41/05/10
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمه/القیادة /معنی القیادة
أدلّة القول الأوّل
الدلیل الأوّل: عموم ما دلّ على أخذ العقلاء بإقرارهم[1] [2] .
أقول: إنّه لا إشکال علی الاستدلال بالروایة الضعیفة - إن ثبت کونها الروایة- في المقام؛ لأنّ ضعفها منجبر بعمل الأصحاب بالروایة.
الدلیل الثاني: عدم الخلاف[3] [4] .
قال الفاضل الاصفهانيّ(ره): «في المراسم: و كلّ ما فيه بيّنة شاهدين من الحدود، فالإقرار فيه مرّتين[5] . و لم أعرف مستنده»[6] .
و قال المحقّق الخوئيّ(ره): «ما عن المراسم من أنّ كلّ ما يثبته شاهدان عدلان من الحدود فالإقرار فيه مرّتان، لا مستند له أصلاً»[7] .
أقول: یکفي في عدم الإجراء الشبهة في ذلك و تکفي في الشبهة الفحوی المذکور سابقاً.
و قال الشیخ النجفيّ(ره): «يثبت بالإقرار مرّتين مع بلوغ المقرّ و كماله و حرّيّته و اختياره بلا خلاف أجده فيه و كأنّه لفحوى اعتبار الأربع في ما تثبته شهادة الأربع. و لذا قال(ره) في محكيّ المراسم: «كلّ ما يثبته شاهدان من الحدود، فالإقرار فيه مرّتان»[8] و بناء الحدود على التخفيف؛ فالأصل عدم ثبوته إلّا بالمتيقّن الذي هو بالإقرار مرّتين المنزّل منزلة الشهادة على نفسه كذلك، فيكون كشاهدين»[9] .
أقول: کلامه(ره) متین.
الإشکالان علی کلام الشیخ النجفيالإشکال الأوّلإنّه لا محصّل لهذه الفحوى، كما لا يخفى؛ لأنّه على ذلك لم يبق مورد يكفي فيه الإقرار الواحد و يلزم أن لا يقبل الإقرار مرّةً واحدةً أبداً؛ فإنّ أيّ مورد فرض لا أقلّ في الشهادة به من اثنين، فأين يقبل الإقرار الواحد؟». إنّه لا مورد لهذا البناء[10] [11] .
أقول، أولاً: أنّ تحقّق الشروط من القصد و الاختیار و عدم الهزل و الإکراه بالإقرار مرّتین مسلّم و بإقرار واحد مشکوك و الحدود تدرأ بالشبهات.
و ثانیاً: فحوی اعتبار الأربع في ما تثبته شهادة الأربع و إن کان الفحوی غیر قطعیّة، لکن توجب الشكّ في إجراء الحدود.
و ثالثاً: أنّ الإقرار الواحد یکفي في غیر الحدود.
الإشکال الثانيإنّ تنزيل كلّ إقرار منزلة شهادة واحدة في الزنا و اللواط لا يوجب تسريته الى غيرهما من موجبات الحد، كما لا يوجب تسريته إلى الإقرار في مقام المرافعة إلى الحاكم بأن يكون ثبوت دعوى المدّعي بإقرار الخصم بمرّتين ليتمّ ما هو بمنزلة البيّنة على دعواه، خصوصاً مع ورود أنّ المرتكب إذا أقرّ عند الحاكم بارتكابه موجب الحدّ و لو مرّةً واحدةً يقيم عليه الحد. و في صحيحة الفضيل، قال: سمعت أبا عبد اللّه(ع) يقول: «مَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ بِحَقٍّ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ مَرَّةً وَاحِدَةً حُرّاً كَانَ أَوْ عَبْداً أَوْ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَيْهِ، الحديث»[12] . و على الجملة، دعوى أنّ ما دلّ على نفوذ الإقرار مطلقاً و نفوذه في الحدود -كالصحيحة- لا يمكن الأخذ به؛ لإعراض المشهور و التزامهم في الحدود بالتعدّد في الإقرار لا يمكن المساعدة عليها؛ فإنّ من المحتمل جدّاً أن يكون اعتبارهم الإقرار بالمرّتين للاحتياط في إجراء الحد، بملاحظة التنزيل الوارد في الإقرار بالزنا[13] .
أقول، أوّلاً: أنّ قوله(ره): «لا یوجب تسریته إلی غیرهما من موجبات الحدّ» مورد الملاحظة، حیث أنّ الحدود یحتاج إلی العلم بعدم التسریة و یکفي الشكّ في التسریة في درء االحدود.
و ثانیاً: أنّ الروایة مطلقة قیّدت في الزنا و اللواط للزوم المرّتین قطعاً و القیادة من فروعات الزنا، حیث إنّ في روایة عبدالله بن سنان التي ذکر فیها حدّ القیادة قال: «یُضرَبُ ثلاثة أرباع حدّ الزاني ...» فیعلم أنّ القیادة من فروعات الزنا و دونه في الحکم؛ فتحتمل التسریة، مع أنّ حدّ الواسطة أقلّ من شخص الزاني ظاهراً و الحدود تدرأ بالشبهات.
و ثالثاً: إعراض المشهور عن الروایة یوجب الشبهة في العمل بها في حدّ القیادة في الزنا الملحق بالزنا ظاهراً.
الإشکال علی الدلیل الثانياُدّعى عدم الخلاف أو عدم وجدان الخلاف في لزوم مرّتين و لا دليل عليه سوى شبهة الإجماع و درء الحدود بالشبهات و يشكل من جهة أنّه مع عموم الدليل و حجّيّته كيف يصدق الشبهة و الإجماع غير معلوم[14] .
أقول: إنّ الشبهة موجودة قطعاٌ و هي کافیة في عدم إجراء الحدود، کما سبق.
الدلیل الثالث: أصالة عدم الثبوت إلّا بالمتيقّن و المرّتان هما المتيقّن من الاتّفاق عليهما [15] .
أقول: کلامه(ره) متین.
قال السیّد السبزواريّ(ره): «أمّا اعتبار المرّتين، فلأصالة عدم الثبوت إلّا بالمتيقّن و المرّتان هما المتيقّن من الاتّفاق عليهما و بناء الحدود عليه. و ما جعلوه من القاعدة في الحدود أنّ كلّما يكتفی فيه بالشاهدين يكتفى فيه بالإقرار مرّتين و إلّا فمقتضى الإطلاق كفاية الإقرار مرّةً واحدةً»[16] .
أقول: قد سبق الجواب عن الإطلاق.
القول الثاني: إثبات القیادة بالإقرار مرّةً واحدةً[17] [18] [19] [20] .
قال إبن حمزة الطوسيّ(ره): «يثبت ... أو بإقراره[21] »[22] .
و قال المحقّق الخوئيّ(ره): «لا يبعد ثبوتها بالإقرار مرّةً واحدةً»[23] [24] .
دلیل القول الثانيإنّه لا دليل على ما ذهب إليه المشهور من اعتبار الإقرار مرّتين[25] .
أقول: و لا دلیل قطعيّ علی ثبوت حدّ القیادة بالإقرار مرّةً في القیادة للزنا التي هي من فروعات الزنا و یبعد جدّاً زیادة الفرع الی الأصل و ثبوت الزنا بالإقرار مرّتین و ثبوت حدّ الواسطة في الزنا بالإقرار مرّةً واحدةً. و هذه الشبهة و أمثالها ممّا سبق تکفي لدرء حدّ القیادة الموافق للاحتیاط.