41/06/13
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمه/القیافة /حکم القیافة تکلیفاً
و منها:[1] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[2] عَنْ أَبِيهِ[3] و عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ[4] جَمِيعاً عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ النُّعْمَانِ الصَّيْرَفِيِ[5] [6] [7] ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ جَعْفَرٍ[8] يُحَدِّثُ الْحَسَنَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ، لَقَدْ نَصَرَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا(ع)، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: إِي و اللَّهِ، جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ بَغَى عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ: إِي و اللَّهِ و نَحْنُ عُمُومَتُهُ[9] بَغَيْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَيْفَ صَنَعْتُمْ، فَإِنِّي لمأَحْضُرْكُمْ؟ قَالَ: قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ[10] و نَحْنُ أَيْضاً: مَا كَانَ فِينَا إِمَامٌ قَطُّ حَائِلَ[11] [12] [13] اللَّوْنِ. فَقَالَ لَهُمُ الرِّضَا(ع): «هُوَ ابْنِي». قَالُوا: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) قَدْ قَضى بِالْقَافَةِ، فَبَيْنَنَا و بَيْنَكَ الْقَافَةُ. قَالَ: «ابْعَثُوا أَنْتُمْ إِلَيْهِمْ، فَأَمَّا أَنَا فَلَا[14] و لَاتُعْلِمُوهُمْ لِمَا دَعَوْتُمُوهُمْ[15] و لْتَكُونُوا فِي بُيُوتِكُمْ[16] . فَلَمَّا جَاءُوا أَقْعَدُونَا فِي الْبُسْتَانِ[17] وَ اصْطَفَّ[18] عُمُومَتُهُ وَ إِخْوَتُهُ وَ أَخَوَاتُهُ وَ أَخَذُوا الرِّضَا(ع) وَ أَلْبَسُوهُ جُبَّةَ صُوفٍ وَ قَلَنْسُوَةً مِنْهَا وَ وَضَعُوا عَلَى عُنُقِهِ مِسْحَاةً[19] وَ قَالُوا لَهُ ادْخُلِ الْبُسْتَانَ كَأَنَّكَ تَعْمَلُ فِيهِ؛ ثُمَّ جَاءُوا بِأَبِي جَعْفَرٍ(ع) فَقَالُوا[20] أَلْحِقُوا هَذَا الْغُلَامَ بِأَبِيهِ؛ فَقَالُوا لَيْسَ لَهُ هَاهُنَا أَبٌ وَ لَكِنَّ هَذَا عَمُّ أَبِيهِ وَ هَذَا عَمُّ أَبِيهِ وَ هَذَا عَمُّهُ وَ هَذِهِ عَمَّتُهُ وَ إِنْ يَكُنْ لَهُ هَاهُنَا أَبٌ فَهُوَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ فَإِنَّ قَدَمَيْهِ وَ قَدَمَيْهِ وَاحِدَةٌ؛ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو الْحَسَنِ(ع) قَالُوا: هَذَا أَبُوهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ: فَقُمْتُ فَمَصَصْتُ[21] رِيقَ[22] أَبِي جَعْفَرٍ(ع) ثُمَّ قُلْتُ لَهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ إِمَامِي عِنْدَ اللَّهِ ...»[23] .
إستشهد بها بعض الفقهاء[24] [25] .
یلاحظ علیه، أوّلاً: أنّ الروایة ضعیفة السند.
و ثانیاً: تدلّ علی جواز الرجوع إلی القافة، حیث قال(ع): «إبعثوا أنتم إلیهم» و قوله(ع) «أمّا أنا فلا» لاتدلّ علی الحرمة، بل تدلّ علی المرجوحیّة فقط، بل یمکن أن یکون عدم رجوع الإمام(ع) إلی القافة لعلمه(ع) بالنسب و الرجوع لمن لمیعلم بذلك.
و ثالثاً: قوله: «قالوا فإنّ رسول الله(ص) قد قضی بالقافة فبیننا و بینك القافة قال ابعثوا أنتم إلیهم» تدلّ علی أنّ الشیعة في ذلك الزمان یعتقدون بقضاء رسول الله(ص) بقول القافة و الرضا(ع) لمینکر ذلك علیهم و لمیردعهم عن ذلك؛ بل قال ابعثوا إلیهم و قَبِلَ قضائهم في الجملة. و لعلّ ذلك لأهمّیّة مسألة الإمامة و لرفع الشبهة عن الذین یعتقدون بالقافة لمصلحة.
و رابعاً: إستبعاد قول عليّ بن جعفر ذلك الکلمات و الشبهة في قوله(ع) و البغي علیه(ع)، إلّا أن یقال بأنّ المحذور الذي واجهه الإمام(ع) واجهه عليّ بن جعفر أیضاً و جعل نفسه في المعترضین لإثبات الإمامة و إتمام الحجّة علیهم، لا لإقناع نفسه.
و خامساً: أنّ الإمام(ع) لعلمه بأنّ القافة یلحقونه به و یندفع بهم شبهة أعمامه و المنکرین رضی بذلك.
و سادساً: أنّ الحکم بإلحاق شخص بآخر یوجب ترتّب أحکام کثیرة؛ مثل: حلّ النظر و المیراث و تحریم النکاح. و ذلك کلّه یحتاج إلی دلیل شرعيّ قاطع. و هذا الخبر مع ضعف السند لایدلّ علی ذلك کلّه و إن کان یدلّ علی جواز الرجوع في صورة العلم بالإلحاق بما هو مقتضی القواعد الشرعیّة فقط، لا صورة المخالفة، فتأمّل.
قال الشیخ الأنصاريّ(ره): «نسب بعض أهل السنّة أنّ رسول الله(ص) قضى بقول القافة[26] [27] و قد أنكر ذلك عليهم في أخبارنا؛ كما يشهد به ما في الكافي عن زكريّا بن يحيى بن نعمان الصيرفي»[28] .
أقول: کلام الشیخ صحیح من حیث إنّه في هذه الروایة صرّح بقوله «أمّا أنا فلا» و هذه تدلّ علی أنّ الإمام(ع) لایعتنی بقول القافة و لایقضي بقولهم و أن لاتدلّ علی تحریم الرجوع إلیهم و لکن یلاحظ علیه بأنّه(ع) لمینکر و لمیردع النسبة إلی النبيّ(ص).
الإشکال علی کلام الشیخ الأنصاريلمنجد في الرواية ما يستشهد به لذلك[29] ، بل الظاهر منها أنّ الشيعة أيضاً كانوا يعتقدون بقضاء رسول اللّه(ص) بقول القافة و أنّ الرضا(ع) لمينكر عليهم ذلك. نعم یرد علی الروایة وجوه [ستأتي][30] .
أقول: قوله(ع) «أمّا أنا فلا» یدلّ علی عدم اعتناء الإمام(ع) بقولهم و عدم قبول قولهم و إن قَبِلَ قضائهم في المورد الخاص، لرفع الشبهة عن الإمامة فیما بعد لأهمّیّة المورد، لمصلحة.
کما قال المحقّق الإیروانيّ(ره): «لا شهادة في الرواية على إنكار ذلك على العامّة؛ بل الظاهر منها أنّ الخاصّة أيضاً كانوا يعتقدون بقضاء رسول اللّه(ص) بقول القافة. و أمّا قول الرضا(ع): «و أمّا أنا فلا» فلعلّه لأجل أنّه كان قاطعاً بنسب ابنه لايشكّ فيه، بل هو المتعيّن و إلّا لما أمرهم بالرجوع إلى القافة؛ بل نهاهم عنه و أنكر عليهم ذلك، إلّا أن يقال: إنّ أمر الإمامة لمّا كان مهمّاً و توقّف إثباته على ذلك، ساغ الرجوع إليهم. و مع ذلك في النفس من الرواية شيء؛ فإنّ الجماعة المذكورين لو كانوا معتقدين بإمامة الرضا(ع) كفاهم إخباره و لميتوقّفوا في قبول قوله حتّى يخبرهم القافة[31] »[32] .
أقول: قوله(ره) «فإنّ الجماعة المذکورین لو کانوا معتقدین بإمامة الرضا(ع) کفاهم إخباره ...» جوابه في الروایة موجودة، حیث قال: «لَقَدْ بَغَى عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ: «إِي و اللَّهِ و نَحْنُ عُمُومَتُهُ بَغَيْنَا عَلَيْهِ» و هذا اعتراف بالبغي و الظلم علی الرضا(ع) و لکن یشبه لیطمئنّ قلبي في إبراهیم(ع) مع التفاوت الکثیر بینهم و بین إبراهیم(ع).
و قال بعض الفقهاء(ره): «لو تمّت تلك الرواية المشار إليها عن الإمام الرضا(ع)، كانت دليلاً على حجّیّة قول القائف في إلحاق النسب، إلّا أنّها غير معتبرة سنداً»[33] .
أقول: لاتدلّ الروایة علی حجّیّة قول القائف؛ لقوله(ع): «أمّا أنا فلا»؛ بل أقصی ما دلّت علیه الروایة هو عدم حرمة الرجوع إلیهم مع عدم حجّیّة قولهم.
الإشکالان علی الاستدلال (الاستشهاد) بالروایةالإشکال الأوّلإنّها ضعيفة السند[34] .
أقول: کلامه(ره) متین.
الإشکال الثانيإنّها مخالفة لضرورة المذهب؛ فإنّها اشتملت على عرض أخوات الإمام و عمّاته على القافة و هو حرام لايصدر من الإمام(ع). و توهّم أنّ ذلك من جهة الاضطرار و هو يبيح المحظورات توهّم فاسد؛ إذ لمتتوقّف معرفة بنوّة الجواد(ع) للرضا(ع) على إحضار النساء[35] .
أقول: لیست الروایة مخالفة لضرورة المذهب، حیث إنّ الإمام(ع) لمیرجعهم إلی القافة، بل بعد البغي علیه و إیجاد الشبهة في الإمامة أرجعهم إلی القافة؛ لشدّة الحرج و وجود المصلحة المهمّة في الإمامة، لإتمام الحجّة علی الأمّة، کما ینکشف ذلك من قوله: «بغی» و من قوله: «أمّا أنا فلا» و من قوله: «أَلْبَسُوهُ جُبَّةَ صُوفٍ وَ قَلَنْسُوَةً مِنْهَا وَ وَضَعُوا عَلَى عُنُقِهِ مِسْحَاةً وَ قَالُوا لَهُ اُدْخُلِ الْبُسْتَانَ كَأَنَّكَ تَعْمَلُ فِيهِ». کلّ هذه الکلمات تشهد علی وضعیّة اضطراریّة حرجیّة و البغي علیه و قبول الإمام(ع) للضرورة و لرفع الاتّهام عن نفسه و عن ولده؛ لمصلحة إتمام الحجّة علیهم و علی أعقابهم و دفع المفسدة؛ مضافاً إلی أنّ الروایة موجودة في الکافي و قد تشهد الکلینيّ(ره) أنّه لایذکر فیه إلّا الآثار الصحیحة و هذه الشهادة بعد إتمام الکتاب، حیث قال: «و قد یسّر الله و له الحمد تألیف ما سألت» و ذکر هذه الروایة في کتاب الحجّة لإثبات إمامة الجواد(ع) و قرائن الصدق موجودة و إن لمنقل بصحّة کلّ ما في الکافي؛ لإمکان اختلاف اجتهاده و رأیه معنا في قبول الروایة، إلّا إذا کانت الروایة محفوفةً بقرائن الصدق. و لعلّ هذه من هذا القبیل و المستفاد منها علی فرض القبول جواز الرجوع إلی القافة بدون إثبات الحجّیّة لقولهم ـ کما صنع صاحب الحدائق ـ و لیست مخالفةً لضرورة المذهب -کما صنع السیّد الخوئی(ره)- فالروایة مؤیّدة لجواز الرجوع إلیهم و إن لمتثبت حجّیّة قولهم.
الحقّ: أنّ هذه الروایة ضعیفة السند؛ فلایصحّ الاستدلال بها و هي تؤیّد جواز الرجوع إلی القائف و لاتدلّ علی حجّیّة قوله و لا عدمها و لیست مخالفةً لضرورة المذهب. و بعد عدم الدلیل علی حجّیّة قوله، فلابدّ من تخصیص جواز الرجوع بما إذا لمیترتّب الأثر علی قوله. و المراد من الأثر ما ذکرناه سابقاً.