخفى أنّه على ما ذكر من التعريف ليست من الأمور التي يحصل بالتعليم و التعلّم؛ بل هي من الأمور التي تحصل بالرياضيّات، فإن كانت موجبةً لتسخير الجنّ و الشياطين، فلعلّها داخلة في السحر. و إن لم تكن كذلك و كانت موجبةً للاطّلاع على أمور خفيّة على الناس من دون ارتكاب حرام، فصدق الكهانة و حرمته يحتاج إلى الدليل. و كون النفس شريرةً لا توجب حرمة الرياضة الموجبة للاطّلاع على الأمور الخفيّة. و لعلّ المراد من التعلّم تعلّم الرياضة الموجبة لما ذكر و في غير السحر تحتاج حرمة التعلّم من دون قصد إلى العمل إلى الدليل إلّا أن يكون إجماعاً، كما في كلمات بعض الأكابر. و إلّا فمقدّمة الحرام ما لم توجب سلب القدرة عنه و لم يقصد بها الوصول إلى الحرام من جهتها لا دليل على حرمتها ...». [11]
أقول، أوّلاً: إنّ قوله (رحمه الله) «و إن لم تکن کذلك و کانت موجبةً للاطّلاع علی أمور خفيّة علی الناس من دون ارتکاب حرام فصدق الکهانة و حرمته یحتاج إلی الدلیل» کلام حسن قد یتّفق لأولیاء الله- تعالی- لکن هذه الأفراد لا یظهرون ما علموا و ممنوع من الإظهار و الإدّعاء. و لذا لا بدّ من تکذیب من یدّعي علم الغیب و أمثاله. و علی کلّ حال من یدّعي علم الغیب لا یصحّ تأییده و قبول قوله و إن کان في نفسه من الأخیار، کما في الروایات، مع أنّه لا تصدق علیه الکهانة، و ثانیاً: بعد العلم بالمبغوضيّة الشدیدة و کون المقدّمة موصلةً غالباً إلی الحرام، فالمقدّمة محرّمة و الملازمة العرفيّة کافية و إن لم تکن الملازمة عقليّةً توجب سلب الاختیار، فالظاهر أنّ التعلیم و التعلّم حرام، کأصل الکهانة؛ لأنّ الفتوی بالجواز توجب الفتنة الکبیرة بین الناس، بل لا بدّ من الفتوی بالحرمة لسدّ باب الکهانة کاملاً.