42/05/07
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ مسوّغات الکذب
و منها: قوله- تعالی: ﴿لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾.[1]
و منها: قوله- تعالی: ﴿وَ لاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَ تَتَّقُوا وَ تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.[2]
و منها: قوله- تعالی: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَ كَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً﴾.[3]
الإشکال في کلام المحقّق الخوئي
الظاهر أنّه لا إطلاق فيها من ناحية الوسائل و الأسباب التي يتوسّل بها للإصلاح، كما هو الحال في سائر الواجبات و المندوبات و ليس لها إطلاق حتّى يقع التعارض بينها و بين أدلّة الكذب بالعموم من وجه، ثمّ يرجع فيه إلى الرواية أو غيرها. [4]
أقول: لا بدّ من بیان أمور: الأوّل: أنّ الإطلاق لا مانع منه و بعد ورود الروایات المستفیضة بأنّ المصلح لیس بکذّاب و أمثاله یعلم أنّ إطلاق الآیة محکمة. و لا دلیل علی کون الآیة لا إطلاق لها من ناحیة الوسائل و الأسباب التي یتوسّل بها للإصلاح؛ فإنّ مقدّمات الحکمة التي منها کون المولی في مقام البیان یعلم من القرائن الخارجیّة أنّ المولی في مقام البیان من جمیع الجهات. و هذه الروایات من القرائن الخارجیّة التي یعلم بها أنّ المولی في مقام البیان من جمیع الجهات؛ فالحقّ مع المحقّق الخوئيّ (رحمة الله).
الثاني: أنّ أدلّة حرمة الکذب لها عموم، فالإصلاح واجب و الکذب حرام؛ ففي مورد اجتماع الأمر و النهي یرجّح الأهمّ الذي هو الإصلاح. و الأهمّیّة تعلم من الروایات الواردة بأنّ المصلح لیس بکذّاب و أمثالها. و هکذا تعلم ببناء العقلاء المؤیّد بالروایات و المقام من باب التزاحم؛ مثل: إنجاء الغریق الذي یلازم الغصب و الإنجاء أهمّ و مقدّم علی حرمة الغصب.
الثالث: یرد علی المحقّق الخوئيّ (رحمة الله) بأنّه لیس التعارض بین وجوب الإصلاح و حرمة الکذب في مقام الجعل حتّی یقال بالتساقط و الرجوع إلی الروایات التي تقول بأنّ المصلح لیس بکذّاب و دلیلهما من الآیات الشریفة و لا معنی لتساقطهما، بل المقام من قبیل اجتماع الأمر و النهي و ترجیح جانب الأمر بالأدلّة الشرعیّة و العقلیّة.
الرابع: إنّه مع حکومة الراوایات بأنّ المصلح لیس بکذّاب، فلا کذب أصلاً حتّی یحرم، فلا نهي أصلاً مع وجود الأمر فقط، فلا معارضة مع الحکومة.
الدلیل الثاني: الروایات
قد استفاضت الأخبار بجواز الكذب عند إرادة الإصلاح. [5]
فمنها: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا[6] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ[7] عَنْ أَبِيهِ[8] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ[9] عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ[10] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: «الْمُصْلِحُ لَيْسَ بِكَذَّابٍ». [11]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [12] [13] [14] [15]
أقول: الروایة تامّة سنداً و دلالةً.
و منها: عَنْهُ[16] عَنْ أَبِيهِ[17] عَنْ صَفْوَانَ[18] عَنْ أَبِي مَخْلَدٍ السَّرَّاجِ[19] عَنْ عِيسَى بْنِ حَسَّانَ[20] قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) يَقُولُ: «كُلُّ كَذِبٍ مَسْئُولٌ عَنْهُ صَاحِبُهُ يَوْماً إِلَّا كَذِباً فِي ثَلَاثَةٍ رَجُلٌ كَائِدٌ فِي حَرْبِهِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ أَوْ رَجُلٌ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَلْقَى هَذَا بِغَيْرِ مَا يَلْقَى بِهِ هَذَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْإِصْلَاحَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ رَجُلٌ وَعَدَ أَهْلَهُ شَيْئاً وَ هُوَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ لَهُمْ». [21]
إستدلّ بها بعض الفقهاء. [22] [23] [24] [25]
أقول: الروایة ضعیفة السند و تکون من المؤیّدات.