41/05/09
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمه/القیادة /معنی القیادة
المراد من الجمع في المقام
قال بعض الفقهاء(ره): «الظاهر أنّه ليس المراد بالجمع مجرّد إراءة الطريق و هدايته إليها أو هدايتها إليه؛ کما أنّه ليس المراد هو تحقّق الجمع خارجاً و ترتّب الزنا عليه کذلك، بل مجرّد تهيئة مقدّمات الجمع و تحصيل أسبابه و تحقّق الجمع بعدها و إن لم يتحقّق الزنا خارجاً لجهة»[1] .
أقول: الظاهر أنّ المراد من الجمع هو السعي علی تحقّق الزنا عرفاً، مع تحقّقه خارجاً. و دلیل ذلك اللغة و العرف و الشرع، حیث إنّ القیادة لغةً متوقّفة علی تحقّق الزنا. و أمّا مع عدم تحقّقه، فلا قیادة للزنا لغةً و لا عرفاً و لا شرعاً. و لیس قصد القیادة أو تهیئة بعض المقدّمات قیادةً، خصوصاً بناءً علی عدم حرمة التجرّي و قبح الفاعلي، لا الفعلي، هذا أوّلاً.
و ثانیاً: أنّ البحث لیس في الحرمة؛ بل في ثبوت الحدّ شرعاً، مع أنّ الحدود تدرأ بالشبهات؛ فلا دلیل علی ثبوت الحدّ علی من قصد القیادة أو فعل المقدّمات و لو لم یتحقّق الزنا في الخارج لعلّة.
کما قال بعض آخر(ره): «إنّ الظاهر من الأخبار و كلمات الأصحاب كفاية الجمع بين فاعلي الفاحشة - بمعنى تهيئة مقدّمات العمل المحرّم، أعني الزنا مثلاً- في صدق القيادة و ترتّب الحدّ المذكور لها و إن لم يتحقّق الزنا خارجاً لعلّة»[2] .
أقول: لا دلیل علی ذلك، کما سبق.
و لکن اشترط بعض الفقهاء تحقّق القیادة بتحقّق الزنا[3] [4] .
أقول: هو الحق، کما سبق و تحقّق القیادة عرفي؛ فإذا تحقّق عرفاً ترتّب علیها الحدّ و لکن لو انکشف عدم تحقّق الزنا في الخارج، فلا یترتّب الحدّ شرعاً.
طرق إثبات القیادةالطریق الأوّل: البیّنة (شهادة الشاهِدَین العدلین)[5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] . و هو الحق؛ للأدلّة الدالّة علی قبول شهادتهما من الروایات و عدم الخلاف في ذلك.
قال الفقعانيّ(ره): «يثبت بشهادة رجلين عدلين، لا بشهادة النساء مطلقاً»[21] [22] [23] .
الدلیلان علی الطریق الأوّل
الدلیل الأوّل: عموم ما دلّ على قبول شهادتهما.
قال الفاضل الاصفهانيّ(ره): «یثبت بشهادة رجلين عدلين؛ لعموم ما دلّ على قبول شهادتهما من غير مخصّص[24] »[25] .
و قال السیّد السبزواريّ(ره): «أمّا الثبوت بشهادة العدلين، فلظهور الإطلاق[26] »[27] .
الدلیل الثاني: عدم الخلاف[28] [29] (الاتّفاق)[30] .
و قال الشهید الثاني(ره): «تثبت ... أو بشهادة شاهدين ذكرين عدلين»[31] .
و قال(ره) في کتابه الآخر: «تثبت ... و بشهادة عدلين و لا تقبل فيه شهادة النساء انفردن أو انضممن»[32] .
الدلیل علی عدم اعتبار شهادة النساء في المقامقال المحقّق الخوئيّ(ره): «تثبت القيادة بشهادة رجلين عادلين و لا تثبت بشهادة رجل و امرأتين و لا بشهادة النساء منفردات؛ لما تقدّم من عدم قبول شهادة النساء إلّا في موارد خاصّة و ما نحن فيه ليس من تلك الموارد»[33] .
أقول: کلامه(ره) متین.
کما قال بعض الفقهاء(ره): «أمّا عدم اعتبار شهادة النساء منفردات أو منضمّات، لما تقدّم في كتاب الشهادات أنّه لا اعتبار بشهادتهنّ في الحدود و ذكرنا أنّ شهادتهنّ لا تكون طريقاً الى ثبوت الارتكاب. و أمّا إذا حصل العلم للحاكم في مقام من شهادتهنّ لبعض القرائن، يكون الثبوت بعلمه، لا بشهادتهن»[34] .
أقول: کلامه(ره) متین.
الطریق الثاني: الإقرار.
هنا قولان:القول الأوّل: إثبات القیادة بالإقرار مرّتين[35] [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] . و هو الحق؛ لعموم ما دلّ علی أنّ إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز المنجبر ضعفه بعمل الأصحاب و عدم الخلاف في ذلك. و أمّا کون الإقرار مرّتین فلفحوی اعتبار الأربع في ما تثبته شهادة الأربع؛ مع أنّ الحدود تدرأ بالشبهات؛ فلابدّ من الأخذ بالقدر المتیقّن؛ لبناء الحدود علی التخفیف و الاحتیاط في الدماء و الأعراض و الأموال و إجراء الحدود منها. و یکفي الشكّ في جواز الإجراء في عدم الجواز و الاحتیاط.
قال المحقّق الحلّيّ(ره): «يثبت بالإقرار مرّتين مع بلوغ المقرّ و كماله و حرّيّته و اختياره»[45] [46] .
أقول: کلامه(ره) متین.
و قال العلّامة الحلّيّ(ره): «يشترط في المقرّ البلوغ و العقل و الحرّيّة و الاختيار و القصد»[47] .
کما قال الإمام الخمینيّ(ره): «يعتبر في الإقرار بلوغ المقرّ و عقله و اختياره و قصده؛ فلا عبرة بإقرار الصبيّ و المجنون و المكره و الهازل و نحوه»[48] .
أقول: کلامه(ره) متین.
و قال السیّد السبزواريّ(ره): «يشترط في المقرّ البلوغ و العقل و القصد و الاختيار؛ لكون ذلك كلّه من الشرائط العامّة لكلّ إقرار و لا عبرة بإقرار الصبيّ و المجنون و الهازل و المكره؛ لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط»[49] .
أقول: کلامه(ره) متین.
و قال الفقعانيّ(ره): «يثبت ... و بالإقرار مرّتين من أهله، فلا يقبل إقرار الصبيّ و المجنون»[50] .
و قال الشهید الثاني(ره): «تثبت بالإقرار مرّتين من الكامل -بالبلوغ و العقل و الحرّيّة- المختار -غير المكره»[51] .
و قال الفاضل الاصفهانيّ(ره): «لا يقبل إقرار الصبيّ و لا المجنون؛ لأنّهما ليسا من أهله»[52] .
و قال الشیخ النجفيّ(ره): «يثبت بالإقرار مرّتين مع بلوغ المقرّ و كماله و اختياره؛ فلا عبرة بإقرار الصبيّ و المجنون و المكره؛ لسلب العبارة في الأوّلين و ما دلّ على اعتبار الاختيار في نحوه في المکره»[53] .
أدلّة القول الأوّلالدلیل الأوّل: عموم ما دلّ على أخذ العقلاء بإقرارهم[54] [55] .
أقول: إنّه لا إشکال علی الاستدلال بالروایة الضعیفة - إن ثبت کونها الروایة- في المقام؛ لأنّ ضعفها منجبر بعمل الأصحاب بالروایة.
الدلیل الثاني: عدم الخلاف[56] [57] .
قال الفاضل الاصفهانيّ(ره): «في المراسم: و كلّ ما فيه بيّنة شاهدين من الحدود، فالإقرار فيه مرّتين[58] . و لم أعرف مستنده»[59] .
و قال المحقّق الخوئيّ(ره): «ما عن المراسم من أنّ كلّ ما يثبته شاهدان عدلان من الحدود فالإقرار فيه مرّتان، لا مستند له أصلاً»[60] .
أقول: یکفي في عدم الإجراء الشبهة في ذلك و تکفي في الشبهة الفحوی المذکور سابقاً.