41/06/07
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: المکاسب المحرمه/القیافة /حکم القیافة تکلیفاً
أدلّة القول الثاني (أدلّة حرمة العمل بقول القافة)
الدلیل الأوّل: الآیة.
قوله - تعالی: ﴿... إِنَّ الظَّنَّ لايغْني مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ...﴾ [1] .
إستدلّ بها بعض الفقهاء[2] .
أقول: استدلاله(ره) متین و لکن لاتشمل الآیة صورة حصول العلم بقول القافة و لاتدلّ الآیة علی حرمة الرجوع إلیهم؛ بل تدلّ علی عدم جواز العمل بقولهم لو حصل منه الظنّ و هذا بعض الصور من المدّعی.
الدلیل الثاني: الروایات.
فمنها:[3] حَدَّثَنَا أَبِي[4] قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ[5] عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ[6] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[7] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ[8] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ[9] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: مَنْ تَكَهَّنَ[10] أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ(ص) قُلْتُ: فَالْقَافَةُ. قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَهُم ...»[11] .
إستدلّ بها بعض الفقهاء[12] [13] .
أقول: هذه الروایة لاتدلّ علی حرمة الرجوع إلیهم، بل تدلّ علی الکراهة فقط.
قال بعض الفقهاء(ره): ««ما اُحبّ أن تأتیهم» محمول علی الکراهة»[14] .
أقول: کلامه(ره) متین.
و منها: [[15] بِإِسْنَادِهِ[16] ] رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ[17] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ[18] (ع) قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(ع) يَقُولُ: «لَاآخُذُ بِقَوْلِ عَرَّافٍ وَ لَا قَائِفٍ وَ لَا لِصٍّ وَ لاأقْبَلُ شَهَادَةَ الْفَاسِقِ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ»[19] .
إستدلّ بها بعض الفقهاء[20] [21] .
أقول، أوّلاً: أنّ لفظة «لانأخذ» أو «لاآخذ» لاتدلّ عل الحرمة؛ بل ظاهرة في الکراهة فقط. و ثانیاً: ظاهرة في کراهة الأخذ بقولهم أو حرمة الأخذ مع ترتیب الأثر بقولهم، لا مجرّد الرجوع إلیهم أو سماع کلماتهم. و ثالثاً: ظاهرها عدم حجیّة قولهم ـ مثل قول الفاسق ـ لا حرمة الرجوع إلیهم و سماع کلماتهم بدون ترتیب الأثر.
قال بعض الفقهاء: «دلالة هذه [الرواية] على الحرمة - لو صحّ إسنادها - منصرفة إلى ما إذا رتّب عليها الأثر المخالف لمقتضى القواعد»[22] .
الإشکالان علی الاستدلال بالروایتینالإشکال الأوّلو إن كان المنهيّ فيها[23] إتيان القائف و الأخذ بقوله، إلّا أنّ المعلوم في الخارج أنّه لا وجه لحرمة إتيانه و الأخذ بقوله إلّا حرمة نفس القيافة، كما لا وجه لحرمة استماع الغناء و الغيبة إلّا حرمة نفس الغناء و الغيبة. فالاستدلال بتلك الأخبار أدلّ على خلاف المدّعى منه على المدّعى[24] .
أقول: لا دلیل علی حرمة استماع قول القائف؛ فإنّ الأخذ بقوله ظاهر في ترتیب الأثر ـ مثل استماع قول الفاسق ـ حیث لا حرمة فیه إلّا من حیث ترتیب آثار الحجّیّة، مع ترتیب الأثر الفقهي؛ فالقیاس مع الفارق.
الإشکال الثانيسلّمنا عدم دلالة النهي عن إتيانه و الأخذ بقوله على حرمته نفساً، إلّا أنّ إطلاق معقد سائر النواهي و الإجماع كافٍ في حرمته النفسيّة؛ مضافاً إلى الظاهر [ظاهر] سياقها و عدّها في عداد المكاسب المحرّمة نفساً لا غيراً؛ كالكهانة و القمار و الغيبة و الكذب[25] .
أقول: فهذه الروایة الثانیة لاتدلّ علی الحرمة أصلاً. و أمّا سائر الأدلّة، فسیأتي البحث عنها.
أقول: في قوله(ع) «لاآخذ بقول عرّاف و لا قائف» احتمالان:
الاحتمال الأوّل: أنّ العرّاف و القائف لاتقبل شهادتهما، لفسقهما. و قوله(ع): «لاأقبل شهادة الفاسق إلّا علی نفسه» من باب ذکر العامّ بعد الخاص. فعلی هذا الاحتمال تستفاد من الروایة حرمة فعل القائف و یمکن أن تستفاد بالملازمة حرمة الرجوع إلی القائف؛ لأنّ الرجوع إلیه تشویق إلی الحرام و موجب للفسق.
الاحتمال الثاني: لایقبل قول العرّاف و القائف، لعدم اعتبار کلامهما و عدم ترتّب الأثر علی کلامهما. فعلی الاحتمال الثاني لاتدلّ الروایة علی حرمة القیافة و تدلّ علی عدم حجّیّة قول القائف في القیافة فقط و لکن یقبل قوله في أمور أخری إن کان عادلاً.
فلاتدلّ الروایة علی حرمة القیافة؛ لأنّه إذا جاء الاحتمال، بطل الاستدلال.