42/03/28
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التوریة
و منها: قَالَ الصَّادِقُ (ع): «الْيَمِينُ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ أَوْ يَحْلِفَ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ[1] . وَ الْأُخْرَى: عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَمِنْهَا مَا يُؤْجَرُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ إِذَا حَلَفَ كَاذِباً وَ مِنْهَا مَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَ لَا أَجْرَ لَهُ وَ مِنْهَا مَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِيهَا وَ الْعُقُوبَةُ فِيهَا دُخُولُ النَّارِ فَأَمَّا الَّتِي يُؤْجَرُ عَلَيْهَا الرَّجُلُ إِذَا حَلَف كَاذِباً وَ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، فَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ فِي خَلَاصِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَوْ خَلَاصِ مَالِهِ مِنْ مُتَعَدٍّ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ مِنْ لِصٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَ أَمَّا الَّتِي لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِيهَا وَ لَا أَجْرَ لَهُ فَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَجِدُ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْيَمِينِ فَيَتْرُكُ الْيَمِينَ وَ يَرْجِعُ إِلَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَ أَمَّا الَّتِي عُقُوبَتُهَا دُخُولُ النَّارِ فَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَوْ عَلَى حَقِّهِ ظُلْماً فَهَذِهِ يَمِينٌ غَمُوسٌ تُوجِبُ النَّارَ وَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا». [2]
إستدلّ بها الشیخ الأنصاريّ. [3]
أقول: حیث تدلّ علی الأجر للحلف الکاذب- و بطریق أولی للکذب- مضافاً إلی جوازه و عدم الکفّارة، سواء کان متمکّناً من التوریة أو لا.
و منها: صحیحة الحلبي
[4] عَنِ الرَّجُلِ[5] يَحْلِفُ لِصَاحِبِ الْعُشُورِ يُحْرِزُ بِذَلِكَ مَالَهُ؟ قَالَ (ع): «نَعَمْ». [6]
و منها: موثّقة زرارة
[7] عَنْهُ[8] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ[9] (ع) قَالَ: قُلْتُ إِنَّا نَمُرُّ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَيَسْتَحْلِفُونَّا عَلَى أَمَوَالِنَا وَ لَقَدْ أَدَّيْنَا زَكَاتَهَا، فَقَالَ: يَا زُرَارَةُ إِذَا خِفْتَ فَاحْلِفْ لَهُمْ بِمَا شَاءُوا. فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ بِطَلَاقٍ وَ عَتَاقٍ؟ قَالَ: «بِمَا شَاءُوا ...». [10]
أقول: حیث تدلّ علی وجوب الحلف الکاذب- و بطریق أولی علی وجوب الکذب- في صورة الخوف علی الأموال.
و منها: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ[11] وَ فَضَالَةُ[12] عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ[13] عَنْ زُرَارَةَ[14] قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ[15] (ع) نَمُرُّ بِالْمَالِ عَلَى الْعُشَّارِ فَيَطْلُبُونَ مِنَّا أَنْ نَحْلِفَ لَهُمْ وَ يُخَلُّونَ سَبِيلَنَا وَ لَا يَرْضَوْنَ مِنَّا إِلَّا بِذَلِكَ قَالَ(ع): «فَمَا حَلَفْتَ لَهُمْ فَهُوَ أَحَلُّ مِنَ التَّمْرِ وَ الزُّبْدِ[16] ». [17]
أقول: حیث تدلّ بإطلاقها علی وجوب الحلف الکاذب- و بطریق أولی علی وجوب الکذب- لحفظ الأموال، سواء تمکّن من التوریة أو لا.
کلام الشیخ الأنصاريّ في تعارض الروایات في المقام
قال (رحمة الله): «لو قيل بتوسعة الشارع على العباد بعدم ترتّب الآثار على الكذب فيما نحن فيه و إن قدر على التورية كان حسناً، إلّا أنّ الاحتياط في خلافه، بل هو المطابق للقواعد لو لا استبعاد التقييد في هذه المطلقات؛ لأنّ النسبة بين هذه المطلقات[18] و بين ما دلّ- كالرواية الأخيرة [19] و غيرها- على اختصاص الجواز بصورة الاضطرار المستلزم للمنع مع عدمه مطلقاً، عموم من وجه؛ فيرجع إلى عمومات حرمة الكذب، فتأمّل.
هذا مع إمكان منع الاستبعاد المذكور؛ لأنّ مورد الأخبار عدم الالتفات إلى التورية في مقام الضرورة إلى الكذب؛ إذ مع الالتفات فالغالب اختيارها؛ إذ لا داعي إلى العدول عنها إلى الكذب». [20]
إشکال المحقّق الإیروانيّ علی الشیخ الأنصاري
قال (رحمة الله): «لا مفهوم لحديث رفع الاضطرار[21] ؛ بل لا يشتمل إلّا على عقد سلبيّ و لا تعرّض للعقد الإثباتيّ و هو عدم الارتفاع مع عدم الاضطرار كي يعارض مفهومه هذه الأخبار بالعموم من وجه؛ فهذه الأخبار لا معارض لها يقتضي تقييدها لو لا استبعاد التقييد سوى مطلقات حرمة الكذب؛ فإنّ النسبة بينهما عموم من وجه. و بعد استبعاد التقييد فيها يتعيّن التقييد في الإطلاقات؛ بل و لو لا استبعاد التقييد فيها، كان مقتضى القاعدة جواز الكذب؛ لأنّ الإطلاقين متعارضان بالعموم من وجه و المرجع أصالة الحل.
و ممّا ذكرنا يظهر أنّ الإشكال فيما ذكره المصنّف من وجهين: الأوّل: جعل دليل نفي الاضطرار معارضاً لهذه الأخبار بالعموم من وجه، مع أنّه لا مفهوم لها كي يعارضها. الثاني: جعل المرجع إطلاقات حرمة الكذب، مع أنّ هذه الإطلاقات معارضة لها بالعموم من وجه؛ فإمّا يتعيّن تقييد الإطلاقات لاستبعاد التقييد في هذه الأخبار أو بعد التعارض و التساقط يرجع إلى أصالة الإباحة. و لعلّ أمره بالتأمل يشير إلى الوجهين». [22]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین.