41/03/21
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: المکاسب المحرمة/القمار /حكم اللعب و المسابقة بغير آلات القمار بلا عوض
المسألة الثالثة: ما حكم اللعب و المسابقة بغير آلات القمار بلا عوض؟
تحریر محلّ النزاع
ذهب بعض الفقهاء إلی حرمة اللعب و المسابقة بغیر عوض في غیر آلات المعدّة للقمار إلّا في الموارد المنصوصة؛ أي الخفّ أو الحافر أو النصل و ذهب بعض آخر إلی الجواز مطلقاً.
هنا قولان:
القول الأوّل: الحرمة إلّا في الموارد المنصوصة[1] .
قال العلّامة الحلّيّ(رحمه الله): «لا تجوز المسابقة على المصارعة، لا بعوض و لا بغير عوض».[2]
أدلّة القول الأوّل
الدلیل الأوّل
الحصر المستفاد من قولهم(علیهم السلام):«لَا سَبَقَ [سبْق] إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ[3] ».
قال الفاضل المقداد(رحمه الله):«هل تحرم مع عدم المال؟ الأصحّ نعم؛ لأنّ قوله(ص)«لا سبق» روي بسكون الباء و فتحها، فعلى الأوّل هل يضمر المشروعيّة؛ أي لا سبق مشروع؛ لأنّه أقرب إلى الحقيقة و حينئذٍ يكون دالّاً على تحريمها[4] أو يكون مجملاً محتملاً للمشروعيّة و الفضيلة و حينئذٍ يكون الاحتياط مقتضياً للتحريم أيضاً. و على الثاني و هو فتح الباء يدلّ على تحريم العوض لا على تحريمها».[5]
و قال السیّد الطباطبائيّ(رحمه الله):«يحتمل قويّاً لصحّة النسخة الثانية من سكون الباء. و دلالتها علىٰ عدم الصحّة بل و علىٰ الحرمة ظاهرة؛ لعدم إمكان إرادة نفي الماهيّة؛ فليحمل على أقرب المجازات و هو إمّا نفي جميع أحكامها التي منها الصحّة و المشروعيّة أو نفيهما خاصّةً؛ لأنّه المتبادر من نفي الماهيّة بلا شبهة».[6]
أقول: إنّ السَبَقَ بمعنی المال المبذول للسابق و السَبْق بمعنی المسابقة.
إشکال بعض الفقهاء علی الاستدلال بالروایة
قال المحقّق الأردبیليّ(رحمه الله):«لا دلالة في الخبر- على الوجهين- على التحريم أمّا على الأوّل لأنّه قد يقال معناه أن لا لزوم أو لا يملك للسبق و العوض إلّا في هذه الثلاثة من بين الأسباق و الأفعال التي يسابق عليها، فلا يدلّ على تحريم الفعل و الملاعبة مع العوض و الرهانة أيضاً؛ بل لا يدلّ على تحريم العوض أيضاً، و هو ظاهر. و أمّا على الثاني فلأنّه يحتمل أن يكون معناه- حیث أنّ السبق بالسکون مصدر سبق- أن لا اعتداد لسبق في أمثال هذه الأمور إلّا في هذه الثلاثة أو أنّه لا يجوز الملاعبة بالسبق و المسابقة إلّا في هذه الثلاثة؛ فلا يدلّ على تحريم الفعل من غير رهانة و قمار؛ بل الأخير يدلّ على تحريم هذا إلّا أنّ معناه أن لا مشروعيّة و الجواز للسبق إلّا للسبق في هذه الأمور الثلاثة؛ فإنّ هذه المعنى و إن كان يمكن فهمه و لكن ليس بنصّ فيه و لا ظاهر، فإنّه يحتاج الى تقدير؛ بل إخراج السبق الذي هو مصدر سبقه يسبقه عن معناه و جعله بمعنى فعل يمكن فيه، مع عدم ظهور سندها».[7]
أقول: کلامه(رحمه الله)متین. و الظاهر أنّ معنی الروایة مثل قول النبيّ(ص):«لا صلاة لجار المسجد إلّا في مسجده»[8] و أمثالها؛ أي لا صلاة فاضلةً کاملةً لجار المسجد إلّا في المسجد. و هنا نقول لا سبق کامل إلّا في هذه الثلاثة؛ فلا تدلّ علی الانحصار في الحلّیّة، بل کمال السبق في ذلك الزمان في هذه الاُمور. و أمّا في زماننا هذا فالسبق الکامل في المسابقة علی تعلیم القرآن و قرائته و الاُمور المطلوبة شرعاً أو عقلاً. و هذا المعنی موافق للعقل و لبناء العقلاء و الشرع.