42/05/19
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ مسوّغات الکذب
کلام المحقّق الإیروانيّ في المقام
ظاهر أخباره أنّ ذلك من جزئيّات الكذب لمصلحة بلا دخل لعنوان الإصلاح، كما يشهد له خبر عيسى بن حنّان [حسّان]. ثمّ إنّ الكذب لأجل تحبيب غير المتحابّين ليس كذباً في مقام الإصلاح، فإنّ ظاهر الكذب لأجل الإصلاح هو ما كان لأجل رفع التباغض، فيحتاج إلى السبق بالتباغض لا مجرّد عدم التحابب، فيكذب للتحبيب و يكفي في حصول مفهوم الإصلاح البغض من جانب واحد و لعلّ مورد مرسلة الواسطيّ ذلك، فإنّ الرجل الذي بلغه الكلام، فأخبت نفسه هو الذي أبغض صاحبه و أمّا صاحب الكلام، فلا يستلزم كلامه بغض صاحبه، فلعلّ كلامه كان من قبيل نفي الإجتهاد أو نفي العدالة ممّا لا يكون عن منشإ البغض.[1]
أقول: إنّ الروایات متعدّدة و لکن أکثرها ضعیفة السند و المتیقّن من المجموع هو جواز الکذب لدفع الضرر. و أمّا لجلب النفع أو لتحبیب غیر المتحابّین أو لکلّ مصلحة، فلا دلیل علی جوازه في الروایات المعتبرة. و هکذا تدلّ علی جواز الکذب للإصلاح بین المتخاصمین؛ فما انفرد به في بعض الروایات الضعیفة لا یکون حجّةً معتبرةً. و أمّا القدر المتیقّن منها أو ما یوجد في الروایة المعتبرة، فهو حجّة و دلیل. و لذا نقول بجواز الکذب للإصلاح بین المتخاصمین أو للإصلاح بین الناس. و أمّا الکذب لجلب المنافع أو لکلّ مصلحة، فلا دلیل علی جوازه؛ لعدم الدلیل المعتبر علیه. و ما في بعض الروایات، فهو ضعیف لا یصحّ الاعتماد علیه.
کلام بعض الفقهاء بعد ذکر الروایات
قال (رحمة الله): «هذه الروايات تفيد أنّ مصلحة إرادة الإصلاح بين الناس أقوى من مفسدة الكذب، فيرجّح الأقوى على الأضعف. هذا و يظهر من بعض الروايات كون الملاك أعمّ من أن يكون المصلح خارجاً عن المتخاصمين أو يكون أحدهما؛ كما في رواية القاسم بن الربيع، قال في وصيّة المفضّل: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) يَقُول: ... سَمِعْتُ أَبِي (ع) يَقُولُ: «إِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فَعَازَّ[2] أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلْيَرْجِعِ الْمَظْلُومُ إِلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقُولَ لِصَاحِبِهِ؛ أَيْ أَخِي أَنَا الظَّالِمُ حَتَّى يَقْطَعَ الْهِجْرَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ صَاحِبِهِ فَإِنَّ اللَّهَ- تَبَارَك وَ تَعَالَى- حَكَمٌ عَدْلٌ يَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ». [3]
و رواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (ع): «لَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ [4] فَرِحاً مَا اهْتَجَرَ الْمُسْلِمَانِ فَإِذَا الْتَقَيَا اصْطَكَّتْ[5] رُكْبَتَاهُ وَ تَخَلَّعَتْ[6] أَوْصَالُهُ[7] وَ نَادَى يَا وَيْلَهُ مَا لَقِيَ مِنَ الثُّبُورِ[8] ».[9] [10]
کلامنا في الروایة الأولی
أقول: إنّ قوله: «أي أخي أنا الظالم» کذب یوجب رفع الخصومة بین المتخاصمین. و قائله أحد المتخاصمین. و المصلح لیس خارجاً عن المتخاصمین. و هذه الروایة تدلّ علی جواز الکذب للإصلاح و المصلح أحد المتخاصمین.
کلامنا في الروایة الثانیة
أقول: هذه الروایة ضعیفة و تدلّ علی رجحان الإصلاح بعد الهجران، فتکون من المؤیّدات. و التحقیق أنّ أدلّة جواز الإصلاح أو وجوبه بعضها معتبرة؛ مثل: قوله (ع): «المصلح لیس بکذّاب» فتکون حاکمةً علی أدلّة حرمة الکذب. و بعضها، بل أکثرها غیر معتبرة و ضعیفة، فتکون من المؤیّدات و لسانها التخصیص؛ مثل قوله (ع): «ثلاث یحسن فیهنّ الکذب... و الإصلاح» فتقدیم هذه الروایات إمّا بالحکومة أو بالتخصیص. و لا فرق بین إمکان التوریة و عدمه و لا بین انحصار الطریق و عدمه.
و منها: قول عليّ (ع): «أُوصِیکُمَا وَ جَمِیعَ وَلَدِی وَ أَهْلِی وَ مَنْ بَلَغَهُ کِتَابِی بِتَقْوَی اللَّهِ وَ نَظْمِ أَمْرِکُمْ وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَیْنِکُمْ فَإِنِّی سَمِعْتُ جَدَّکُمَا (ص) یَقُولُ: صَلَاحُ ذَاتِ الْبَیْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّهِ الصَّلَاهِ وَ الصِّیَام».[11] [12]