بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ مسوّغات الکذب

الثاني[1] : إرادة الإصلاح[2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11]

أقول: إنّ الإصلاح الخارجيّ قد یتحقّق و قد لا یتحقّق؛ فالمراد إرادة الإصلاح بین المتخاصمین و القول المناسب للإصلاح عرفيّ یعرفه العقلاء و العرف. و قد یحتاج الإصلاح إلی القول الکذب. و قد استفاضت الأخبار بجواز ذلك و أنّ المصلح لیس بکذّاب. و تأکید الآیات الکثیرة بالإصلاح بین الناس و بین النفوس المحترمة، سواء کانوا مؤمنین أو مسلمین، أو لا إن کانوا من النفوس المحترمة غیر المحاربین و من بحکمهم. و لا یحتاج جواز الکذب للإصلاح إلی أن یکون الکذب طریقاً منحصراً للإصلاح.

و قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «لا شبهة في جواز الكذب للإصلاح بين المتخاصمين في الجملة و تفصيل ذلك أنّ النزاع و البغضاء بين المتخاصمين تارةً يكون من كلا الطرفين بأن يكون كلّ منهما حرباً للآخر و قاصداً لإيقاع الضرر به و اُخرى يكون الحقد و النفاق من طرف واحد، كأن وشى[12] إليه تمام على أخيه كاذباً فحقد عليه و كلا القسمين مشمولان لإطلاق ما دلّ على جواز الكذب في مورد الإصلاح». [13]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

أدلّة جواز الکذب في الإصلاح

الدلیل الأوّل: الآیات

فمنها: قوله- تعالی: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ...﴾.[14]

قال المحقّق الخوئيّ(رحمة الله): «يمكن الاستدلال على جواز الكذب للإصلاح بقوله- تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ...﴾ أي أصلحوا بين المؤمنين إذا تخاصموا و تقاتلوا ﴿... وَ اتَّقُوا اللّٰهَ ...﴾ [15] في ترك العدل و الإصلاح ﴿... لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[16] فإنّ إطلاق الآية يشمل الإصلاح بالكذب أيضاً و حینئذٍ، فتكون الآية معارضةً لعموم ما دلّ على حرمة الكذب بالعموم من وجه و بعد تساقطهما في مادّة الإجتماع؛ أعني الكذب للإصلاح يرجع إلى البراءة أو إلى عموم المصلح ليس بكذّاب، فإنّه ينفي الكذب عن المصلح على سبيل الحكومة». [17]

أقول: کلامه(رحمة الله) متین.

و منها: قوله- تعالی: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾.[18]

و منها: قوله- تعالی: ﴿وَ إِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾. [19]

و منها: قوله- تعالی: ﴿وَ إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَ إِنْ تُحْسِنُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾. [20]


[1] من مسوّغات الكذب.
[2] الإصلاح بین الناس.
[3] .شرح الشيخ جعفر على قواعد العلاّمة ابن المطهر، كاشف الغطاء، الشيخ جعفر، ج1، ص54.
[4] .كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري) ط تراث الشيخ الأعظم، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، ص31.
[5] .غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب، المامقاني، الشيخ محمد حسن، ج1، ص123.
[6] .المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص90.
[7] .مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص636.
[8] .منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي، ج2، ص15.
[9] . رسالۀ آموزشی، الخامنه ای، السید علی، ج2، ص88.
[10] .المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص711.
[11] .الفتاوي الجديدة، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج2، ص181.
[12] أي: بدگویی کرد.
[13] .مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص636.
[14] حجرات/سوره49، آیه10.
[15] حجرات/سوره49، آیه10.
[16] حجرات/سوره49، آیه10.
[17] .مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص637.
[18] انفال/سوره8، آیه1.
[19] حجرات/سوره49، آیه9.
[20] نساء/سوره4، آیه128.