41/06/08
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمه/القیافة /حکم القیافة تکلیفاً
و منها: [[1] بِإِسْنَادِهِ[2] ] رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ[3] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ[4] (ع) قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(ع) يَقُولُ: «لَاآخُذُ بِقَوْلِ عَرَّافٍ وَ لَا قَائِفٍ وَ لَا لِصٍّ وَ لاأقْبَلُ شَهَادَةَ الْفَاسِقِ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ»[5] .
إستدلّ بها بعض الفقهاء[6] [7] .
أقول، أوّلاً: أنّ لفظة «لانأخذ» أو «لاآخذ» لاتدلّ عل الحرمة؛ بل ظاهرة في الکراهة فقط.
و ثانیاً: ظاهرة في کراهة الأخذ بقولهم أو حرمة الأخذ مع ترتیب الأثر بقولهم، لا مجرّد الرجوع إلیهم أو سماع کلماتهم.
و ثالثاً: ظاهرها عدم حجیّة قولهم ـ مثل قول الفاسق ـ لا حرمة الرجوع إلیهم و سماع کلماتهم بدون ترتیب الأثر.
قال بعض الفقهاء: «دلالة هذه [الرواية] على الحرمة - لو صحّ إسنادها - منصرفة إلى ما إذا رتّب عليها الأثر المخالف لمقتضى القواعد»[8] .
الإشکالان علی الاستدلال بالروایتینالإشکال الأوّلو إن كان المنهيّ فيها[9] إتيان القائف و الأخذ بقوله، إلّا أنّ المعلوم في الخارج أنّه لا وجه لحرمة إتيانه و الأخذ بقوله إلّا حرمة نفس القيافة، كما لا وجه لحرمة استماع الغناء و الغيبة إلّا حرمة نفس الغناء و الغيبة. فالاستدلال بتلك الأخبار أدلّ على خلاف المدّعى منه على المدّعى[10] .
أقول: لا دلیل علی حرمة استماع قول القائف؛ فإنّ الأخذ بقوله ظاهر في ترتیب الأثر ـ مثل استماع قول الفاسق ـ حیث لا حرمة فیه إلّا من حیث ترتیب آثار الحجّیّة، مع ترتیب الأثر الفقهي؛ فالقیاس مع الفارق.
الإشکال الثانيسلّمنا عدم دلالة النهي عن إتيانه و الأخذ بقوله على حرمته نفساً، إلّا أنّ إطلاق معقد سائر النواهي و الإجماع كافٍ في حرمته النفسيّة؛ مضافاً إلى الظاهر [ظاهر] سياقها و عدّها في عداد المكاسب المحرّمة نفساً لا غيراً؛ كالكهانة و القمار و الغيبة و الكذب[11] .
أقول: فهذه الروایة الثانیة لاتدلّ علی الحرمة أصلاً. و أمّا سائر الأدلّة، فسیأتي البحث عنها.
أقول: في قوله(ع) «لاآخذ بقول عرّاف و لا قائف» احتمالان:
الاحتمال الأوّل: أنّ العرّاف و القائف لاتقبل شهادتهما، لفسقهما. و قوله(ع): «لاأقبل شهادة الفاسق إلّا علی نفسه» من باب ذکر العامّ بعد الخاص. فعلی هذا الاحتمال تستفاد من الروایة حرمة فعل القائف و یمکن أن تستفاد بالملازمة حرمة الرجوع إلی القائف؛ لأنّ الرجوع إلیه تشویق إلی الحرام و موجب للفسق.
الاحتمال الثاني: لایقبل قول العرّاف و القائف، لعدم اعتبار کلامهما و عدم ترتّب الأثر علی کلامهما. فعلی الاحتمال الثاني لاتدلّ الروایة علی حرمة القیافة و تدلّ علی عدم حجّیّة قول القائف في القیافة فقط و لکن یقبل قوله في أمور أخری إن کان عادلاً.
فلاتدلّ الروایة علی حرمة القیافة؛ لأنّه إذا جاء الاحتمال، بطل الاستدلال.
و منها:[12] عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[13] عَنْ أَبِيهِ[14] و عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ[15] جَمِيعاً عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ النُّعْمَانِ الصَّيْرَفِيِ[16] [17] [18] ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ جَعْفَرٍ[19] يُحَدِّثُ الْحَسَنَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ، لَقَدْ نَصَرَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا(ع)، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: إِي و اللَّهِ، جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ بَغَى عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ: إِي و اللَّهِ و نَحْنُ عُمُومَتُهُ[20] بَغَيْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَيْفَ صَنَعْتُمْ، فَإِنِّي لمأَحْضُرْكُمْ؟ قَالَ: قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ[21] و نَحْنُ أَيْضاً: مَا كَانَ فِينَا إِمَامٌ قَطُّ حَائِلَ[22] [23] [24] اللَّوْنِ. فَقَالَ لَهُمُ الرِّضَا(ع): «هُوَ ابْنِي». قَالُوا: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) قَدْ قَضى بِالْقَافَةِ، فَبَيْنَنَا و بَيْنَكَ الْقَافَةُ. قَالَ: «ابْعَثُوا أَنْتُمْ إِلَيْهِمْ، فَأَمَّا أَنَا فَلَا[25] و لَاتُعْلِمُوهُمْ لِمَا دَعَوْتُمُوهُمْ[26] و لْتَكُونُوا فِي بُيُوتِكُمْ[27] . فَلَمَّا جَاءُوا أَقْعَدُونَا فِي الْبُسْتَانِ[28] وَ اصْطَفَّ[29] عُمُومَتُهُ وَ إِخْوَتُهُ وَ أَخَوَاتُهُ وَ أَخَذُوا الرِّضَا(ع) وَ أَلْبَسُوهُ جُبَّةَ صُوفٍ وَ قَلَنْسُوَةً مِنْهَا وَ وَضَعُوا عَلَى عُنُقِهِ مِسْحَاةً[30] وَ قَالُوا لَهُ ادْخُلِ الْبُسْتَانَ كَأَنَّكَ تَعْمَلُ فِيهِ؛ ثُمَّ جَاءُوا بِأَبِي جَعْفَرٍ(ع) فَقَالُوا[31] أَلْحِقُوا هَذَا الْغُلَامَ بِأَبِيهِ؛ فَقَالُوا لَيْسَ لَهُ هَاهُنَا أَبٌ وَ لَكِنَّ هَذَا عَمُّ أَبِيهِ وَ هَذَا عَمُّ أَبِيهِ وَ هَذَا عَمُّهُ وَ هَذِهِ عَمَّتُهُ وَ إِنْ يَكُنْ لَهُ هَاهُنَا أَبٌ فَهُوَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ فَإِنَّ قَدَمَيْهِ وَ قَدَمَيْهِ وَاحِدَةٌ؛ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو الْحَسَنِ(ع) قَالُوا: هَذَا أَبُوهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ: فَقُمْتُ فَمَصَصْتُ[32] رِيقَ[33] أَبِي جَعْفَرٍ(ع) ثُمَّ قُلْتُ لَهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ إِمَامِي عِنْدَ اللَّهِ ...»[34] .
إستشهد بها بعض الفقهاء[35] [36] .