بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/10/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التقیّة

التنبیه الرابع: الحکم في ما دارت التقیّة بین الغَسل و المسح علی الحائل کالخف

هنا أقوال:

القول الأوّل: أولویّة الغَسل [1] [2] [3] [4] [5]

قال العلّامة الحلّيّ (رحمة الله): «لو دارت التقيّة بين المسح على الخفّين و غسل الرجلين، فالغسل أولى». [6]

قال ملّا حبیب الله الکاشانيّ (رحمة الله): «يظهر قوّة القول بالتخيير، إلّا أنّه لا شبهة في أولويّة الغسل و أحوطيّته». [7]

یلاحظ علیه: أنّ قوله: «يظهر قوّة القول بالتخيير» کلام بلا دلیل، فالغسل هو المتعیّن، لخروج الخفّ عن أعضاء الوضوء.

أقول: لعلّ مراده (رحمة الله) من الأولویّة هو الوجوب؛ لخروج الخفّ عن الأعضاء.

القول الثاني: وجوب الغسل [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18]

أقول: هو الحق؛ لأقربیّة ذلك بالواجب الواقعيّ و أبعدیّة مسح الخفّین عن ذلك، مع کون المسح علی الخفّین مورد سخریّة العقلاء و وهن الدین.

قال الشهید الأوّل (رحمة الله): «لو دارت التقيّة بين المسح على الخفّ و غسل الرجلين، وجب الغسل». [19]

قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «إذا دار الأمر في التقيّة بين المسح على الحائل و غسل الرجلين أختار الثاني. لكن لو غفل المكلّف عن ذلك و تخيّل انحصار التقيّة بالمسح على الحائل فمسح عليه، أجزأه». [20]

القول الثالث

إن دار الأمر في التقيّة بين غَسل القدم و المسح على الحائل، فالأحوط تقديم الغسل إن لم يمكن الجمع بين الغسل و المسح المنويّ و إلّا تعيّن ذلك. [21]

المطلب الثاني: حکم التقیّة في شرب الخمر

هنا قولان:

القول الأوّل: حرمة التقیّة [22]

قال الشیخ الصدوق (رحمة الله): «روي [23] ما أتّقي في شرب المسكر ... أحداً». [24]

القول الثاني: جواز التقیّة [25] [26] [27] [28] [29] [30]

أقول: هو الحق، لکن لا بدّ من ملاحظة الأهمّ و المهم؛ فإنّ ضرب الأعناق لعدم شرب الخمر مورد التقیّة الواجبة قطعاً. و هکذا بعض مراتب الجرح الشدید. و أمّا بعض الموارد الضعیفة، فلا بدّ من ملاحظة الأهمّ و المهم. و هذا له مراتب؛ فإنّ الشخص قد یکون له مرتبة عظیمة في الاجتماع و شربه یوجب وهن الدین و المذهب؛ فلا بدّ من ملاحظة الأهمّ و المهم. و ستأتي الأدلّة علی ذلك، مع موافقة ذلك لحکم العقل و بناء العقلاء في أمثال ذلك في أمورهم السیاسیّة و الاجتماعیّة.

قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «إنّا نقطع بأنّ الشارع لا يرضى بضرب الأعناق إذا دار الأمر بينه و بين المسح على الخفّين، بل و شرب الخمر و النبيذ». [31]

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «لو أغمضنا النظر عن هذه الغلبة[32] و كان هناك ظروف خاصّة لا يمكن فيها إظهار هذه الأحكام؛ لغلبة الجهل و العصبيّة على أهلها و كان المقام بالغ الخطورة؛ الخطر على النفوس أو الأموال و الأعراض ذات الأهمّيّة، فلا ينبغي الشكّ في جواز التقيّة في هذه الأمور أيضاً. أ رأيت لو كان هناك حاكم مخالف جائر يرى المسح على الخفّين لازماً أو يحرم متعة الحج و يقتل من لا يعتقد بذلك بلا تأمّل، فهل يجوز ترك التقيّة فيها و استقبال الموت؟ كلّا لا أظنّ أن يلتزم به أحد. و كذلك المضارّ التي دون القتل ممّا يكون في مذاق الشارع أهمّ من رعاية هذه الأحكام في زمن محدود، لا يجب تحمّلها و رفض التقيّة فيها». [33]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

 


[1] تذكرة الفقهاء- ط آل البيت، العلامة الحلي، ج1، ص175.
[2] .غاية المرام في شرح شرائع الإسلام، الصيمري البحراني، الشيخ مفلح، ج1، ص59.
[3] .كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام، الفاضل الهندي، ج1، ص549.
[4] الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، البحراني، الشيخ يوسف، ج2، ص315.
[5] . منتقد المنافع، الکاشانی، ملا حبیب الله، ج2، ص317.
[6] . تذكرة الفقهاء- ط آل البيت، العلامة الحلي، ج1، ص175.
[7] . منتقد المنافع، الکاشانی، ملا حبیب الله، ج2، ص317.
[8] البيان - ط.ق، الشهيد الأول، ج1، ص10.
[9] . غاية المرام في شرح شرائع الإسلام، الصيمري البحراني، الشيخ مفلح، ج1، ص59.
[10] الدرة النجفية، السيد بحر العلوم، ج1، ص25.
[11] سداد العباد و رشاد العباد، آل عصفور، الشيخ حسين، ج1، ص26.
[12] .منهاج الصالحين، الحكيم، السيد محمد سعيد، ج1، ص36.
[13] منهاج الصالحين‌، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص29.
[14] . منهاج الصالحین، التبریزی، جواد، ج1، ص32.
[15] الاحكام الواضحه‌، الفاضل اللنكراني، الشيخ محمد، ج1، ص27.
[16] منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي، ج1، ص41.
[17] .منهاج الصالحين، الوحيد الخراساني، الشيخ حسين، ج2، ص25.
[18] .منهاج الصالحين‌، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج1، ص46.
[19] . البيان - ط.ق، الشهيد الأول، ج1، ص10.
[20] .منهاج الصالحين، الحكيم، السيد محمد سعيد، ج1، ص36.
[21] . وسیلة النجاة، البهجة، محمد تقی، ج1، ص27.
[22] .المقنع، الشيخ الصدوق، ج1، ص17.
[23] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص32. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيه [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی. ] عَنْ حَمَّادٍ [حمّاد بن عیسی الجهني: إماميّ ثقة] عَنْ حَرِيز [حریز بن عبد الله السجستاني: إماميّ ثقة] عَنْ زُرَارَةَ [زرارة بن أعین الشیباني: إماميّ ثقة من أصحاب الاجماع] قَالَ: قُلْتُ: لَهُ فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ تَقِيَّةٌ؟ فَقَالَ (ع): «ثَلَاثَةٌ لَا أَتَّقِي‌ فِيهِنَ‌ أَحَداً شُرْبُ‌ الْمُسْكِرِ وَ مَسْحُ الْخُفَّيْنِ وَ مُتْعَةُ الْحَجِّ». (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی).
[24] . المقنع، الشيخ الصدوق، ج1، ص17.
[25] .جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج2، ص238.
[26] . حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، ملا عبدالله، ج1، ص248.
[27] الرسائل العشرة، الخميني، السيد روح الله، ج1، ص18.
[28] التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج4، ص250.
[29] . تفصیل الشریعة (احکام التخلی)، اللنکرانی، الشیخ محمد، ج1، ص184.
[30] القواعد الفقهية، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص422.
[31] الرسائل العشرة، الخميني، السيد روح الله، ج1، ص18.
[32] إنّ الروايات ناظرة إلى عدم الحاجة و الضرورة غالباً إلى التقيّة في هذه الأمور بعد وضوح مأخذها من كتاب الله و السنّة القاطعة. (التلخیص).
[33] . القواعد الفقهية، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص422.