بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/05/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التقیّة

[و منها]: [بِالْإِسْنَادِ[1] ] يُونُسُ[2] عَنِ الْعَلَاءِ[3] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ[4] قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ[5] (ع) يَقُولُ‌: «يُحْشَرُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ مَا نَدِيَ دَماً[6] فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ شِبْهُ الْمِحْجَمَةِ[7] أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا سَهْمُكَ مِنْ دَمِ فُلَانٍ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّكَ قَبَضْتَنِي وَ مَا سَفَكْتُ دَماً فَيَقُولُ بَلَى سَمِعْتَ مِنْ فُلَانٍ رِوَايَةَ كَذَا وَ كَذَا فَرَوَيْتَهَا عَلَيْهِ فَنُقِلَتْ حَتَّى صَارَتْ إِلَى فُلَانٍ الْجَبَّارِ فَقَتَلَهُ عَلَيْهَا وَ هَذَا سَهْمُكَ‌ مِنْ‌ دَمِهِ»‌. [8]

[و منها]: [بِالْإِسْنَادِ[9] ] يُونُسَ[10] عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ[11] عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ[12] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿... ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلك بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ﴾[13] «قَالَ وَ اللَّهِ‌ مَا قَتَلُوهُمْ‌ بِأَيْدِيهِمْ‌ وَ لَا ضَرَبُوهُمْ بِأَسْيَافِهِمْ وَ لَكِنَّهُمْ سَمِعُوا أَحَادِيثَهُمْ، فَأَذَاعُوهَا، فَأُخِذُوا عَلَيْهَا، فَقُتِلُوا، فَصَارَ قَتْلاً وَ اعْتِدَاءً وَ مَعْصِيَةً».[14] [15]

و منها:[16] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ[17] عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِيِّ[18] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَ لَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ». قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَحْلَفَهُ السُّلْطَانُ بِالطَّلَاقِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فَحَلَفَ؟ قَالَ: «لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ» وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ يَخَافُ عَلَى مَالِهِ مِنَ السُّلْطَانِ فَيَحْلِفُ لِيَنْجُوَ بِهِ مِنْهُ؟ قَالَ (ع): «لَا جُنَاحَ» عَلَيْهِ وَ سَأَلْتُهُ هَلْ يَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى مَالِ أَخِيهِ كَمَا عَلَى مَالِهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». [19]

أقول: هذه الروایات صحیحة سنداً و دلالةً.

التقیّة الاضطراریّة في غیر سفک الدماء

قال الشیخ المفید (رحمة الله): «مهما اضطرّ إليه في التقيّة، فجائز له إلّا سفك دماء أهل الإيمان؛ فإنّه لا يجوز له على حال اضطرار و لا اختيار و لا على وجه من الوجوه و لا سبب من الأسباب». [20]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال سلّار (رحمة الله): «فوّضوا (علیهم السلام) إلى الفقهاء إقامة الحدود و الأحكام بين الناس بعد أن لا يتعدّوا واجباً و لا يتجاوزوا حدّاً و أمروا عامّة الشيعة بمعاونة الفقهاء على ذلك ما استقاموا على الطريقة و لم يحيدوا[21] فإن اضطرّتهم تقيّةً أجابوا داعيها إلّا في الدماء خاصّةً، فلا تقيّة فيها». [22]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال الشیخ الطوسيّ (رحمة الله): «لا يجوز لمن يتولّى الفصل بين المختلفين و القضاء بينهم أن يحكم إلّا بموجب الحقّ و لا يجوز له أن يحكم بمذاهب أهل الخلاف. فإن كان قد تولّى الحكم من قبل الظالمين، فليجتهد أيضاً في تنفيذ الأحكام على ما تقتضيه شريعة الأيمان. فإن اضطرّ الى تنفيذ حكم على مذاهب أهل الخلاف على النفس أو الأهل أو المؤمنين أو على أموالهم، جاز له أن ينفّذ الحكم ما لم يبلغ ذلك قتل النفوس؛ فإنّه لا تقيّة له في قتل النفوس». [23] [24]

أقول: لا یجوز التولّي من قبل الظالمین، خصوصاً إذا انجرّ إلی حکم خلاف مباني الشیعة الحقّة؛ إلّا إذا کان مأموراً من قبل الإمام (ع) أو نائبه.

و قال المحقق الحلّيّ (رحمة الله): «لو اضطرّه السلطان إلى إقامة الحدود، جاز[25] حينئذٍ إجابته ما لم يكن قتلاً ظلماً؛ فإنّه لا تقیّة في الدماء. و إن اضطرّ إلى العمل بمذاهب أهل الخلاف، جاز إذا لم يمكن التخلصّ من ذلك ما لم يكن قتلاً لغير مستحقّ و عليه تتبع الحقّ ما أمكن‌». [26]

أقول: إذا لم یکن له التخلّص عن المأموریّة لخوف القتل فقط، فلا بدّ من ملاحظة الأهمّ و المهم؛ فإن کان الخوف علی مال قلیل له للحکم بمصادرة جمیع أموال مؤمن، لا یجوز الحکم. و هکذا في الأعراض و النفوس؛ فإنّ المؤمنین إخوة.

 


[1] عن عليّ بن إبراهیم بن هاشم [القمّي: إماميّ ثقة] عن محمّد بن عیسی بن [عبید: إماميّ ثقة].
[2] یونس بن عبد الرحمن: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[3] العلاء بن رزین القلاء: إماميّ ثقة.
[4] الثقفي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[5] الإمام الباقر (ع).
[6] أي: ما أراق دماً (در حالی که در [دنیا] هیچ خونی نریخته است؛ یعنی کسی را نکشته است).
[7] أي: آلة الحجامة (شاخ یا شیشۀ حجامت).
[8] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص370. (هذه الروایة مسندة و صحیحة).
[9] عن عليّ بن إبراهیم بن هاشم [إماميّ ثقة] عن محمّد بن عیسی بن [عبید: إماميّ ثقة].
[10] یونس بن عبد الرحمن: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[11] عبد الله بن مسکان: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[12] الصیرفي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[13] بقره/سوره2، آیه61.
[14] .الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص371. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی).
[15] .القواعد الفقهية، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص493.
[16] محمّد بن یحیی العطّار: إماميّ ثقة.
[17] أحمد بن محمّد بن عیسی الأشعري: إماميّ ثقة.
[18] إماميّ ثقة.
[19] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص440.. (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[20] .المقنعة، الشيخ المفيد، ج1، ص811.
[21] أي: لم ینحرفوا.
[22] .المراسم في الفقه الامامي، الفقيه سلار، ج1، ص261.
[23] .النهاية، الشيخ الطوسي، ج1، ص302.
[24] .السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، ابن إدريس الحلي، ج2، ص26.
[25] .مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، الشهيد الثاني، ج3، ص107.
[26] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام -ط اسماعیلیان)، المحقق الحلي، ج1، ص312.