41/08/19
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمة/الکذب /تعریف الکذب
التعریف الثاني
إنّ الصدق مطابقة الحكم للواقع و الکذب مخالفته له و أنّ رجوع الصدق و الكذب إلى الحكم أوّلاً و بالذات و إلى الخبر ثانياً و بالواسطة.[1]
أقول: لعلّ المراد منه هو توضیح التعریف الأوّل بأنّه الخبر الدالّ علی الحکم الموجب للتصدیق و کاشف عن الإرادة الجدّیّة. و بعد تحقّق هذه الأمور، فإن کان الحکم الحاصل من الخبر موافقاً للواقع، فهو صدق و إلّا فهو کذب. و المراد من الحکم ظاهراً هو القضیّة المعقولة و من الخبر القضیّة الملفوظة.
أقول: قال أهل المنطق: إنّ القضیّة علی قسمین: القضیّة المعقولة و القضیّة الملفوظة. القضیّة المعقولة هي التي تتحقّق في الذهن و تجلّیها و بروزها بالقضیّة الملفوظة و القضیّة الملفوظة إبراز للقضیّة المعقولة و یقال لها الخبر؛ فإذا لمتبرز و لمتظهر قضیّة لایطلق علیها الخبر[2] .
الإشکال علی التعریف الثانيقال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «إنّ التفتازانيّ فسّر قول صاحب التلخيص (صدق الخبر مطابقته للواقع) بمطابقة حكمه، فلا يخلو مراده منه عن أن يكون إمّا الحكم النفسانيّ و الإدراك بأنّ هذا ذاك أو غيره أو الإدراك بوقوع النسبة أو لا وقوعها؛ فيكون حاصل مراده أنّ إدراك النفس و حكمها بأنّ هذا ذاك أو إدراكه بوقوع النسبة أو لا وقوعها متّصف بالكذب أوّلاً و بالذات و لأجله يتّصف الخبر به. و فيه ما لا يخفى؛ فإنّ لازمه أنّ المخبر بقوله: «السماء تحتنا» مع اعتقاده بأنّها فوقنا لا يكون صادقاً و لا كاذباً و لا مقالته صدقاً و لا كذباً؛ لأنّ اعتقاده و إدراكه موافق للواقع و إخباره مخالف له و لاعتقاده؛ فلا يكون إخباره صادقاً لمخالفته لهما و لا كاذباً؛ لأنّ موصوفيّة الكلام بالكذب على هذا المبنى يكون ثانياً و بواسطة الإدراك النفسانيّ المخالف للواقع و ليس الأمر كذلك هاهنا، فتدبّر.
أو كان مراده من الحكم إيقاع المتكلّم و جعله الخبر للمبتدأ. و فيه أنّ هذا فعل المتكلّم و ليس له محكيّ يطابقه أو لا يطابقه.أو كان مراده منه النسبة الحكميّة و هو مع كونه خلاف ظاهرهم مقدوح فيه بأنّ النسبة الحكميّة التصوّريّة ليس لها واقع محكيّ يطابقها أو لا يطابقها و التصديقيّة منها عين الخبر؛ فإنّه ليس إلّا ما يحكي عن كون هذا ذاك أو هذا لذاك.و لو كان مراده منه الحكم بالوقوع أو اللاوقوع، يرد عليه- مضافاً إلى ما تقدّم- أنّ الحكم الكذائيّ مجرّداً عن متعلّقه لا يتّصف بالصدق و الكذب؛ بل لا تحقّق له و باعتبار متعلّقه يتّصف ثانياً و بالعرض بهما؛ لأنّ الجملة الخبريّة تدلّ على مفادها و لو لم يصدر من متكلّم شاعر، فالحكم بالوقوع و اللاوقوع لا دخالة له لاتّصافها بهما».[3]
یلاحظ علیه، أوّلاً: أنّ قوله(رحمه الله): «فيه ما لا يخفى؛ فإنّ لازمه أنّ المخبر بقوله: «السماء تحتنا» مع اعتقاده بأنّها فوقنا لا يكون صادقاً و لا كاذباً و لا مقالته صدقاً و لا كذباً» مورد الملاحظة، حیث إنّ المخبر بهذا الخبر إذا أعلن اعتقاده بقرائن نعقد الظهور طبقاً للقرائن و یکون صادقاً فقط، لا کاذباً. و أمّا لو أخفی اعتقاده، فیکون الظاهر هو مراده، فیکون کاذباً فقط، لا صادقاً؛ فلایصحّ حمل الصادق و الکذب للمخبر في آن واحد. و هکذا مقالته و خبره إن طابق الواقع، فهو صدق و إن خالفه، فهو کذب.
و ثانیاً: أنّ هذا الخبر کذب و الحکم المکشوف منه کذب فقط و قائله کاذب فقط.
کما قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «ما ذكره، فلا يخلو من وجهين: فأمّا أن يريد منه النسبة الحكميّة التصوّريّة، فهو لا يقبل الصدق و الكذب؛ لأنّ الصدق و الكذب راجعان إلى الكلام التام. و أمّا أن يريد منه الحكم بالوقوع و اللاوقوع، ففيه: أنّ الحكم بهذا المعنى أمر إنشائيّ لا يقع مقسماً للصدق و الكذب، فالأولى أن يقال: إنّ ملاك الصدق و الكذب هو مطابقة ظهوره و عدمها».[4]
أقول: کلامه متین.