41/05/24
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمه/القیافه /حکم القیافة تکلیفاً
المقام الثاني: حکم القیافة تکلیفاً.
إختلف الفقهاء في حکم القیافة؛ فذهب بعض إلی حرمتها مطلقاً و ذهب بعض آخر إلی حرمتها إذا ترتّب علیها حرام و ذهب بعض إلی حرمتها إذا رتّب عليه محرّماً أو جزم بها و ذهب بعض آخر إلی حرمتها إلّا في الضرورة و بعض الفقهاء قائل بترك القیافة مطلقاً علی الأحوط الاستحبابيّ و بعض الفقهاء قائل بترك القیافة مطلقاً علی الأحوط الوجوبي.
هنا أقوال:القول الأوّل: حرمة القیافة مطلقاً[1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] .
أقول: لا دلیل علی حرمة القیافة إذا لمیترتّب علیها حرام و سیأتي وجوه لایصحّ الاستدلال بها و إن کانت مؤیّدات.
تنبیهلایخفی عليك أنّ مراد القائلین بالقول الأوّل هو کون حرمة القیافة نفسیّةً، لا غیریّةً؛ کما صرّح بعضهم بالحرمة النفسیّة[19] .
أقول: المناسب هو عدم شرعیّة القیافة و ذلك لما يلي:
الوجه الأوّل: قاعدة الفراش، حيث ورد عن النبيّ(ص) أنّه قال: «الولد للفراش و للعاهر الحجر»[20] و هذه قاعدة مسلّمة سنداً و واضحة دلالةً و ألفاظها تدلّ على أنّها صادرة من معدن العصمة و الطهارة.
و هذه القاعدة تدلّ على أنّه في حالة الشكّ ينتسب الولد دائماً للفراش؛ فإذا حصل زنا و شككنا أنّ الولد للزاني أو للزوج، فنقول هو لصاحب الفراش و هو الزوج، اللهمّ إلّا أن يحصل يقين بخلاف ذلك و لكن هذه قضيّة ثانية، أمّا هذه القاعدة فهي واردة في مورد الشك، فإنّ هذا هو مدلولها المطابقيّ و هي بالالتزام تدلّ على عدم شرعيّة ما سوى ذلك، إلّا أن يقوم دليل، فيصير مخصّصاً لقاعدة الفراش.
فقاعدة الفراش بمدلولها المطابقيّ تلحق الولد المشكوك بصاحب الفراش و بالالتزام تدلّ على نفي شرعيّة ما سوى ذلك. و من جملة ما سوى ذلك القيافة.
الوجه الثاني: اللعان[21] ، فنحن قرأنا في الفقه أنّه إذا قال الزوج إنّ هذا الولد ليس لي، ففي مثل هذه الحالة يبقى الولد ملحقاً به، إلّا أن يلاعن زوجته؛ فإذا لاعنها يدرأ بذلك الحدّ عن نفسه و ينتفي الولد عنه. هذا ما نستفيده من دليل تشريع اللعان بالدلالة المطابقة. و بالدلالة الالتزاميّة نستفيد أنّ ما سوى ذلك لايمكن الاستناد إليه، فلايمكن من خلاله نفي الولد. و من جملة ما سوى ذلك هو القيافة؛ فإذا كانت قواعد القافة تقول إنّ هذا الولد ليس لك فسوف ترفض مقالتهم و هذا مدلول التزاميّ لدليل تشريع اللعان.
الوجه الثالث: الآيات الناهية عن اتّباع الظن، فإنّها تدلّ على أنّ الظنّ ليس بحجّة، فالأدلّة الناهية عن اتّباع الظنّ هي إرشاد إلى عدم حجّيّة الظن. و من الواضح أنّ قواعد القافة و قولهم أقصى ما يورث لنا الظنّ دون اليقين. و معه فلايكون ذلك حجّةً بمقتضى هذه الآيات الناهية عن اتّباع الظن.
هذه وجوه ثلاثة يمكن التمسّك بها لنفي شرعيّة القيافة، إلّا أن یدلّ دلیل بالخصوص علی شرعیّتها.