41/08/24
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/الکذب /تعریف الکذب
المؤیّد للتعریف الثالث
ترى في العرف و العادة عدم إطلاق الكاذب على الخاطئ و المشتبه؛ فلا يقال لمن صنّف كتاباً مشتملاً على أحكام اجتهاديّة مخالفة للواقع: «إنّه كاذب» و لا لمن أخبر بإعطاء شيء لزيد غداً، فمنعه مانع عنه: «إنّه كذب و إن كان معذوراً». و لازم ذلك أن يكون أمثال ذلك خارجةً عن الصدق و الكذب بالمعنى المصدريّ[1] و إن لم تخرج عن أحدهما بمعنى حاصل المصدر؛ أي نفس الكلام.[2]
یلاحظ علیه: أنّه قد سبق الفرق بین صدق الخبر و صدق المخبر؛ فإنّ صدق الخبر مطابقته للواقع و صدق المخبر مطابقته لاعتقاد المتکلّم فقط. و أمّا کذب الخبر مخالفته للواقع و کذب المخبر مخالفته لاعتقاد المتکلّم أو مع مخالفته للواقع معاً.
الإشکال علی المؤیّد[هذا] إنّما نشأ من أدب العشرة و احتراز الناس عن استعمال لفظ يشعر بالذمّ أو يدلّ عليه و انتسابه إلى غيره و لو مع إرادة خلاف ظاهره و إقامة قرينة عليه. و الظاهر من قوله: «كذب فلان» أو «هو كاذب في مقالاته» أنّه كذب عمداً و لا أقلّ من إشعاره بذلك و هو نحو إهانة بالطرف أو خلاف أدب. فعدم انتساب الكذب، للإحتراز عن الإهانة. و لهذا نرى احترازهم عن ذلك مختلفاً باختلاف عظمة الطرف، فاستعمل الخطاء و الاشتباه و نحوهما مكانه و شاع الاستعمال، فصار منشأ لتوهّم عدم الصدق و إلّا، فلا ينبغي الإشكال في صدق الكاذب على من أخبر بكلام مخالف للواقع».[3]
یلاحظ علیه: بالملاحظة السابقة.
التعریف الرابعهو أنّه يشترط في صدق الخبر كلا المطابقتين- المطابقة للواقع و المطابقة للاعتقاد- و يلزم في الكذب كلا المخالفتين و ما عدا ذلك لا صدق و لا كذب؛ کما علیه الجاحظ.
أقول: لا دلیل علی ذلك. و هذا خلاف الوجدان؛ نعم، لایبعد أن یقال بأنّ صدق الخبر مطابقته للواقع و کذبه مخالفته للواقع و لکنّ المتکلّم الصادق من کان قوله مطابقاً للواقع و لاعتقاده و المتکلّم الکاذب من کان قوله مخالفاً لاعتقاده فقط.
الإشکال علی التعریف الرابعفيه أنّا نرى بالعيان و نشاهد بالوجدان و بحكم الضرورة انحصار الخبر بالصدق و الكذب و عدم الواسطة بينهما.[4]
أقول: کلامه(رحمه الله) متین.
دلیل التعریف الرابعقوله: ﴿أَفْتَرىٰ عَلَى اللّٰهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ ...﴾[5] فالكفّار حصروا أخبار النبيّ(ص) بالحشر و النشر في الافتراء و الإخبار حال الجنّة و على ذلك فالقسم الثاني؛ أَي الإخبار حال الجنّة غير الكذب؛ لأنّه جعل في الآية قسيمه و غير الصدق أَيضاً؛ لأنّهم لا يريدون أن يصفوا كلام النبيّ(ص) بالصدق كيف و هم من أعدائه؛ فليزم أن يكون هنا؛ أَي الإخبار حال الجنّة كلام لا صادق و لا كاذب و إن كان نفس الكلام مطابقاً للواقع.
یلاحظ علیه، أوّلاً: أنّ الکذب الخبريّ لا واسطة له؛ أي: الخبر إمّا صادق أو کاذب و أمّا المخبريّ فله واسطة، فالمخبر إمّا صادق (خبره موافق لاعتقاده) أو کاذب (خبره مخالف لاعتقاده) و إمّا لا صادق و لا کاذب إذا أخبر في النوم أو لا عن شعور و إرادة. و في الآیة الشریفة جعل الافتراء الذي هو الکذب مقابل أم به جنّة؛ فإن المخبر عندهم إمّا کاذب أو لا صادق و لا کاذب و لیس بصادق بادّعائهم و لا إشکال؛ کما سبق في التفریق بین الکذب الخبريّ و المخبري.
و ثانیاً: الافتراء کذب عن عمد و کذب خاصّ و جعل هذا الکذب عن عمد مقابل أم به جنّة الذي هو لیس کذباً عن عمد، بل کذب عن غیر عمد. و لایخفی أنّ هذا الجواب علی فرض عدم قبول التفریق السابق و علی فرض قبوله لایأتي هذا الجواب.
و ثالثاً: أنّ الکلام الصادر بلا شعور و إرادة لیس خبراً حتّی یتّصف بالصدق أو الکذب. و هذا الجواب علی فرض عدم قبول التفریق المذکور.