41/08/20
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/الکذب /تعریف الکذب
التعریف الثالث
إنّ ملاك صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر و لو كان ذلك الاعتقاد خطأ غير مطابق للواقع و كذب الخبر عدم المطابقة لاعتقاد المخبر كذلك؛ أَي و لو كان خطأً، فقول القائل: السماء تحتنا معتقداً ذلك صدق، و قوله: السماء فوقنا معتقداً خلافه كذب.[1]
أقول: قد سبق أنّه یمکن التفریق بین صدق الخبر و کون المتکلّم صادقاً؛ إذ صدق الخبر دائر مدار مطابقة الظاهر للواقع و عدمها، سواء کان حقیقةً أو مجازاً أو کنایةً، بخلاف صدق المتکلّم؛ فإنّه دائر مدار موافقة خبره لاعتقاده، فالجاهل المرکّب صادق في قوله و إن کان خبره کذباً و مخالفاً للواقع.
و لعلّ تعریف بعض الفقهاء یشیر إلی هذا، حیث قال(رحمه الله): «الصدق مطابقة الخبر للواقع وجداناً و الكذب مخالفته له كذلك ... إنّه قد يعلم المتكلّم بمطابقة كلامه للواقع و قد يعلم بعدم مطابقته له و قد يشكّ في ذلك. و الأوّل: صدق. و الثاني: كذب و الظاهر أنّ الأخير إمّا كذب موضوعاً أو ملحق به و يدلّ عليه إطلاق قوله(ص): «... كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِ مَا سَمِعَهُ ...»[2] .[3]
أقول: کلامه(رحمه الله) متین و في کلامه إشارة إلی التفریق بین المقامین (صدق الخبر و صدق المخبر).
الإشکالان علی التعریف الثالثالإشکال الأوّلإنّه لو أخبر أحد عن قضيّة لم يعتقد بوقوعها في الخارج و هي واقعة فيه، فإنّه على مسلك النظّام خبر كاذب، مع أنّه صادق بالضرورة.[4]
أقول: کلامه(رحمه الله) متین في الخبر؛ فإنّ الخبر صادق و إن کان المخبر کاذباً؛ لقوله علی خلاف اعتقاده.
الإشکال الثانيإنّ الصدق و الكذب من المفاهيم العرفيّة الواضحة و هما عبارة عن مقايسة ظاهر الكلام و مدلوله بالخارج، فإن طابقا، فهو صدق و إن خالفا، فكذب.[5]
أقول: المراد من الخارج هو الواقع و نفس الأمر، سواء کان في الخارج أو في الذهن. هذا صحیح في صدق الخبر، دون صدق المخبر، کما سبق.
الدلیل علی التعریف الثالثقوله- تعالى: ﴿إِذٰا جٰاءَكَ الْمُنٰافِقُونَ قٰالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّٰهِ وَ اللّٰهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللّٰهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنٰافِقِينَ لَكٰاذِبُونَ﴾[6] فاللّه- تعالى- يحكم عليهم بأنّهم كاذبون في قولهم: ﴿إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّٰهِ﴾ مع أنّه مطابق للواقع و لو كان الصدق عبارة عن المطابقة للواقع، لما صحّ هذا.[7]
أقول: هذا دلیل علی أنّ صدق المخبر فیما إذا طابق الاعتقاد و لاتلزم المطابقة للواقع، کما سبق.